"سيد الجاسوسية في بغداد": بعض أسرار "الصقور" والبصري والارهاب
شفق نيوز/ يسلط الكتاب الصادر حديثا "سيد الجاسوسية في بغداد" الضوء على الكثير من عمل الاستخبارات في العراق وشبكة المتعاونين والجهود التي تبذل للنيل من قادة التنظيمين الإرهابيين، القاعدة وداعش. وذلك للمؤلفة الاميركية مارغريت كوكر، الحائزة على جوائز صحافية وسبق لها العمل في بغداد لسنوات عديدة.
وتستكمل مارغريت كوكر التي كانت مديرة مكتب صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية في بغداد، وغطت العراق ايضا لصالح صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية، رواية تفاصيل الاحداث بحسب شهادات ضباط عسكريين وجنود وصناع القرار.
الشخصيات الأربع
وتقول مارغريت كوكر في الكتاب، انه "في حقبة تمتلك فيها الجيوش الوطنية الاسلحة الاكثر تطورا تكنولوجيا في العالم، فإن قتل الإرهابيين سهل. العثور عليهم غالبا ما يكون التحدي الأكبر".
وتركز كوكر في كتابها على أربعة أشخاص: أبو علي البصري، الضابط العسكري الذي عينه رئيس الحكومة نوري المالكي كرئيس لجهاز "الصقور" الاستخباراتي، والشقيقين مناف وحارث السوداني اللذين انضما الى "الصقور"، وأبرار القبيسي، الابنة المتطرفة لأستاذ جامعي مكفوف.
وبحسب الناقد نيفيل جيبسون الذي قام بقراءة نقدية لكتاب "سيد الجاسوسية في بغداد" لموقع "إن بي آر" النيوزيلندي، وترجمته وكالة شفق نيوز، فإن الروايات الخاصة لكل من هذه الشخصيات الاربع، متداخلة وتتضمن الكثير من التفاصيل الاجتماعية والدينية وغيرها على مدى عقدين من الزمن. وهذه الخلفية، تكشف الهوة العميقة في بغداد بين الطبقة الوسطى السنية التي ازدهرت في عهد صدام حسين، والشيعة الأفقر، الذين تولى زمام السلطة في مرحلة ما بعد الغزو العام 2003.
وعلى سبيل المثال، فإن الشقيقين السوداني اختارا الالتحاق بالجيش لتطوير مكانتهما الاجتماعية والاقتصادية، في حين ان أبرار اعتنقت ايديولوجية داعش لانه بدا لها انها الوسيلة الوحيدة لمقاومة الغالبية الشيعية.
ابو علي البصري
اما خلفية ابوعلي البصري الذي كان قياديا في حزب الدعوة المعارض لنظام صدام حسين، وخرج الى المنفى وانتهى به الامر مستقرا في السويد. وبعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة العام 2003، عاد الى العراق مجددا.
وجاءت ترقيته لقيادة خلية الصقور بعد العام 2006 بعدما أدرك ان بامكانه ان يكسب ثقة ودعم القوات التي تقودها الولايات المتحدة اذا تمكن من تحقيق "نتائج"، لم تتمكن القوات الاجنبية من تحقيقها.
وقد تحقق ذلك بالنسبة اليه عندما تمكن من ملاحقة العقل المدبر لتفجير فندق القناة وهو هجوم لم تحل الغازه، في العام 2003. وكان الفندق مقرا للامم المتحدة وغيرها من منظمات الاغاثة الدولية التي تعمد على اعادة الاعمار في مرحلة ما بعد صدام حسين.
وتسبب الهجوم في مقتل المبعوث الدولي البرازيلي سيرجيو فيرا دي ميلو الذي تحولت قصة حياته الى فيلم وثائقي وسينمائي، تحت اسم "سيرجيو". وكنتيجة لهذه الهجوم فان الامم المتحدة ومنظمات دولية اخرى اعلنت انسحابها من العراق.
وتمكنت خلية الصقور من تحديد المشتبه به، وهو طيار مدني سابق، متعاطف مع تنظيم القاعدة، حول بيته الى مقر لخلية تنسيق الهجوم التفجيري. وقد تمكن من مقاومة التحقيق الذي اجراه معه الاميركيون الى ان ادركوا انهم يحتجزون شقيقه ايضا. وتمكن ابوعلي البصري من استغلال هذه النقطة وفي نهاية المطاف تمكن من الحصول على المعلومات التي يريدها.
وواصلت خلية الصقور مطاردتها لقادة التنظيمات الارهابية السنية، وتمكنت في النهاية من التخلص من القاعدة. وقد حل داعش مكان القاعدة، وتمكن من اقامة قواعد له في شرق ايران، وفي سوريا المجاورة.
وتمكنت كوكر من حياكة هذه الاحداث من خلال الشقيقين السوداني وتبني أبرار للاسلام المتطرف، وتتقاطع قصصهم في مخطط رباعي الاضلاع، فيما اعتقلت أبرار لدورها في عمليات انتحارية. وتدخل رواية كوكر جزئها الاكثر بشاعة، وهي لا تبخل في تغطيتها لوحشية نظام داعش في خلافته المعلنة، كما في تفاصيل رواية المخبر حنيف الذي ينكشف أمره ويتعرض لاسوأ انواع التعذيب الى حين وفاته، ويتم لاحقا الاكتشاف انه تم تصويره بكاميرا هاتف.
نهاية داعش
وانتهى كابوس داعش في العام 2019 عندما قادت قوة الصقور القوات الاميركية الى زعيم داعش ابو بكر البغدادي الذي توارى في مخبأ سري في ادلب في سوريا، بالقرب من الحدود التركية. وعكست هذه التفاصيل بعض ما جرى مع زعيم القاعدة اسامة بن لادن الذي اكشتف مخبأه في باكستان.
وحصل ذلك فيما استكملت القوات العراقية، مدعومة بالغارات الجوية، التخلص من داعش في الموصل وبقية انحاء العراق. اما أبو بكر البغدادي، فقد كان مسؤولا عن مقتل 100 الف مدني.
وتترك كوكر قصتها هنا، فيما يلتقط العراق قطع البلد المكسر، ويأمل بأن نهاية التمرد السني، سيجلب سلاما دائما.
وختم التقرير بالقول انه من خلال اختيارها لشخصية ابوعلي البصري، كرجل صاحب عزيمة وسمعة عالية، فان كوكر تقدم سببا للعراقيين الذين يستحقون ان يكونوا أحفاد حضارة بلاد ما بين النهرين.