سلاح الصدر الإعلامي "صالح محمد العراقي": يغرد بما لا يقوله "القائد"
شفق نيوز/ يتابع فلاح الصدري، كما يُحب أن يُطلق عليه، هاتفه النقال متأملاً تغريدة جديدة لـ"صالح محمد العراقي" أو ما بات يعرف بـ"وزير القائد"، وهو يرى أن كل تغريدة فيها من "التوجيهات" ما يمكن أن تدعم الصدريين قبل وأثناء وبعد "انتفاضة عاشوراء"، أمام الإعلام الموجه من خصمهم الحالي "الإطار التنسيقي".
وزير القائد يوجهنا
ويجد فلاح (أبو مؤمل)، وهو يسكن إحدى قطاعات مدينة الصدر، شرقي بغداد، إن "الحاج صالح هو بمثابة البوصلة التي توجهنا بعد الزعيم مقتدى الصدر ضد الطبقة السياسية الحاكمة وهو الذي يستقي ما ينشره بالتأكيد، وفق فلاح، من القائد بشكل مباشر، وما علينا نحن الصدريين سوى الطاعة وتلبية النداء".
ويضيف الشاب الصدري لوكالة شفق نيوز إنه "لا يعرف شخصياً الحاج صالح محمد العراقي ولكنه يعلم انه الموجه الرئيس بعد الزعيم مقتدى الصدر لانتفاضة عاشوراء وما قبلها وما بعدها وأنه نجح في كسر كل التوجهات الإعلامية المناوئة لحراكنا من قوى الإطار التنسيقي"، مبينا أن "كل تغريدة ممكن أن تغير الوضع وتعطي دافعاً جديداً لتحرك الجماهير الصدرية"
يغرد "الوزير" بما لا يقوله "القائد"
المتتبع للشأن العراقي يجد في أتباع التيار الصدري ما يسمونه "طاعة" كبيرة لزعيمهم مقتدى الصدر، وهو ما توضح بشكل جلي عند اقتحام البرلمان وما سبقه من أحداث كان لأنصار التيار فيها قبولاً تاماً بتوجيهات زعيمهم وما تصدره صفحة "صالح محمد العراقي" أيضاً، فعبرها كانت تصدر أوامر الانسحاب، والتأييد، والمباركة لكل تحرك جماهيري وعلى أساس ما يصدر منها، يتحرك جمهور الصدر.
ويبدو أن هذه الصفحة، وحسب مواطنين صدريين، حاورتهم وكالة شفق نيوز "تقول ما لا يجب أن يقوله الصدر بنفسه"، ومنها مفردات تعبر عن "الصدر نفسه ولكن بلسان وزيره"، مثل مصطلح "الثالوث الإطاري المشؤوم"، وهو مصطلح استخدمه "وزير القائد" وتردد حسب المنصات الصدرية إنه يقصد مناوئيه من "دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم".
وكذلك اقحامه للأسطورة الأرجنتينية مارادونا في "إسقاط" تجربته في المباراة على الواقع العراقي، وهو ما يعده الصدريون "واقعاً جديداً ترسمه صفحة وزير القائد بهذه التغريدات التي تحاور الجميع، وتصل الى الأتباع بسرعة، وتكسر قيود الدبلوماسية، وتجعل منه الحدث وما يصدر بعدها هي ردود الفعل، في آنٍ واحد".
وحتى بعد أحداث يوم (29-30) آب الماضي ومع إعلان اعتزال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر السياسة وعودته "لإطفاء نار المواجهات" داخل المنطقة الخضراء بمؤتمر صحفي عقده في الحنانة بمحافظة النجف، ورغم اغلاق صفحة "وزير القائد" مع اعلان هذا الاعتزال الا انها عاودت الظهور لتفسر مصطلحات وردت في خطاب الصدر، بل وزاد الأمر بمطالبات سياسية أيضا وصلت إلى حد الاقتراح بتنحية رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض لأسباب أوردها "الوزير" آنذاك.
شخصية افتراضية .. واقعية .. أم أكثر من صالح ؟
لا يبدو أن هناك أحداً يعرف شخصياً "صالح محمد العراقي" أو على الأقل لا يوجد اتفاق على تحديد هوية هذه الشخصية إلا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وفي ظل تكتم صدري بشأنها، ورؤية البعض انها قد تكون بوابة صدرية "معنوية افتراضية" لإصدار أوامر مقتدى الصدر بشكل آخر، يجد آخرون أن هذه الشخصية لها وجودها الحقيقي وهي "محل ثقة" زعيم التيار الصدري.
ولصعوبة الحصول على إجابة رسمية، رغم محاولات وكالة شفق نيوز مع مكاتب الصدر، إلا أن "هذه الشخصية، وكما يبدو وفق الرؤية الصدرية، "يجب أن تبقى في إطارها الحالي وطي الكتمان".
ولمحاولة التقرب من هذه الشخصية، راجعت وكالة شفق نيوز عدداً من مقاطع الفيديو تتحدث عن شخصية صالح محمد العراقي، وأبرزها لقاء تلفزيوني أجري مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نشر على موقع يوتيوب بتاريخ (24 / 2 / 2020)، يطلب فيه مقدم البرنامج اللقاء المباشر مع صالح محمد العراقي، فيما يرد الصدر بـ"رفضه لعقد هذا اللقاء" وينصحه بتجنبه" من دون تبيان الأسباب ليغلق الحديث عند هذا الحد.
وفي لقاء آخر للقيادي السابق في التيار الصدري بهاء الأعرجي فإنه يثير "مزيداً من الجدل بشأن هذه الشخصية"، إذ يقول فيه إن "صالح محمد العراقي ليس شخصية وانما 4 أشخاص، اثنان منهم يسكنون النجف والآخران في بغداد، وانهم لا ينشرون إلا باطلاع مباشر من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر".
فيما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات ومنشورات تفيد بأن يكون المقرب من الصدر ورئيس الكتلة الصدرية السابقة حسن العذاري هو "صالح محمد العراقي"، لم يتسنَ لوكالة شفق نيوز التأكد من دقتها، ومن ضمنها حساب على موقع تويتر يدعى (المُلا) وهو مقرب من النائب السابق فائق الشيخ علي إذ أكد هذا الكلام بتغريدة نشرها في 14 / 11 / 2021 مؤكدا كلامه بأنه "على مسؤوليته"
كما ترى منصات وشخصيات مقربة من الإطار التنسيقي أن "شخصية دينية معممة قريبة من الصدر هي من تدير هذه الصفحة وتدعى توفيق الغانمي"، يرى أخرون أن علي مؤمل الصدر أبن شقيق مقتدى الصدر، هو صاحب صفحة (صالح محمد العراقي).
ويبدو أن هذه "الافتراضات" ستبقى في مكانها ما لم يرفع الصدريون الغطاء عن شخصية "وزير القائد" الحقيقية.
آلة الإطار الإعلامية أمام صفحة "الوزير"
وفيما يبدو أن لكل تحرك ما يجعله يزداد ويقدم زخما أكبر، فإنه يمكن أن "صفحة صالح محمد العراقي على موقع تويتر "نجحت" في أمرين مهمين وهما "المحافظة على الزخم الصدري في ساحات الاحتجاج، ما قبل أحداث (29-30) آب 2022، بتغريدات متواصلة، والتي بدأت منذ اليوم الأول لاحتجاجهم المسمى (انتفاضة عاشوراء)"، بل أن "هذه الصفحة تقربت من جمهور الصدر المعروف بأنه من المناطق الشعبية ويمثل فئة الفقراء والطبقة البسيطة الكادحة في المجتمع العراقي عبر عبارات كانت لها صدى عند الجمهور وتفاعلها مع كل الأحداث بشكل يومي، خصوصاً مع ما يسميه الصدريون بـ(الثورة)"، وكان لها دور أيضاً في مرحلة ما بعد أحداث المنطقة الخضراء.
أما الأمر الثاني هو "نوع من التفوق" يسجل لهذه الصفحة في مواجهة الإعلام الفضائي والإذاعي لمناوئيه من أطراف الإطار التنسيقي، الذي يضم مجموعة من القوى السياسية الشيعية.
"الوزير" في نظر الإطار ليس صالحاً: اوقفوه
هذا "النجاح"، الصدري في المواجهة الإعلامية الحالية لم يكن مجرد "تغريدات وتوجيهات صدرية"، ومحاولة الإطار الرد على الصدريين لم تتوقف عند حدود السياسة بل امتدت لتشمل صفحة "وزير القائد" كجزء من مبادرة "اطارية" تناولته ضمن معادلة تشكيل الحكومة المقبلة.
إذ كشف مصدر سياسي مطلع لوكالة شفق نيوز، في 26 اب 2022، عن تفاصيل مبادرة جديدة تقدم بها الإطار التنسيقي الجامع للقوى الشيعية باستثناء التيار الصدري جديدة لحل الانسداد القائم بين الإطار والتيار واستعداد الاطار للتنازل عن ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء والتحاور مع التيار الصدري والاتفاق على ترشيح شخصية تحظى بقبول الكتل السياسية لتولي هذا المنصب، وأن كل هذا يكون مقابل أن يلتزم التيار الصدري بعدة شروط وهي انسحابهم من مجلس النواب، وعلى أن تشكل الحكومة بأقرب وقت وتجري الانتخابات المبكرة بعد مرور سنة على تشكيل الحكومة الجديدة".
وبيّن أن "من أهم الشروط هي إغلاق صفحة صالح محمد العراقي أو ما تعرف بوزير القائد أو عدم زج الصفحة في الصراعات السياسية وتحريك الشارع وتهديد السلم الأهلي، وعدم تهديد الحكومة او البرلمان أو السلطة القضائية في الفترة بعد تشكيل الحكومة باقتحام الخضراء مجدداً".
وزير مقابل وزير .. الفرق في الاعتراف
ومع "الاعتراف" الصدري الواضح بصفحة صالح محمد العراقي عبر اتباع تعليماته وما ينشره من خلال الجمهور الصدري، برزت صفحة أخرى كأنها جاءت رد فعل على "وزير القائد الصدري"، وهي صفحة "وزير الإطار"، ولكن الفرق، هنا، في الاعتراف.
فالقادة الصدريون إضافة للجمهور يرون في "الوزير" "، مقرباً من الصدر وبالتالي ما يصدر عنه يأخذ صفة الرسمية".
وعلى الجانب الآخر، قال القيادي في الإطار علي الفتلاوي، لوكالة شفق نيوز، بأن "ما تسمى بصفحة (وزير الإطار)، لا تمثل أياً من قوى وقادة الاطار التنسيقي، ولا تعبر عن وجهة نظر هذه الأطراف"، مؤكداً أنها "صفحة وهمية لا نعرف لمن تعود ومن أين تُدار".
وزير القائد يغذي ثلاثية "وسائل الإعلام والإطار والتيار"
ومع الاعتراض الإطاري "الواضح والصريح" على صفحة "وزير القائد"، ورؤية بعض أعضائه أنها" صفحة افتراضية"، ومطالبة شخصيات مقربة منه القضاء بإغلاق أو إصدار مذكرة اعتقال بحق "صفحة صالح محمد العراقي" كونها صفحة وحسب ما يرون "افتراضية أو وهمية وتحرض على السلم الأهلي"، الا أن ذلك لم يمنع من تعامله الإطار مع ما يصدر عنها والرد عليها ليكون موقفاً سياسياً معلناً إزاء ما تصدره الصفحة "الافتراضية" حسب وجهة نظر الاطاريين.
ومثال ذلك رد تحالف الفتح بزعامة هادي العامري أحد أهم اقطاب الإطار التنسيقي، في يوم 27 اب 2022، على تغريدة وزير مقتدى الصدر التي دعا فيها إلى إبعاد كل القوى التقليدية عن المشاركة في الانتخابات المقبلة.
إذ قال عضو التحالف مختار الموسوي لوكالة شفق نيوز إنه إذا ما منعت تلك الطبقة فمن أين سنأتي بقوى سياسية تشارك في الانتخابات المبكرة التي يدعو لها البعض فهل نستورد من الخارج مثلا، وبالتالي القوى السياسية الحالية هي من ستشارك بالانتخابات لكن باعتماد معايير مهمة لاختيار الشخصيات المناسبة، كما يمكن اعتماد انتخابات حزبية سياسية بينية أي ترشيح قيادات مهمة لها تجاربها الناجحة الى جانب توفر ضوابط القيادة والنزاهة ليترشح منها الأنسب لقيادة المرحلة، لأن لأي انتخابات مبكرة ستجري ستعيد نفس الوجوه وان تغيروا فالولاء الحزبي حتما سيكون حاضرا حيث الفساد المالي باق وبالتالي تشترى الولاءات".
رد وان كان يجسد موقف الإطار، الا أنه يجسد أيضاً طبيعة تأثير تغريدات هذه الصفحة على قوى الإطار وتفاعلها معه.
كما ان هذه الصفحة تعد مزوداً للكثير من البرامج التلفزيونية والمقابلات والحوارات التي تعتمد هذه التغريدات لوزير القائد لجعلها مادة لبرامجها السياسية، وكذلك بالطبع للصدريين فان هذه الصفحة "موضع ثقة" والموجه الأول لهم.
وفيما نشطت قنوات صدرية أو مقربة على موقع التليغرام وأبرزها "ثورة عاشوراء"، وكذلك "واحد بغداد" قبل وأثناء وبعد اعتصامات الصدريين في البرلمان، فانها اكدت التزامها بما يصدر عن زعيم التيار الصدري أو عن "وزير القائد" حصراً في أيام الاحتجاجات وما تبعها، ما يعكس تمسكاً واضحاً بالتوجيهات الصادرة عن هذه الصفحة.