ذوو المغيبين قسراً في الأنبار.. غرقى يتمسكون بقشة الانتخابات
شفق نيوز/ ينتظر الكثير من ذوي المغيبين قسراً في محافظة الأنبار، يوم الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم للمرشحين الذين تعهدوا بالعمل على الكشف عن مصير الآلاف من أبنائهم المغيبين منذ سنوات.
وتعهدت الكتل السياسية السنية للناخبين في الأنبار ومحافظات أخرى في شمالي وغربي البلاد، بأنها ستعمل على الكشف عن مصير المغيبين قسرا في حال فوز مرشحيها بالانتخابات المقبلة المقررة في 10 تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
ورغم أن هذه الوعود مكررة وكانت ذاتها في الانتخابات الأخيرة عام 2018، لكن يبدو أن ذوي المغيبين قد تقطعت بهم السبل ويعلقون الآمال على أي قشة قد تنقذهم من الغرق في دوامة هذا الملف الشائك.
وقال صالح محمد ( 48 سنة ) وهو اب أحد المغيبين، "سأذهب انا وعائلتي وكل اقاربي لننتخب الشخص الذي نرى فيه خيراً، ويسعى بشكل جدي لكشف مصير ابنائنا الذين سبق وأن وعدنا الكثيرون بأنهم سيعملون على كشف مصيرهم، وعندما وصولوا الى المناصب بفضل اصواتنا التي افتروا علينا لأخذها، لم نعد نراهم حتى".
وأضاف، محمد في حديثه لوكالة شفق نيوز، وهو من سكنة قضاء الفلوجة شرقي الانبار، بالقول "من صعد على اكتافنا وداس على جرحنا بالجكسارات (سيارة لاندكروزر)، لأربع سنوات دون ان يعير اي اهمية لوعوده لنا، فلن نسمح له بأن يضحك علينا مرة اخرى".
وأما منذر حماد (31 سنة)، فقال "لن أدع صوتي يذهب لشخص يعيش بالنعيم بفضله، وسوف أشارك في الانتخابات واعمل على اقناع كل من اعرفه كي يشارك ايضا، لننتخب شخصيات جديدة وليست ذات الوجوه التي لم تف بشيء من وعودها في الدورة الماضية".
وتابع حماد، وهو من سكنة قضاء الكرمة شرقي الانبار، لشفق نيوز، قائلاً "صوتنا ليس مجرد حبر على ورق، انما هو يمثل مصير اخي المختطف ودم ابن عمي القتيل ومستقبل ابني وكل شيء نعيش من اجله فمصيره معلق على صوتي وصوت ابناء محافظتي والعراقيين جميعاً، لذا علينا ان نتعلم من الدروس القاسية التي تلقيناها في السابق، واختيار الشخص الصحيح في المكان الصحيح".
وكان آلاف المدنيين السنة قد فقد أثرهم خلال الحرب ضد تنظيم داعش بين عامي 2014 و2017، في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى.
ويوجه سياسيون ومواطنون سنة إضافة إلى منظمات معنية بحقوق الانسان مثل هيومن رايتس ووتش أصابع الاتهام إلى فصائل شيعية مقربة من إيران بالوقوف وراء عمليات الاختفاء القسري، إلا أن قادة تلك الفصائل ينفون صحة الاتهامات.
وقال مدير ناحية الصقلاوية التابعة لقضاء الفلوجة، سعد غازي، إن "ذوي المغيبين من ابناء الصقلاوية بدأوا بالبحث عن اي مرشح يمكنهم اختياره لتمثيلهم في الدورة البرلمانية المقبلة، على امل ان يساعد بالكشف عن مصير ابنائهم، وهم عازمون على المشاركة في الانتخابات".
وبين غازي، في حديثه لشفق نيوز، أن "عدد المغيبين من ابناء منطقة الصقلاوية والرزازة يبلغ 1100 مغيب، وقامت عائلاتهم بتحديث بيناتهم واستلموا بطاقاتهم الانتخابية، وهذا دليل على عزمهم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة".
من جانبه، رأى الباحث في الشأن السياسي بمحافظة الانبار، سعد الجميلي، أنه "لا يخفى على احد بأن ملف المغيبين اصبح اهم المحاور التي ينادي بها المرشحون للانتخابات البرلمانية المبكرة، كما لا يخفى على أحد بأن هذا الملف كان احد ابرز الملفات خلال انتخابات عام 2018، كون هناك الكثير ممن تبنوا هذا الملف حينها، ولم يصلوا الى اي شيء".
وأضاف، أن "ذوي المغيبين اصبح لديهم رؤية اخرى حول الانتخابات، فهم عازمون على المشاركة الفاعلة من اجل اختيار اشخاص جدد عازمين على حل معضلتهم".
ولفت الجميلي لوكالة شفق نيوز، إلى أنه "بعد الانباء التي تحدثت عن وجود 1200 مغيب من ابناء محافظة نينوى، قد عثر عليهم في بعض السجون، امر بعث الامل مجددا في نفوس ذويهم، وهم الان يبحثون على من يبحث عن ابنائهم، للتأكد من اذا كانوا احياء ام لا".
وبين الجميلي، بأن "المرشحين اليوم لا يمتلكون اي اوراق ضغط او قوة للعب على حبال الانتخابات في المناطق المحررة من داعش، غير انهم يستخدمون اوراق المآسي التي تعرض لها ابناء تلك المناطق، ومنها ملف النزوح وما رافقته من حوادث ومشاهد مؤلمة مطبوعة في ذاكرة المواطنين".
واشار الجميلي، الى ان "كل البرامج الانتخابية للمرشحين كافة، هي الوعود بحل ازمة النزوح وفرض الامن والاستقرار، ومشاريع البناء والاعمار، وصرف تعويضات المتضررين جراء الحرب ضد داعش، وكشف مصير المغيبين، وكل هذه الملفات اصبحت مستهلكة جداً، وبالتالي فأن الناخب اصبح يميز جيدا بين المرشح الذي له بصمة فعلية في هذه الملفات، وبين المرشح الذي لا يطلق سوى الوعود".