خدمة الـ"سلحفاة".. 6 حلول لمصدر إزعاج العراقيين
شفق نيوز/ يعاني مستخدمو الإنترنت في العراق من بطء شديد في السرعة غالباً ما يشبهونه بـ"السلحفاة"، فضلاً عن انقطاعات متكررة، وارتفاع أجور الاشتراك، مقارنة بجودة الخدمة المتدنية.
ورغم إطلاق العديد من الوعود بتحسين البنية التحتية وتوسيع نطاق الخدمة، لم تُسجَّل خطوات فعلية تُحدث فرقاً حقيقياً على أرض الواقع.
وهذا الأمر، يؤثر سلباً على مختلف القطاعات الحيوية في البلاد، بدءاً من التعليم والعمل، وصولاً إلى الاقتصاد والتواصل الاجتماعي، بحسب ما أبلغ به المختص في هندسة الاتصالات والإلكترونيات، كنار روشن طارق، وكالة شفق نيوز.
تقصير حكومي
ويقسّم الإنترنت في العراق إلى نوعين، أما على شركة الاتصالات أو شركة المزود الأرضي من خلال أبراج "الايرثلنك" وغيرها، وفق عضو لجنة الاتصالات النيابية، هيثم الزركاني.
وقال الزركاني، لوكالة شفق نيوز، إن هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات هما المسؤولتان عن متابعة الخدمة وجودتها، لكن ما يلاحظ هناك تقصير حكومي واضح بغض النظر عن محاسبة الشركات المزودة للإنترنت.
وذكر النائب، أن الجهتين المذكورتين تعزيان ضعف الإنترنت خلال الإجابة على تساؤلات البرلمان الخاصة بهذا الموضوع، إلى أن هذه الجودة هي ما تم التعاقد عليها مع الشركات.
وزاد بالقول، إن "مزودي الإنترنت الأرضي يواجهون الشكاوى المتكررة بالاعتذار بوجود مد شبكة أو قطع كابلات أثناء عمل مشاريع بنى تحتية وغير ذلك.
أسباب الضعف
وللتعمق أكثر عن أسباب تردي خدمة الإنترنت، شرح المختص في هندسة الاتصالات والإلكترونيات، كنار روشن طارق، أنها تعود لمجموعة عوامل، أولها البنية التحتية.
وأوضح طارق، أن العراق يعتمد على كابلات ألياف ضوئية تمر عبر دول مجاورة، ما يجعل الخدمة عرضة للانقطاع والتلاعب، كما أن البنية التحتية الداخلية متقادمة وغير كافية لتغطية الطلب المتزايد.
وتابع: "كما تنتشر في قطاع الاتصالات مظاهر الفساد المالي والإداري، مما يعيق تنفيذ مشاريع تطوير حقيقية ويؤدي إلى ضعف الرقابة على شركات الإنترنت".
ومن الأسباب الأخرى، ذكر المختص، أن الكثير من الشركات المزودة لخدمة الإنترنت تعمل بشكل غير منتظم، وتفتقر إلى الالتزام بمعايير الجودة، مما يؤدي إلى تفاوت كبير في مستوى الخدمة.
يُضاف لذلك، بحسب طارق، الضغط المتزايد على الشبكة، إذ مع ازدياد أعداد المستخدمين واعتمادهم على الإنترنت في مختلف مرافق الحياة، لم تُحسب هذه الزيادة للتوسعة الكافية في الطاقة الاستيعابية للشبكة.
ومن أسباب تردي خدمة الإنترنت أيضاً، هي الانقطاعات المتكررة للكهرباء، وفق طارق، حيث يقول إن أزمة الكهرباء المزمنة تؤثر على استقرار الإنترنت، نظراً لاعتماد الأبراج ومحطات التوزيع على الطاقة بشكل مباشر أو غير مباشر.
تأخر بمواكبة التطور
وإضافة لكل ما سبق، أشار المختص بحوكمة وأمن تكنولوجيا المعلومات، علي أنور، إلى أن عمل الإنترنت بشكل صحيح يتطلب بنى تحتية وتقنيات وضوابط وسياسات وتشريعات، وهذه جميعها العراق متأخر فيها نوعاً ما.
واستدرك أنور، حديثه لوكالة شفق نيوز، بالقول إن "وزارة الاتصالات وسعت مؤخراً شبكة FTTH، وهي اختصار لعبارة "الألياف الضوئية إلى المنزل" وهذا يعزز من الجودة، لأن الـ "واي فاي" عادة ما تتعرض للمشكلات".
أما تسعيرة وزارة الاتصالات "العالية" كما وصفها، أنور، فأرجعها إلى الحاجة المالية لتمويل 14 ألف موظف في (الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية) التابعة للوزارة، حيث إن الشركة تمويل ذاتي، وبالتالي تلجأ الوزارة إلى رفع أسعار السعات التي تؤجرها لشركات الإنترنت لتأمين الرواتب.
وعن أهمية معالجة خدمة الإنترنت، أكد المختص في هندسة الاتصالات والإلكترونيات، كنار روشن طارق، أن تحسين خدمة الإنترنت ضرورة ملحّة لبناء دولة عصرية واقتصاد قوي ومجتمع متعلم ومنفتح.
وأشار إلى أن هذا يتطلب جهوداً متكاملة من الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، واتخاذ خطوات جدية في سبيل إحداث تحولاً نوعياً في مستقبل العراق، إذ بدون إنترنت قوي ومستقر، سيظل العراق متأخراً عن ركب العالم المتقدم في مختلف الميادين.
معالجة الخدمة
وعن سبل المعالجة، ذكر طارق، خلال حديثه للوكالة، أنها تبدأ بإصلاح وتطوير البنية التحتية، حيث يجب الاستثمار في كابلات الألياف الضوئية داخلياً وربط العراق مباشرة بالكابلات البحرية الدولية، مما يخفف من الاعتماد على الدول الوسيطة.
ودعا المختص، إلى انشاء هيئة وطنية مستقلة لتنظيم الإنترنت، تكون مهمتها مراقبة جودة الخدمة، ومحاسبة الشركات المقصرة، ووضع معايير واضحة للترخيص والتشغيل.
وأكد أهمية، محاربة الفساد والاحتكار، من خلال دعم الشفافية في العقود والتراخيص، وتشجيع المنافسة بين مزودي الخدمة، ما يؤدي إلى تحسين الأداء.
وكذلك التوجه نحو الإنترنت الفضائي، حيث يمكن للعراق، على المدى المتوسط، الاستفادة من تقنيات مثل الإنترنت عبر الأقمار الصناعية مثل "ستارلينك" لتوفير بدائل حديثة وسريعة وخاصة في المناطق النائية.
وبالإضافة إلى ما سبق، دعا طارق أيضاً، إلى أهمية تحسين الطاقة الكهربائية، عبر دعم مشاريع الطاقة المستدامة وربطها بمراكز توزيع الإنترنت لتقليل الأعطال والانقطاعات.
واختتم طارق، حديثه بالتشديد على ضرورة نشر الثقافة الرقمية، من خلال برامج تعليمية وتوعوية توضح أهمية الإنترنت الجيد وتأثيره على الاقتصاد والتعليم والصحة، مما يدفع المواطنين للمطالبة بخدمة أفضل ويشجع الابتكار.