شفق نيوز تفتح ملف الأورام الخبيثة ومعاناة "محاربي السرطان" في بغداد (صور)

شفق نيوز تفتح ملف الأورام الخبيثة ومعاناة "محاربي السرطان" في بغداد (صور)
2025-04-29T07:49:35+00:00

شفق نيوز/ لم يجد المواطن، حسن علوان البهادلي، البالغ (42 عاماً) والمصاب بسرطان الرئة بدلاً من بيع بيته لإجراء عملية استئصال ورم الرئة الذي أصابه على حين غرة.

يقول حسن لوكالة شفق نيوز، إنه لم يكن يقوى على تحمل أعباء الكلف المالية التي تترتب على عملية استئصال الورم وما يتبعها من علاجات كيمياوية مكلفة.

ويؤكد، أن كلفة العملية تتجاوز 35 ألف دولار، وأنه طرق أبواب المستشفيات الحكومية لغرض إجراء العملية دون جدوى، إذ أخبروه بعدم توفر سرير شاغر، وهناك عدد كبير من المرضى الذين ينتظرون دورهم بإجراء عمليات مماثلة.

وينوّه حسن، إلى انه حصل على موعد لإجراء عملية استئصال الورم السرطاني بمدينة الطب ولكن بعد 4 أشهر، وهي مدة يراها لا تسمح له بالاستمرار في العيش، لأن المرض يكون وقتها قد انتشر واستفحل ولن تكون هناك ثمة جدوى من إجراء العملية، وهو ما دفعه للتوجه إلى مستشفى خاص.

"إهمال" حكومي

قد يكون حسن أوفر حظاً من المواطن، سعدون هليل، البالغ (55 عاماً)، الذي أُصيب بذات المرض، ورقد في مستشفى الكاظمية لمدة شهرين، لم يزره خلالها طبيب الأورام إلا مرة واحدة في كل أسبوع، وذلك لعدم وجود طبيب اختصاص أورام في تلك المستشفى وأنهم يأتون به استقدام من مدينة الطب ليوم واحد في الأسبوع، وإذا صادف هذا اليوم عطلة فأنه يجب عليه الانتظار إلى الأسبوع الذي يليه.

وبحسب زوجته سميعة عبد الحسين، لم يعطَ زوجها خلال رقوده في المستشفى أي علاجات سوى المهدئات فقط، حتى استفحل المرض وانتشر في مواضع عديدة من جسده، وهو ما دفع أطباء المستشفى إلى إخراجه لمنزله لأن حالته لم تعد تسمح بإجراء أي عملية له.

ووفق سميعة، توفي سعدون بعد أقل من شهر بعد خروجه من المستشفى بسبب عدم اهتمام الكوادر الصحية الحكومية بحالته، وعدم توفر المال اللازم لعلاجه في المستشفيات الأهلية.

ويعاني المصابون بالأورام الخبيثة والسرطانات المختلفة من تأخير في إجراء العمليات والحصول على حجوزات بسبب الازدحام الشديد وقلة الكوادر الطبية التي لا تنسجم مع أعداد المرضى.

نحو نصف الموازنة للسرطان

ويوضح مدير الإعلام في مدينة الطب، واثق الجابري، أن مدينة الطب تضم مستشفى الأمل للأورام ومركز زرع النخاع النقي وفحص الدم، وثمة ردهات رجالية ونسائية، فضلاً عن مركز بغداد للإشعاع وهو متخصص بالأورام السرطانية والفحوصات الدقيقة المختلفة.

ويؤكد الجابري لوكالة شفق نيوز، أن مركز زرع النخاع النقي وفحص الدم يعد من المراكز الفريدة في العراق وتم افتتاحه عام 2023، وأن مدينة الطب تشرع حالياً ببناء مركز مشابه بسعة 150 سريراً لسرطان الأطفال، لافتاً إلى أن أكثر من 45% من موازنة وزارة الصحة المالية تخصص للأمراض السرطانية.

ويشير الجابري، إلى أن الجرع الكيمياوية التي يقدمها المستشفى تختلف من مريض لآخر بحسب الحالة المرضية، فيما تتم إجراء عمليات رفع الأورام النسائية والرجالية، وأن جميع الفحوصات والعمليات التي يتم إجراؤها تكون مجانية.

ولتفادي الزحام والمراجعات من قبل المصابين بأورام سرطانية، يتم التسجيل والحجز إلكترونياً من قبل المرضى، ويتمتع المصابون بالأورام بأولوية من ناحية الفحوصات والعمليات والعلاجات بما فيها الفحوصات النادرة ومنها فحص "كاما كاميرا" و"بيتا سكان" وفق الجابري.

ويتابع، تم افتتاح ردهة في الطابق الثالث من مستشفى الأمل مخصصة لزرق العلاج الكيمياوي اليومي، وثمة توجيه بأن يتم استخدام الطبلة الإلكترونية الخاصة بالمريض بدلاً عن الطبلة الورقية، ويتم بموجبها إجراء جميع الفحوصات وتشخيص الحالة، مبيناً، أنه تم قبل فترة قصيرة افتتاح المختبر الوطني في مدينة الطب لتشخيص الأورام السرطانية الذي يستقبل المرضى من جميع محافظات العراق ويستوعب مختلف الفحوصات الطبية.

وعلى الرغم من الجهود الحكومية في معالجة مرضى الأورام السرطانية وافتتاح مراكز متخصصة، لكنها تبقى عاجزة عن استيعاب أعداد المصابين بالأمراض السرطانية.

تطور في الفحص والعلاج

ويؤكد طبيب الأورام بمستشفى الأمل بمدينة الطب، أحمد عبد القادر، حصول تطور ملموس خلال العامين الماضيين في مجال فحص الأورام السرطانية وتشخيصها وتوفيرعلاجات لم تكن موجودة سابقاً.

ويضيف عبد القادر لوكالة شفق نيوز، أن العلاجات الخاصة بالأورام مكلفة جداً لكنها تصرف مجاناً للمرضى، وقد فتحت هذه العلاجات آفاقاً جديدة للشفاء من الأمراض السرطانية، ويشير إلى توفر أجهزة العلاج الشعاعي التي دخلت العراق مؤخراً وهي ذات تقنيات متطورة ساعدت على شفاء عدد كبير من الحالات.

ويلفت عبد القادر، إلى أن العلاج الشعاعي كان يقتصر على مستشفى واحد ببغداد فقط، أما الآن فيوجد أكثر من 13 مركزاً في عموم العراق، فيما سيتم استحداث العديد من العلاجات الكيمياوية والإشعاعية.

ويعد مستشفى الأمل للأورام صغيراً للغاية بالمقارنة مع الزخم الكبير، ووفق القادر، فقد تم توسعة ردهة العلاج الكيمياوي على أن يتم قريباً بناء مستشفى آخر يلحق بمستشفى الأمل.

ويشير عبد القادر إلى أن الدراسات العالمية الحديثة تظهر أن سرطان الثدي هو أكثر السرطانات شيوعاً لدى النساء، فيما يحتل سرطان الرئة المركز الأول في الأورام السرطانية التي تصيب الرجال.

وسجل العراق عام 2022 نحو 39 ألفاً و68 إصابة بأمراض سرطانية مختلفة، وأجرى مركز زراعة النخاع النقي وفحص الدم بمدينة الطب أكثر من 400 عملية زرع ذاتي منذ عام 2013، فيما جرت لأول مرة في العراق عملية زرع نخاع لمتبرع عام 2022.

ويؤكد معاون مدير مركز أمراض الدم، مازن عباس، لوكالة شفق نيوز، أن إجراء عمليات زرع النخاع النقي لمتبرعين وصلت إلى أكثر من 30 عملية زرع منذ عام 2013 وجميعها مجانية.

ويضيف عباس، أن وزارة الصحة وضعت برنامجاً لإخلاء بعض الحالات إلى الخارج، وتم بالفعل إخلاء أكثر من ألفي شخص لإجراء عمليات زرع ذاتي ومتبرع منذ عام 2011، مشيراً إلى أن أنواع السرطان التي تحتاج لعمليات زراعة العظم، هي سرطان الدم والغدد اللمفاوية وسرطانات الدم المزمنة.

وتترواح كُلف عمليات زرع النخاع النقي بين 30 إلى 50 ألف دولار، ويتم إجراؤها مجاناً في المركز حسب معاون المدير.

معاناة المرضى في المستشفيات الحكومية

وعلى الرغم من الخدمات الطبية والأجهزة المتطورة التي تم إدخالها في القطاع الصحي، إلا أن ثمة مشاكل تواجه مرضى السرطان في المستشفيات الحكومية، أوجز بعضها معاون مدير المركز، بقلة عدد الأسرّة والحاجة الماسة إلى كوادر طبية وتمريضية متخصصة، إضافة إلى توفير الأدوية والمستلزمات الخاصة بعمليات الزرع والتي تعد شحيحة، وهو ما يتطلب استقدام فرق طبيبة تجلب معها الأدوية والمستلزمات التي لا تتوفر في العراق.

ويلفت الى أن هناك شحة في توفر بعض المواد الخاصة بالتحاليل، وهو ما يؤثر وبشكل كبير على عمليات الزرع، فضلاً عن نفاد بعض الأدوية الخاصة من المستشفيات الحكومية.

ويتطلب رقود المرضى المصابين بأمراض سرطانية في المستشفى مدة لا تقل عن شهر وقد تصل إلى شهرين أو أكثر لتلقي العلاج.

ويقول المريض الراقد بمستشفى الأمل جاسم طاهرالبالغ (57 عاماً)، أنه مكث شهراً بعد إجراء عملية استئصال ورم خبيث، ويتلقى حالياً العلاج الكيمياوي أسبوعياً.

ويوضح طاهر لوكالة شفق نيوز، أن الخدمة التي يقدمها المستشفى جيدة وهناك عناية خاصة من حيث زيارة الطبيب المختص وانتظام العلاج.

فيما تقول المريضة، سناء عليوي، لوكالة شفق نيوز، إن التأخير عادة ما يكون في إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية، وأن أكثر ما يقلق المرضى هو تأخير موعد العمليات، لأن معالجة هذه الأمراض لا تحتمل التأجيل، مؤكدة، أن المستشفيات الخاصة مُكلفة للغاية، وليس أمام المرضى من محدودي الدخل سوى الامتثال للواقع وتقبل العلاج في المستشفيات الحكومية.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon