تقرير كندي يدحض "أسطورة" عدم انخراط كندا في حرب العراق
شفق نيوز/ أعاد موقع "كاناديان دايمنشين" الكندي قراءة دور كندا في حرب العراق العام 2003، معتبرا انه خلافا للاعتقاد الشائع بأن مشاركتها كانت محدودة، فإن الانخراط العسكري لحكومة اوتاوا، تخطى الأدوار التي لعبتها العديد من دول التحالف، بالاضافة إلى أن شركاتها حققت أرباحا كبيرة في العراق.
وبعدما ذكّر التقرير الكندي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ بان الرئيس الامريكي جورج بوش شن هجمات جوية في 19 آذار/مارس العام 2003 على العراق بعدما قال ان الرئيس الاسبق صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل، لفت الى أن الهجوم البري بدأ في اليوم التالي وقاد الى سقوط بغداد، وهو كان بإطار جهد مزدوج بين الولايات المتحدة وبريطانيا، الا انه لفت الى أن الحرب كانت تفتقر إلى دعم الأمم المتحدة وتعرضت لانتقادات في مختلف أنحاء العالم، من الفاتيكان الى حكومات فرنسا وألمانيا والصين وروسيا، وحركة عدم الانحياز وغيرها.
واوضح التقرير انه قبل يومين من اطلاق "تحالف الراغبين" الذي ضم دولا مؤيدة للحرب على العراق، أي في 17 آذار/مارس 2003، أبلغ رئيس الوزراء الكندي جان كريتيان مجلس العموم ان كندا لن تشارك في المجهود الحربي، وهو ما أثار انتقادات من الإدارة الامريكية والعديد من المحافظين داخل كندا بمن فيهم زعيم المعارضة وقتها ستيفن هاربر الذي كان مؤيدا بقوة للحرب.
وتابع التقرير؛ أن كريتيان كان يتباهى منذ ذلك الوقت بقراره الامتناع عن الانضمام إلى القوات المشاركة في الهجوم على العراق، معتبرا أن موقفه يشكل مثالا مهما على أن كندا تصرفت على المسرح العالمي بشكل مستقل عن الولايات المتحدة. وذكر التقرير بتصريح لرئيس الوزراء الكندي قال فيه إن "العديد من الناس اعتقدوا لسوء الحظ أحيانا، بأننا الولاية رقم 51 في امريكا. لقد كان من الواضح في ذلك اليوم، أننا لم نكن كذلك".
الا ان التقرير اوضح انه رغم هذا الموقف الذي اتخذه كريتيان، الا ان حكومته ثم حكومة ستيفن هاربر من بعدها قدمتا دعما ملموسا بشكل واسع للحرب التي قادها الأمريكيون، حيث أن برقية مسربة من جانب "ويكيليكس" في اوائل العام 2011، انه فيما كان كريتيان يدلي بتصريحاته امام مجلس العموم في 17 آذار/مارس 2003، كان كبار الدبلوماسيين الكنديين يلتقون في اليوم نفسه، مع نظرائهم البريطانيين والأمريكيين ليعربوا عن استعدادهم لدعم الحرب من وراء الكواليس.
ونقل التقرير عن وثيقة "ويكيليكس" السرية قولها "أنه لأسباب محلية، فإن حكومة كندا قررت عدم الانضمام الى تحالف الراغبين الامريكي ... فإنها كانت أيضا مستعدة للمساعدة قدر الإمكان في الهوامش العسكرية"ن مضيفة أن كندا ستوفر الدعم للإجراءات العسكرية الأمريكية في المنطقة مستخدمة سفنها الحربية المتمركزة في مضيق هرمز.
وتشير المذكرة إلى أن تصريحات لمسؤول كندي بعد ذلك الاجتماع، يقول فيها
انه برغم التصريحات العلنية بأن الموارد العسكرية الكندية في مضيق هرمز ستحتفظ بوجودها في المنطقة لدعم الحرية الدائمة (المتعلقة بغزو أفغانستان قبلها)، فإنها ستكون متوفرة ايضا من اجل القيام بمهام حراسة مرافقة في مضيق هرمز، وستكون مفيدة بشكل مستتر للجهد العسكري في العراق. كما يشير إلى أنه سيتم دعم السفينتين المتواجدتين حاليا في المضيق، بسفينتين اخريين تبحران نحو المنطقة، في حين أن هناك طائرات دورية وامداد في متواجدة في دولة الإمارات المتحدة، وهي على ايضا على استعداد لتكون مفيدة".
وتابع التقرير؛ انه بعد اصدار هذه الوثيقة ، تواصلت شبكة "سي بي سي نيوز" مع السفير الأميركي السابق الذي خدم في كندا العام 2003 بول سيلوتشي الذي أكد أن هذه التصريحات "تبدو صحيحة، وأن رسالة الكنديين كانت واضحة تماما، حيث ان كندا "لا تنشر قوات على الأرض في العراق. وستقول امورا جيدة عن الولايات المتحدة وامورا سيئة عن صدام حسين. سنحتفظ بسفننا في الخليج للمساعدة في الحرب على الإرهاب، وبأي طريقة أخرى يمكننا فيها المساعدة".
وأضاف التقرير أن رد السفير سيلوتشي لم يشكل صدمة وقتها بالنظر الى أنه بعد فترة قصيرة على بدء الغزو الامريكي للعراق ، اشاد السفير الامريكي بشكل علني بمساهمة كندا في الجهود العسكرية، وهو أيضا خلال اجتماع اقتصادي في مدينة تورنتو في 25 آذار/مارس 2003، أكد أن الدعم العسكري الكندي غير المباشر للغزو يتخطى الدعم المتوفر من غالبية دول التحالف الـ 46 التي تدعم الجهود الأميركية بشكل كامل.
وبالإضافة إلى ذلك، لفت التقرير إلى أن كندا كان له دور كبير في مرحلة حرب الخليج الأولى حيث شاركت في الغارات الجوية، وقدمت الدعم اللوجستي للهجمات من خلال مشاركتها في قيادة الدفاع الجوي الفضائي لأمريكا الشمالية المعروفة باسم "نوراد"، وهي منظمة كندية أمريكية للتجسس والتقييم تعمل على مستوى جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا والمحيط الهادئ وأفريقيا والشرق الأوسط.
وبعدما ذكر التقرير بضغط ادارة الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون لفرض عقوبات على العراق خلال التسعينات، كانت شديدة القساوة لدرجة أن منسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية في العراق دينيس هاليداي استقال في العام 1998 بسبب استمرار دعم مجلس الأمن للعقوبات، أوضح التقرير أن كندا كانت مشاركة في تطبيق نظام العقوبات في التسعينيات، وقامت بإرسال سفنها الحربية إلى الخليج لمراقبة التطبيق المتشدد للعقوبات.
وينقل التقرير عن كتاب "الوقوف على أهبة الاستعداد لمن؟" الذي هو بمثابة تأريخ للجيش الكندي، يقول الكاتب ايف انجلر "إن حكومة جان كريتيان لم تفعل ما ارادته إدارة جورج بوش، إلا أنها صادقت علنا على الغزو من خلال الانضمام الى تحالف الراغبين، وقدم الجيش الكندي الدعم باشكال مختلفة للحرب التي قادتها الولايات المتحدة".
ويوضح الكتاب أنه خلال الفترة التي سبقت الغزو، فإن عشر سفن حربية كندية على الأقل قامت بعمليات "اعتراض بحري ودعم بالقوة واسقاط في بحر العرب"، كما ان هذه السفن وفرت منصات لشن غارات جوية امريكية على العراق، في حين أن الطيارين الكنديين قادوا طائرات الاستطلاع التي ساعدت المقاتلات الحربية الامريكية فوق العراق، وانه على غرار ما جرى في العام 1991، فإن مخططي الحرب في كندا، أمّنوا الدعم اللوجستي للغارات الجوية الأمريكية عبر (نوراد)".
الى جانب ذلك، يقول التقرير إن العديد من الشركات الكندية استفادت من الفرص المربحة التي نتجت عن الحرب على العراق، حيث ان شركة "سي ان سي تكنولوجيز" التي تتخذ من مونتريال مقرا لها، انضمت الى اتحاد متعدد الجنسيات من الشركات المصنعة الذخيرة الذي كان يؤمن للقوات المشاركة في الحرب، ما بين 300 إلى 500 مليون رصاصة سنويا على مدى خمس سنوات.
وتابع التقرير؛ أن شركة "نورتل" للاتصالات السلكية واللاسلكية التي تتخذ من أونتاريو مقرا لها، استفادت من موجة الخصخصة التي طبقت في العراق بعد الاطاحة بحكومة صدام حسين، موضحا أن الشركة فازت في العام 2006، بعقد قيمته 20 مليون دولار أمريكي لاقامة شبكة كابلات ألياف ضوئية بطول 5 آلاف كيلومتر تغطي مختلف العراق.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن "كندا لم تكن المتفرج البريء مثلما تدعي"، وأنها شاركت بشكل واسع النطاق في غزو العام 2003، وقدمت أيضا الدعم الدبلوماسي واللوجستي للولايات المتحدة خلال حرب الخليج الأولى وساهمت في تطبيق الحصار الاقتصادي. واضاف انه "مثلما لا يوجد أي مبرر للكذب الذي مارسه المسؤولون الأمريكيون من الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) في الفترة التي سبقت الغزو، فإنه لا يوجد أي عذر لمشاركة كندا في عقود من الحرب العسكرية والاقتصادية التي قادتها الولايات المتحدة".
ترجمة: وكالة شفق نيوز