"اشتباك نادر" في النجف: الصدر بمواجهة رجل دين سعودي

"اشتباك نادر" في النجف: الصدر بمواجهة رجل دين سعودي منير الخباز
2024-07-10T11:05:22+00:00

شفق نيوز/ تناول موقع "امواج" البريطاني حادثة الصدام الكلامي النادر الذي جرى مؤخرا عندما شن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر هجوما حادا على رجل الدين السعودي منير الخباز، المقيم في النجف، معتبرا انها اما ان تكون مرتبطة بالخلافة القيادية الوشيكة في الحوزة العلمية في المدينة، وأما أنها مرتبطة بالخلاف حول الانخراط السعودي الذي جرى مؤخرا من جانب المملكة مع شيعة العراق. 

واعتبر التقرير البريطاني، الذي نشر بالانجليزية وترجمته وكالة شفق نيوز، أن هذا الخلاف المفاجئ يسلط الضوء على شروخ مخفية تحت السطح في قلب المناطق الشيعية، مضيفا أن  الخلاف في ظاهر الأمر، يدور الخلاف حول تصريحات أدلى بها الخباز قبل عقد من الزمن - والتي تبدو مزعجة ظاهريا للصدر الان لدرجة انه اقترح ان يغادر رجل الدين السعودي العراق. 

واوضح التقرير، انه من اجل تفسير الدوافع الأساسية، هناك نظريتان، الأولى أنه بالنظر الى ارتباط الخباز الوثيق بالمرجع الديني الاعلى في النجف آية الله العظمى علي السيستاني، فإن البعض يربطون هذا النزاع بالخلافة القيادية الوشيكة في الحوزة العلمية بالمدينة، بينما يسلط آخرون الضوء على الخلاف حول تواصل المملكة السعودية الأخير مع شيعة العراق.

واشار التقرير الى ان الخلاف بين الصدر والخباز يتعلق بمقطع فيديو نشر في تموز/يوليو 2014، حيث يعترض رجل الدين السعودي على تقسيم رجال الدين الى نشطاء فاعلين او الى هادئين، منتقدا هذا التصنيف باعتباره "غير عادل" في الأساس.

ولفت التقرير الى جذور منافسة بين المدارس الفكرية التي دعا إليها السيستاني ومعلمه الراحل آية الله العظمى ابو القاسم الخوئي (1899-1992)، مقابل النهج الأكثر تصادمية سياسيا الذي وضعه والد الصدر الراحل، اية الله العظمى محمد محمد صادق الصدر (1943-1999). 

واشار التقرير الى ان الخباز انتقل لأول مرة الى النجف في سن الـ15 وكان قريبا من الخوئي وثم من السيستاني لاحقا، مضيفا ان الخباز كان يسافر الى قم في ايران، وهو معروف بقيادة تعاليم الحوزة العلمية المتقدمة باللغة العربية.

وبينما يقول الخباز في اشارة الى المرجعية الدينية العليا في العراق أنه "لم نجد مرجعية تسكت.. الجميع كانوا يتحدثون"، فان والد مقتدى الصدر وصف في العام 1998 رجال الدين الشيعة إما "بالصمت والعزلة" أو"النشطاء" و"المتكلمين". 

وذكر التقرير بان اية الله العظمى الصدر قال ايضا ان بعض علماء الشيعة اختاروا الهدوء "للحفاظ على حياتهم"، في إشارة الى حملة القمع التي شنها حزب البعث على المعارضة الدينية، مضيفا أن هذه التصريحات في جوهرها تمثل انتقادا للنهج الذي اتبعه الخوئي وتلميذه السيستاني.

واشار التقرير الى ان تصريحات الخباز في العام 2014 كانت مرتبطة بشكل مباشر بسياق الأجواء التي صدرت خلالها، حيث ان تنظيم داعش كان قبل أسابيع قد سيطر فجأة على جزء كبير من شمال العراق وكان يسير باتجاه الجنوب، مضيفا أنه في هذه الاجواء أصدر السيستاني الذي عادة ما يكره التدخل في الشؤون السياسية، فتوى يدعو فيها الرجال الى حمل السلاح دفاعا عن الدولة.

وتابع التقرير أن الخباز، وفي محاولة للتأكيد على ان السيستاني ومدرسته الفكرية، لم يكونوا هادئين او "صامتين" في مواجهة هذه الكارثة، فإنه نسب الفضل الى معلم السيستاني، اي اية الله العظمى الخوئي، في "بدء" انتفاضة آذار/مارس 1991 من قبل الشيعة ضد حكم حزب البعث، في حين ان الصدريين يقولون ان الصدر الاب كان "أول رجل دين في النجف يدعم" الانتفاضة ضد الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين. 

وبحسب التقرير فإن حسابا على منصة "اكس" (تويتر سابقا)، معروف بانه ينشر مواقف الصدر، نشر في أوائل حزيران/يونيو بيانا رد فيه الزعيم الصدري على تصريحات الخباز التي أدلى بها في العام 2014، حيث اكد الصدر على أن تصنيف والده الراحل لرجال الدين الشيعة يتماشى مع المعتقدات الشيعية، وحث الخباز على "اعادة تقييم" ممارسته للفقه الاسلامي لتجنب "الوقوع في فخ ادعاء الاجتهاد غير المبرر". 

ولفت التقرير الى أن الخباز يشتهر بأنه عالم مرموق، ومن المعتقد انه يحظى بتأييد شخصيات دينية بارزة مثل اية الله العظمى جواد التبريزي ومحمد صادق الروحاني.

وتابع التقرير أنه برغم شهرة الخباز في الحوزة العلمية في النجف، الا ان الصدر هاجمه بسبب "انتقاده" الصدر الأكبر و"وصفه بالظالم"، كما دعا مقتدى الصدر الى عودة الخباز الى السعودية لتدريس الفقه هناك بدلا من ذلك، متهما اياه بانه يتحدث "بتهور" في النجف بينما يلتزم الصمت في المملكة. 

وتابع التقرير انه في اطار تحذيره الضمني، فان الصدر حث الخباز على التنبه من هؤلاء الذين "يستضيفونه" في العراق. 

واضاف التقرير ان الصدريين لجأوا بعد ذلك بوقت قصير إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتحذير الخباز من انه سوف "يتم تأديبه" من جانب زعيمهم "اذا لم يحسن سلوكه"، كما أن هؤلاء الصدريين اتهموا رجل الدين السعودي بأنه "عميل أمريكي بريطاني". 

وقال التقرير إن معارضي الصدر في العراق، تحركوا للدفاع عن الخباز، كما أن أنصار رجل الدين السعودي وزعوا رسالة مكتوبة بخط اليد من السيستاني في العام 1992 يؤيد فيها الخباز كممثل له في مسائل مختلفة ويشيد به باعتباره عالما "جديرا وصادقا". 

واضاف التقرير ان بعض الصدريين شككوا ايضا في سلطة الصدر فيما يتعلق بالمسائل العلمية، بالاضافة الى موقفه من "طرد" الخباز من النجف، مشيرين الى ان القلق الاكبر يتعلق بأن مثل هذه الخطوة ستؤدي الى تقويض المركز الديني العريق في النجف من خلال إبعاد العلماء غير العراقيين.

وتابع التقرير أن الطائفة الشيعية في المملكة السعودية نفسها، حثت السيستاني والسلطات العراقية على تأمين الحماية للخباز الذي تلقى أيضا دعوات للعودة إلى مسقط رأسه في القطيف. 

ونقل التقرير عن مصدر سعودي مطلع على الوضع طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إن هذه المناشدات جاءت في ضوء ما اعتبره "تهديدات فعلية لسلامة" الخباز.

كما نقل التقرير عن مصدر عراقي تابع للمرجعيات الدينية في النجف، قوله إن عائلة السيستاني تحركت لتهدئة الوضع ومنع ما كان يمكن أن يكون "خسارة فادحة" للحوزة العلمية لو أن الخباز كان غادر العراق نهائيا. 

وتابع المصدر، متحدثا للموقع البريطاني القول انه لفترة قصيرة من الزمن، عندما كانت التوترات في ذروتها، كان مقر إقامة الخباز في النجف "مؤمنا بواسطة عناصر من الحرس الخاص". 

وذكر التقرير ان البعض عبر عن تكهنات بامكانية وجود صلة بين انتقاد الصدر المفاجئ للخباز وبين التواصل السعودي الاخير مع شيعة العراق، مضيفا أن السفير السعودي عبد العزيز الشمري، قام في منتصف مارس/آذار، بزيارة حظيت بتغطية إعلامية كبيرة الى المزارات الشيعية الرئيسية في كربلاء. 

ولفت التقرير الى ان هذه الزيارة التاريخية أدت الى تحول كبير محتمل في نهج المملكة تجاه الإسلام الشيعي.

وتابع التقرير أنه بعد نحو ثلاثة أشهر، وتحديدا في أوائل يونيو/حزيران، قام السفير الشمري بزيارة الى  ضريح الامام علي بن ابي طالب في النجف، والتقى باية الله العظمى بشير النجفي ومحمد الفياض، مضيفا أنه خلال زيارته، شهد السفير السعودي ايضا وصول أول رحلة جوية مباشرة من الدمام، عاصمة المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية في المملكة السعودية.

واعتبر التقرير أن الصدر على الاقل بالظاهر، رحب بالانخراط السعودي هذا بالرغم من عدم الاعلان عن اي لقاء بين الشمري وزعيم التيار الصدري. 

وراى التقرير ان الخباز عالم ديني عملي وليس شخصية سياسية، مما يعني أنه يمكنه الحفاظ على علاقة عمل مع السلطات السعودية، بينما يقول مطلعون مع رجل الدين أنه مختلف عن رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، المعارض البارز، الذي تم إعدامه في العام 2016.

ونقل التقرير عن مصدر سعودي قوله إن الخباز معروف "بانه لا يواجه اي مشاكل" في المملكة، وأنه "مقبول" من قبل الدولة لأن جميع زياراته من والى العراق تتم على بشكل واضح. 

ووفق المصدر السعودي، فإن عملية النقد التي قام بها الصدر ربما كان موجها لخدمة أهداف محلية داخل العراق.

وبحسب التقرير فان الصدر يسعى بشكل متزايد الى تطبيق اجندة قومية، وهو خلال الشهور الأخيرة، وبعد عامين من "تقاعده النهائي" من السياسة العراقية، أعاد تسمية التيار الصدري ليصبح التيار الوطني الشيعي، وهي خطوة جاءت على خلفية اجتماع نادر مع السيستاني، ووصفت هذه الخطوة بأنها بمثابة مقدمة لعودة الصدر الى الساحة السياسية قبل الانتخابات البرلمانية العام المقبل.

ورأى التقرير، إن التصعيد ضد رجل الدين السعودي يمكن أن يكون بمثابة اختبار لنفوذ الصدريين في الحوزة العلمية في النجف، مضيفا انه رغم ان الخباز يسافر حاليا الى امريكا الشمالية، إلا أنه لم يتخذ اي قرار بمغادرة العراق بشكل نهائي. 

وختم التقرير بالقول، "يبقى أن نرى ما اذا كان ذلك قد يتغير في نهاية الأمر". 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon