تقرير امريكي يحذر من "حرب شاملة" مع إيران ويحث على "استراتيجية دبلوماسية"
شفق نيوز/ حذر تقرير أمريكي، يوم الأربعاء، من اندلاع حرب شاملة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، في حال استمرار تمركز القوات الأمريكية ما بين العراق وسوريا.
وقالت صحيفة "شيكاغو تريبيون" في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، إن "هذا الوجود العسكري لم يعد مجديا ولا يلبي هدف حماية المصالح الامريكية في المنطقة".
ولفت التقرير الامريكي الى انه "في ظل هجمات الكر والفر بين الميليشيات المدعومة من ايران وبين القوات الامريكية المتمركزة في الشرق السوري، اصبح هناك دائرة من التصعيد التي يمكن ان تقوض الدبلوماسية الامريكية بل وقد تتسبب في اثارة حرب".
وتناول التقرير بالتحديد جولة المواجهة الاخيرة قبل ايام، حيث انخرطت الولايات المتحدة والميليشيات المدعومة ايرانيا، في اربع جولات من الهجمات والعمليات الانتقامية منذ 15 أغسطس/آب، مضيفا انه من الصعب احتواء التصعيد من كلا الجانبين، وان مثل هذه "البؤر الساخنة قادرة على التحول الى صراع أكبر".
ولهذا، يعتبر التقرير ان الطريقة الاكثر سهولة لمنع حدوث ذلك تتمثل في "إعادة توجيه" الاستراتيجية الاميركية في العراق وسوريا، من الاستراتيجية العسكرية نحو الاستراتيجية الدبلوماسية.
وذكر التقرير انه في ظل الاقتراب من ابرام اتفاق نووي مع ايران، فقد اصبح اكثر الحاحا من اي وقت مضى، ان تقوم الولايات المتحدة بإعادة تقييم أولوياتها، على قاعدة ان "ايران ليست تهديدا وجوديا"، وان شبكة الوكلاء الموالية لها تعكس عدم قدرة الايرانيين على استثمار مليارات الدولارات لتشكيل جيش قادر على ان يكون منافسا للولايات المتحدة، وان طهران تستفيد من مشاعر التعاطف مع اخوانها من الشيعة في العراق وسوريا ولبنان، بتسليحهم من اجل ردع اي عدوان امريكي محتمل.
وفي الوقت نفسه، اعتبر التقرير ان واشنطن تعتبر ان وجودها العسكري في العراق وسوريا هدفه "ردع ايران"، الا انه بينما ترى واشنطن انها بذلك تحافظ على الوضع القائم، فان هذه الميليشيات في العراق وسوريا تعتبر ان ما هو على المحك بالنسبة اليها اكبر من ذلك ولهذا فانها اكثر استعدادا لتحمل المزيد من المجازفة والمخاطرة.
وبعدما اشار التقرير الى سقوط اصابات في صفوف الامريكيين في المواجهة الاخيرة، حذر من هذا الوضع مرشح للاستمرار، وانه ما من حاجة الى المخاطرة ب"حرب كارثية" مع ايران، وانه كبداية فانه من اجل تجنب الكارثة، هناك حاجة الى اعادة تقييم الحاجة الى وجود القوات الامريكية في العراق وسوريا.
واوضح هذه القوات الامريكية لديها هدف واحد محدد هو مواجهة تنظيم داعش، في حين ان الهدف غير المعلن والأكثر أهمية هو مواجهة إيران، مضيفا انه بالنسبة الى الهدف الاول فانه من الافضل تركه للعراقيين لتوليه، باعتبار انهم الان يقودون مهمة محاربة داعش.
اما بالنسبة الى الهدف الثاني المتعلق بايران، فقد اشار التقرير الى انه لن يكون ضروريا في حال انسحبت القوات الامريكية. واكد التقرير ان الاستراتيجية الامريكية الحالية لم تؤدي الى تغيير سلوك ايران، ففي ظل إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن، واصلت ايران هجماتها على القوات الاميركية عبر وكلائها في العراق وسوريا، متسائلا لماذا يتحتم على الاميركيين القبول بالمخاطر التي تتعرض لها القوات الامريكية في اطار مهمة لا فوائد واضحة من ورائها.
وتناول التقرير مفارقة متمثلة بتقديره، في ان الابقاء الى تمركز القوات الامريكية في العراق، يعزز من قوة ايران، مذكرا بان القوات العسكرية الايرانية التقليدية عفا عليها الزمن كمقاتلاتها الجوية ودباباتها وسلاحها البحري، وان قوتها الرئيسية تتمثل في صواريخها الباليستية، وهي بغالبيتها قصيرة المدى كالتي استخدمت في الهجوم بالقرب من القنصلية الامريكية في ابريل في مارس /اذار الماضي.
وبالتالي، يعتبر التقرير ان ال معركة الاسهل بالنسبة الى ايران هي معركة بالقرب من محيطها الجغرافي، وان في اطار المواجهة في خارج نطاقها هذا، ستكون القوات الامريكية غير معرضة للخطر.
الا العكس ليس صحيحا، حيث اوضح التقرير ان بامكان للولايات المتحدة ان تظهر قوتها في كافة أنحاء المنطقة، وهو ما من شأنه ان يعزز من احساس ايران بانها مهددة، وتواجد القوات العسكرية الامريكية في جميع انحاء الخليج وضمن مجال النفوذ الايراني، بينما يسمح لواشنطن بضرب الاراضي الايرانية، الا انه بالنسبة الى طهران يشكل تهديدا وجوديا ويعزز بالتالي من دوافعها العسكرية ويجعل من الحرب اكثر احتمالا.
وفي حين اشار التقرير الى ان الولايات المتحدة تواجه هذه المخاطر على الرغم من تناقص اهمية الشرق الاوسط بالنسبة اليها، اضاف ان سحب القوات الامريكية يحافظ على القوة القتالية للولايات المتحدة ويخفض من المخاطر، مؤكدا انه "ما من فائدة في العراق او سوريا تبرر تقبل وجود خطر الحرب الشاملة" حيث ان المواجهة الامريكية مع ايران، تعكس مغامرة عالية المخاطر وقليلة المكاسب.
وبالاضافة الى ذلك، لفت التقرير الى الخيارات الصعبة امام الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتزاماتها في اوروبا والمحيط الهادئ، ليشير الى ان "تحرير" القوات الامريكية في الشرق الاوسط يعتبر خطوة منطقية.
وختم التقرير بالقول ان لدى الولايات المتحدة مجموعة من الأدوات الاقتصادي والدبلوماسي القوية التي بمقدورها استخدامها من اجل ممارسة نفوذها على المنطقة، مضيفا انه مع احتمال احياء الاتفاق النووي، فان العلاقة مع ايران لا يجب ان تكون عدائية.
وخلص الى القول انه بينما ان الوفاق السريع بين الطرفين غير محتمل، فان احتمالات الحرب يمكن التخلص منها، وانه يتحتم على واشنطن أن تسمح لمكاسب السلام بان تحل مكان الحرب.