صياغة تركية لحركة "عدم انحياز إقليمية" مركزها العراق
شفق نيوز/ ذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن السياسة التي باتت تركيا تتبعها في المنطقة، بما في ذلك إزاء العراق بعد الزيارة الأخيرة للرئيس رجب طيب أردوغان، تظهر تركيز أنقرة على مفهوم جديد يركز على التعاون الإقليمي وإيلاء الأهمية للعلاقات الثنائية، في توجه مشابه لنظام حركة عدم الانحياز التي نشأت فيما بعد الحرب العالمية الثانية.
وأوضح التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن الزيارة "التاريخية" التي قام بها أردوغان إلى العراق، تظهر أن تركيا تتبنى مفهوماً جديداً للسياسة الخارجية، بالسعي إلى التعاون الإقليمي مع التركيز على العلاقات الثنائية، وهو مفهوم يقوم على ركيزتين، هما سياسة خارجية موجهة نحو الاقتصاد، والتعاون مع دول المنطقة من خلال المنافع المتبادلة.
ولفت التقرير إلى أنه من خلال ذلك، فإن تركيا تطرح رؤية من أجل دفع السياسة الإقليمية في الشرق الأوسط، مذكراً بأن تركيا تواصلت، قبل العراق، مع مصر والسعودية والإمارات، مشيراً إلى أن الشرق الأوسط يواجه تحديات عديدة، ما يستدعي توجهاً إيجابياً جديداً.
وبعدما أشار التقرير إلى أن تركيا تحولت إلى "دولة نموذجية" في المنطقة قبل انتفاضات الربيع العربي، إلا أنه لفت إلى توازن سياستها الخارجية تبدل منذ ذلك الوقت حيث أن تطورات الحرب السورية، والنزاعات حول ليبيا وشرق البحر المتوسط، والصراع الروسي الأوكراني، ساهمت في تركيز تركيا في أولوياتها على إدارة الأزمات في سياستها الخارجية.
وتابع التقرير أنه فيما ظلت هذه الأزمات بلا حلول، إلا أنه جرى تعزيز فكرة السيطرة والتوازن، في حين نجحت تركيا في الاستفادة من نفوذها في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومثلث إيران – إسرائيل – أمريكا، كما أن التفوق الذي حققته تركيا لنفسها مع أذربيجان في نزاع ناغورنو كاراباخ، عزز اليد الإقليمية لأنقرة.
وبرغم ذلك، فإنه فيما يتعلق بتركيا وإيران، فإن التنافس الإقليمي ما يزال مستمراً، ويعتبر العراق وسوريا ساحات رئيسية لهذا التنافس، لكنه لفت إلى أن تركيا خاضت محادثات مع إيران وسوريا وروسيا حول القضايا الإقليمية، وهي تتجه الآن نحو العراق.
وذكر التقرير أنه "منذ الاحتجاجات المعارضة للحكومة في العراق في العام 2019، فقد كان من الصعب تجاهل استياء الرأي العام من نفوذ إيران في البلد، إلا أنه بينما ضعف النفوذ الإيراني في العراق منذ اغتيال الولايات المتحدة للقائد الإيراني قاسم سليماني في العام 2020، فإن أنقرة لا تسعى إلى استبعاد طهران".
وأوضح التقرير أن تركيا تسعى بدلاً من ذلك لكي تحافظ إيران على دور إقليمي، وأنما تكون خاضعة للرقابة، لأنه كلما ابتعدت إيران عن العملية، كلما أصبحت "أكثر عدائية"، مضيفاً أنه في ظل مثل هذا السيناريو، فأنه سيكون من الصعب تطوير مفهوم التعاون الإقليمي التي تريده أنقرة.
واعتبر التقرير أن تبني حكومة محمد شياع السوداني برنامج عمل لحكومته يستند على التنمية الاقتصادية والخدمات، ساهم في تراجع نفوذ إيران، وأصبحت الحكومة العراقية تتحدث عن التقدم الاقتصادي والتنمية المستدامة أكثر من السياسة، وهو ما يلقى قبولاً واسعاً بين العراقيين والسياسيين، خصوصاً بعد انتخابات العام 2021، ومحاولته تطوير علاقات متوازنة مع جيرانه ودول المنطقة.
وبعدما قال التقرير إن العراق يمثل قاعدة عمليات لسياسات إيران في الشرق الأوسط، ولهذا فإن طهران لا تريد خسارته بالكامل، مضيفاً أن إيران تعمل على تخفيف الضغط في العراق، وهو ما يقدم فرصة ممتازة لتركيا للتعاون مع العراق، حيث يعملان على الحفاظ على التوازن فيما يتعلق بإيران دون استبعادها تماماً.
وخلص التقريرالبريطاني إلى القول إن تركيا "ربما تسعى إلى إقامة ما يشبه حركة عدم الانحياز التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، حيث من الممكن أن يكون العراق هو مركز هذه الحركة، ولهذا السبب منحت تركيا أهمية كبيرة لعلاقاتها الثنائية، حتى أنها اتخذت زمام المبادرة لحل المشاكل السياسية الداخلية في العراق".
وتابع التقرير قائلاً إن بإمكان تركيا أن تقوم بهذا الدور من خلال القيام بوساطة والمساعدة في تسوية المشاكل بين بغداد وأربيل، مشيراً إلى أن ذلك كان أحد أهداف زيارة أردوغان إلى أربيل إلى جانب بغداد.
وختم التقرير بالإشارة إلى احتمال أن نرى خلال الشهور المقبلة، دولاً إقليمية أخرى مثل السعودية والأردن وقطر والإمارات، تتقدم لدعم المبادرة الاقتصادية التي طورتها تركيا والعراق، في ظل الحديث عن عن إمكانية دمج إيران، أو حتى سوريا، في نهاية المطاف في مشروع "طريق التنمية" الذي سيصبح بالتالي مساهماً رئيسياً في الاستقرار في الشرق الأوسط.
ترجمة وكالة شفق نيوز