حصري.. إيران تغير قواعد اللعبة في العراق وتنقل الملف السياسي من "الحرس الثوري" إلى "الاطلاعات"

حصري.. إيران تغير قواعد اللعبة في العراق وتنقل الملف السياسي من "الحرس الثوري" إلى "الاطلاعات"
2022-01-11T11:15:43+00:00

شفق نيوز/ امتدت تداعيات نتائج الانتخابات العراقية الى العمق الإيراني، فانقلاب المشهد السياسي العراقي الذي أضعف بشكل او بآخر الذراع الايرانية في العراق، دفع طهران على ما يبدو الى اتخاذ قرار غير مسبوق، يتمثل بإبعاد الحرس الثوري عن الملف العراقي الشائك، بحسب مصادر خاصة لوكالة شفق نيوز.

ليست المرة الاولى التي يجري فيها الحديث عن تضارب في المواقف والأداء ما بين الحرس الثوري الإيراني وبين وزارة الاستخبارات والأمن الوطني (اطلاعات)، فالخلاف الداخلي الدائر بين القطبين، انتقل بشكل أو بأخر إلى الأرض العراقية، خاصة في التعامل مع القضايا خصوصا منذ ما بعد العام 2003، لكن كان من الواضح أن القيادة الإيرانية العليا، متمثلة بمرشد الجمهورية علي خامنئي يغلب دائما وجهة نظر وأساليب عمل فيلق القدس في الحرس الثوري تحت قيادة الجنرال قاسم سليماني، الذي حظي بدور مؤثر في مركز القرار العراقي.

وعلى ما يبدو فإن اغتيال سليماني الى جانب الرجل الثاني في الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس في بداية العام 2020، أربك الذراع الإيراني في العراق، وهو ما تجسد بوضوح في الاداء الضعيف لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2021.

ومن الواضح ان الذهول الذي اصاب قادة فصائل الحشد، هو نفسه أصاب قادة الأمن والسياسة الايرانيين الذين كانوا يتوقعون اداءً مقبولا للقوى العراقية المتحالفة معها، يريح طهران اولا في ادارة الملف العراقي، وثانيا في تأكيد النفوذ الايراني الاقليمي في وقت تخوض طهران مفاوضاتها الصعبة مع القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة، حول برنامجها النووي.

وبهذا السياق، افاد مصدر سياسي واخر دبلوماسي لوكالة شفق نيوز، بأن الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي نقل وفي إجراء يعد الأول من نوعه الملف السياسي في العراق من الحرس الثوري الى "الاطلاعات".

إيلاء الملف العراقي الى جهاز اطلاعات بدلا من الحرس الثوري، الذي لطالما اعتبر بمباثة جوهرة الاجهزة الامنية الايرانية، يمثل انقلابا ايرانيا لا يستهان به، يستهدف على ما يبدو اعادة الامساك بالملف العراقي بشكل مختلف، وتغيير آليات العمل وإدارته بطريقة مغايرة.

وقالت المصادر لوكالة شفق نيوز ان مسؤول الاطلاعات السابق محمود علوي يتواجد في مدينة النجف، وانه باق فيها لحين تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، علما بأن عقد ملف التشكيل الحكومي صار بين يدي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشكل أو بآخر، بعد حصوله على 73 مقعدا في الانتخابات، الذي وصد الباب أمام وساطة قام بها وفد إيراني خلال الأيام الماضية للتقارب من الإطار التنسيقي وبالتحديد مع نوري المالكي لقيادة تشكيل الحكومة الجديدة.

وبرزت الى السطح حدة الخلافات بين الصدر وبين فصائل الحشد الشعبي قبل يومين خلال الجلسة الاولى للبرلمان العراقي، حيث تصادم انصار الصدر مع أنصار الإطار التنسيقي الذين يسعون الى التأكيد على أنهم يشكلون الكتلة الاكبر في البرلمان، ويراهنون على فرض انفسهم كقوة أساسية في التشكيلة الحكومية الجديدة، وسط اعتراض من الصدر نفسه.

كما برزت تسريبات عدة، تشير الى ان قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري بقيادة إسماعيل قاآني لم يكن قادرا تماما على لملمة صفوف "الحلفاء" العراقيين، من بينها الموقف من تواجد القوات الامريكية، او فيما يتعلق بالعلاقة مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، او فيما يتعلق ايضا بكيفية خوض الانتخابات، ولاحقا في مسار مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة.

ويعزز هذه الأنباء، الاخبار الواردة بحسب مصدر سياسي مطلع تحدث الى وكالة شفق نيوز، والتي تفيد عن زيارة وفد إيراني دبلوماسي ضم شخصيات من الحرس الثوري، إلى العاصمة بغداد، لغرض تقريب وجهات النظر بين الإطار التنسيقي والصدر، وتوحيدهما في كتلة تشكل الأكثر عدداً داخل البرلمان العراقي، وبان "الوفد الإيراني غادر بغداد، وهو غاضب مستاء بعد فشله في تقريب وجهات النظر بين الطرفين".

وقال المصدر السياسي لشفق نيوز إن "الصدر ظل مصراً على إبعاد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي من التحالف بين الإطار والتيار، وهذا ما رفضه الإطار، الذي شدد على أهمية تحالف كل قواه مع الكتلة الصدرية"، مضيفا أن "عدم التوصل لحل بين الطرفين ورغبة الصدر عزل المالكي عن البيت السياسي الشيعي، أزعج الوفد الإيراني بشكل كبير".

وبهذا الشأن، قال مصدر دبلوماسي لشفق نيوز، إن إيران اوصلت رسالة واضحة للكيانات المقربة منها في العراق، إنها تريد إتمام التقارب مع السعودية ولملمة اوراقها من جهة اخرى من أجل إنجاح الاتفاق النووي، لكنها في الوقت نفسه تعارض حدوث انشقاق في البيت الشيعي.

ويلعب رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي دوراً بارزاً في تقريب وجهات النظر بين الرياض وطهران.

وقال المصدر، "إيران ترى أن بقاء الكاظمي على رأس الحكومة الجديدة سيعزز هذا التقارب".

وتعبيرا عن التخبط الحاصل في الأداء الايراني في العراق، نقلت وكالة "رويترز" في 22 كانون الاول/ديسمبر الماضي ان ايران قامت بالعديد من التحركات من أجل وقف الاضطرابات الداخلية في العراق والتي قد تتسبب بها الفصائل العراقية المقربة منها، مشيرة الى ان إحدى هذه التدخلات جرت، بعد ساعات من الهجوم على منزل الكاظمي في بغداد والذي اشتبه بتورط جماعات موالية لإيران فيه.

واستنادا الى مسؤولين في الميليشيات وسياسيين عراقيين ودبلوماسيين غربيين، قالت "رويترز" ان اسماعيل قاآني، هرع الى بغداد بعد ذلك الهجوم، لابلاغ رسالة الى الميليشيات الموالية لايران والتي رفضت الاعتراف بالنتائج الاولية لانتخابات، وذكرت "رويترز" ان رسالة قاآني كانت "اقبلوا بالنتائج".

ووفقا لأشخاص مطلعين على أجواء المحادثات، فان قاآني ابلغ اثنين من زعماء الميليشيات ان هذا الموقف السياسي السيئ يهدد سلطة الغالبية الشيعية. واوضحت الوكالة انه خلال اجتماع مقتضب في مكتب احد السياسيين المخضرمين المدعومين من ايران، وبخ قاآني زعيمين لجماعات تدعمها ايران، واتهمهما بانهما تعاملا بشكل سيء مع تداعيات الانتخابات، وذلك بحسب ما أورده احد مسؤولي الميليشيات مطلع بشكل مباشر على اللقاء، بالإضافة سياسيين اثنين مرتبطين بالفصائل تم اطلاعهما على الاجتماع.

ونقلت "رويترز" عن مسؤول احدى الميليشيات قوله ان "الايرانيين كانوا غاضبين"، مضيفا ان مسؤولا ايرانيا سأل: "هل تريدون حربا اهلية شيعية؟".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon