"سوق العاملات الأفريقيات" في العراق ظاهرة ترف وتفاخر طبقي
شفق
نيوز- بغداد
بات
مرافقة العاملة الأفريقية بملامحها المميزة، للعائلة العراقية في الأسواق أو الأماكن
العامة مشهداً مألوفاً كونه علامة ثراء وترف في المجتمع.
ويقول
سلام كيطان، يعمل مقاولاً ويبلغ (40 عاماً) إن زوجته رهنت بقاءها معه باستقدام
عاملة أجنبية متعلمة و"بملامح مقبولة لتتباهى بها أمام أقاربها وصديقاتها
بفسحة الدلال والرفاهية التي يوفرها زوجها لها، وبالفعل ذهبتُ إلى أحد مكاتب
استقدام العاملات بصفة مدبرة منزل أو خادمة".
ويضيف
كيطان لوكالة شفق نيوز: "تعاقدتُ مع المكتب على توظيف إحداهن بمنزلي، الأمر
الذي أضفى نوعاً من الراحة والرفاهية في المنزل، حيث تتولى الخادمة إدارة شؤونه
بدءاً من التنظيف وصولاً لاستقبال الضيوف".
ويشير
إلى أن "استقدام الخادمة لا يخلو من التبعات المالية أو الصحية، حيث إن
استقدام العاملة يتطلب دفع مبلغ مالي يتراوح بين 3 و7 آلاف دولار تُدفع للشركة،
فضلاً عن راتب شهري 250 إلى 300 دولار شهرياً، بالإضافة إلى الفحص الطبي الدوري
ودفع أجور الإقامة التي لا تقل عن 500 ألف دينار عراقي".
يُضاف
إلى ذلك بحسب كيطان "تذكرة الطائرة بعد انتهاء عقد العمل لتعود إلى منزلها،
وكل تلك الأموال تدفع مقابل إكسسوار للتعبير عن الثراء والرفاهية وهو أمر بات
منتشراً في الأوساط المجتمعية في العراق".
أما
المحامية سارة البحراني (40 عاماً) فترى أن العاملة الأجنبية سهّلت عليها مواصلة
عملها بعدما تمكنت من توظيف أفريقية تهتم بوالدتها المقعدة منذ سنوات، ما تسبب في
ضياع فرص عمل بسبب انشغالها بوالدتها.
وتشير
البحراني خلال حديثها لوكالة شفق نيوز إلى أن الأمر تغير كثيراً بعدما وجدت من
يهتم بذلك ويقدم الرعاية "مدفوعة الثمن" مع الاهتمام بشؤون المنزل
والالتزام بالتوصيات، "الأمر الذي عجزت عنه بعض العاملات العراقيات اللاتي كن
يترفعن عن تنظيف المنزل وإدارة شؤونه".
وتحقق تجارة استقدام العاملات أرباحاً كبيرة للقائمين عليها، حيث يقول سيف الدبي صاحب أحد المكاتب في بغداد إن "استقدام عشرات العاملات سواء من دول أفريقيا (غانا، نيجيريا، غينيا، إثيوبيا) أمراً ليس بالسهل حيث يتم التنسيق مع مكاتب عمالة خاصة في تلك الدول لإرسال العشرات من الراغبات بالعمل كخادمة في العراق مقابل مبالغ مالية لتأمين تذاكر الطيران وطعام لحين وصولهن للمكتب الذي يتضمن ملحق مبيت وإيواء الخادمات لحين توقيعهن عقود عمل مع عائلات مختلفة".
ويوضح
الدبي لوكالة شفق نيوز أن "مدة العقد سنتان قابلة للتمديد حسب رغبة العاملة،
لكن ما يلاحظ أن أغلبهن يجددن العقود للبقاء مدة أطول وجني أرباحاً أكبر".
ويكشف
أن "بعض العاملات يعانين من مشاكل نفسية لا يفصحن عنها لكن مع أول أسبوعين
عمل يتبين لنا أنها تعاني من مشاكل نفسية، ففي أحد المرات وقّعت إحدى عاملاتنا عقد
عمل تجريبي مع إحدى العائلات في بغداد، وبعد أسبوعين أعادها مالكها مطالباً
باسترجاع أمواله لأن العاملة ضربت ابنه الصغير وأرعبت زوجته حيث بدأت بالصراخ
وتحطيم أغراض المنزل بذريعة اشتياقها لأولادها وعند عرضها على الطبيب تبين أنها
تعاني من أمراض نفسية وأُعيدت لبلادها".
أما
مهيمن الرديني صاحب مكتب آخر في بغداد فيقول إن "توفير الخادمة بات شرطاً
مهماً لدى بعض العائلات مقابل القبول بتزويج بناتهم".
ويضيف
الرديني لوكالة شفق نيوز أن "أكثر المراجعين للمكتب هم من المخطوبين أو الذين
يرومون الزواج للحصول على عاملة (صغيرة ورشيقة وبيضاء البشرة ذات ملامح مقبولة
وتجيد اللغتين العربية والإنكليزية) على اعتبار أن العاملة بتلك المواصفات تعكس
حجم ثراء العائلة على عكس العاملة السمراء".
ويبلغ
إجمالي الوافدين كعمالة أجنبية إلى العراق بشكل رسمي "47 ألف عامل" بحسب
المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية حسن خوام، مؤكداً لوكالة
شفق نيوز أن "بيانات هؤلاء مدونة لدى دائرة العمل والتدريب المهني، أما أعداد
الوافدين غير الرسمي فلا توجد إحصائية لهم".
من
جهته أوضح مصدر في وزارة الداخلية العراقية أن "أعداد العاملات الأجنبيات في
داخل البلاد مجهول، كما أن كشوفات منح سمة دخول ومغادرة للاتي وقّعن عقود خدمة
أصولية سواء بالعمل كخادمة أو مدبرة منزل لا تمثل إحصاءً دقيقاً".
ويعزو
ذلك خلال حديثه لوكالة شفق نيوز إلى أن "البعض يرفض تجديد إقامة العاملة
هرباً من دفع الرسوم بالإضافة إلى تقاعس أغلب أصحاب المكاتب عن استيفاء كل ضوابط
العمل".
ويشير
في نهاية حديثه إلى أن "تفعيل نافذة بوابة (آور) الإلكترونية في تسجيل
الوافدات ومنح براءة ذمة للعاملات المغادرات فهذا سيوفر إحصاءات دقيقة للعاملات
الأجنبيات اللواتي يُستقدمن إلى البلاد".