تقرير إيطالي: خطة واشنطن لعزل إيران تمر عبر قطاع الطاقة العراقي المتزعزع
شفق نيوز/ ذكرت وكالة "ايه جي سي نيوز" الإيطالية أن المخاطر كبيرة على العراق بسبب سياسة "الضغوط القصوى" التي تنتهجها الإدارة الأمريكية ضد إيران، متسائلاً عما إذا كانت بغداد ستتمكن من تنويع مصادر إمداداتها من الغاز والكهرباء، وبالتالي وتخطي الضغوط الخارجية عليها.
وأوضح تقرير الوكالة التي تتخذ من روما مقراً لها، والذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن العراق يجد نفسه في مواجهة تحديات متزايدة على صعيد الطاقة، وبالتالي على الصعيد السياسي، مشيراً إلى أن قرار الولايات المتحدة إنهاء الإعفاءات التي سمحت لبغداد باستيراد الغاز من إيران، أثار الكثير من التقييمات الإستراتيجية والمخاوف الملموسة.
وتابع التقرير قائلاً إنه برغم أن هذه الخطوة تأتي في سياق إستراتيجية "الضغط الأقصى" على طهران، إلا أنها تشكل إنذاراً باحتمال زعزعة استقرار بلد يعاني بالأساس من اختلال التوازنات الداخلية ويتمتع بموقع جيوسياسي حساس.
وفي حين لفت التقرير إلى اعتماد العراق بدرجة كبيرة على الغاز الإيراني لتشغيل محطات توليد الكهرباء، حيث يستورد نحو 40% من احتياجاته من الطاقة من طهران، أشار إلى أن الحكومة العراقية حاولت التخفيف من حدة التوتر والتأكيد على الاحترام المتبادل بين بغداد وواشنطن والتشديد على أن العراق يستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول العام 2028.
كما ذكرّ التقرير بتصريح المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي الذي قال فيه إنه "لا يوجد أي ضغط أو تهديد علينا، ولن يقبل العراق هذا النوع من العلاقات مع أي دولة" واستعداده للحوار المفتوح مع كل الشركاء الدوليين.
إلا أن التقرير نوه إلى أن الكلمات المطمئنة ليست كافية لتبديد المخاوف من حدوث أزمة طاقة وشيكة، خصوصاً في ظل التقديرات التي تبرز التناقض الكبير بين عائدات الكهرباء (3.5 تريليون دينار) وما تحصله الدولة فعلياً (400 مليار دينار فقط)، وهو ما يمثل قصوراً في نظام الجباية يهدد بتفاقم إضعاف البلد.
وبينما أشار التقرير إلى رؤية حاسمة وحازمة من الجانب الأمريكي فيما يتعلق بقضية واردات الطاقة للعراق وضرورة إنهائها، لفت التقرير إلى اعتماد العراق على الغاز الإيراني، وهو اعتماد يتزايد خلال الصيف، حيث غالباً ما تضطر طهران إلى قطع الإمدادات بسبب العجز في تأمينها.
ومع ذلك، نقل التقرير عن موقع "ريل كلير انيرجي" الأمريكي قوله إن العراق أصبح حالياً أقرب إلى تحقيق استقلاله في مجال الطاقة، وأن على الولايات المتحدة مساعدته خلال الصيف، حيث تقطع إيران إمدادات الطاقة عنه بشكل متكرر، مضيفاً أن هذا الوضع يعكس تناقضاً، ويشكل تبريراً للولايات المتحدة، للقيام بتدخل قوي لدفع العراق نحو استقلاله في مجال الطاقة.
وبعدما تساءل التقرير عما إذا كان العراق على استعداد فعلي لقطع علاقاته مع طهران، ذكرّ بأن لجنة النفط النيابية في العراق أعربت عن شكوك قوية حول ذلك محذرة من عدم وجود بدائل مجدية حالياً للغاز الإيراني، وأن العراق يواجه مخاطرة بمواجهة أزمة عامة في إمدادات الكهرباء.
كما تحدث التقرير عن أن توقف واردات الغاز الإيراني، قد تؤدي إلى خسارة أكثر من 8 آلاف ميغاواط من شبكة الكهرباء، وفقاً لوزارة الكهرباء العراقية.
وتابع التقرير أنه في مواجهة هذا الاحتمال المقلق، فإن بغداد تبحث عدة خيارات، من بينها أن تكون قطر وعمان، كموردين بديلين محتملين للغاز، واستيراد الغاز الطبيعي المسال عبر منصات عائمة في الخليج، حيث تعتزم وزارة النفط استيراد نحو 600 مليون قدم مكعب من الغاز المسال عبر منصات عائمة في الموانئ العراقية، مما يوفر نحو 4 آلاف ميغاواط من الكهرباء.
وتابع التقرير أن الحكومة العراقية تسعى بموازاة ذلك، إلى تعزيز الربط الكهربائي مع دول الخليج والأردن وتركيا، وتسريع مشاريع زيادة إنتاج الغاز المحلي، على غرار مشروع مد خط أنابيب غاز جديد الى محطة بسماية الكهربائية بطول 40 كيلومتراً لتعمل بالطاقة الأقصى خلال الصيف، مضيفاً أنه بمثابة سباق مع الزمن، سيواجه مقاومة داخلية وضغوطاً خارجية.
وقال التقرير إن التحرك الأمريكي يظهر أن واشنطن لا تفرق بين العراق وإيران، وأنها تستخدم العراق كأداة ضغط إستراتيجي على طهران.
ولفت إلى موقف وزارة الخارجية الإيرانية بأن طهران ملتزمة بالعمل مع العراق لإزالة آثار القرار الأمريكي بقطع واردات الغاز من إيران.
وختم التقرير بالقول إن "المخاطرة كبيرة"، موضحاً أنه بالنسبة إلى العراق، فإن انتهاء إعفاء الغاز الإيراني، يشكل تحدياً حاسماً لاستقراره في مجال الطاقة والسياسة، بينما يبقى السؤال عما إذا كانت بغداد ستتمكن من تنويع مصادر إمدادها، والتغلب بالتالي على المقاومة الداخلية وإدارة الضغوط الخارجية.
واعتبر التقرير الإيطالي إن الإجابة على هذا السؤال هي التي ستحدد مستقبل البلاد في مجال الطاقة ودورها في الساحة الجيوسياسية الإقليمية، مضيفاً أن 2028، وهو العام الذي يسعى فيه العراق إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، يبدو اليوم هدفاً طموحاً، وربما مبالغاً فيه.
وأوضح التقرير أن قدرة العراق على الإبحار في هذه المياه، سوف تعتمد على قدرته على تحقيق التوازن بين مصالح القوى الإقليمية والعالمية، وعلى تصميمه على إصلاح قطاعه للطاقة.
ترجمة: وكالة شفق نيوز