تقرير امريكي يتحدث عن "تصادمين" عراقيين مقبلين وتوازن سياسي هش بين الفتح والصدر بعد الانتخابات

تقرير امريكي يتحدث  عن "تصادمين" عراقيين مقبلين وتوازن سياسي هش بين  الفتح والصدر بعد الانتخابات
2021-10-01T12:59:44+00:00

شفق نيوز/ خلص "معهد كارنيجي" الأمريكي للأبحاث إلى أن العراق مقبل على قيام نظام حكومي هش قابل للسقوط في وجه الأزمات الكبرى، حيث قد تنتج انتخابات 10 أكتوبر جناحين شيعيين "متجهان للتصادم" يتمثل الأول بتحالف الفتح وتيار نوري المالكي، مقابل التيار الصدري عليهما الاتفاق على رئيس للوزراء سيكون "ضعيفا"، و"تصادم" آخر بين النظام وجماهير حراك تشرين. 

جناحا الشيعة

واستهل "كارنيجي" تقريره الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ بالإشارة إلى أنه "في ظل دعوات شعبية لمقاطعة الانتخابات والتغيير الجذري، أصبحت القوى المسلحة القريبة من إيران أشد رغبة في السيطرة على مستقبل العراق، في الوقت الذي يتوقع فيه الصدريون أن يصبح مرشحهم رئيس وزراء البلاد المقبل". 

واعتبر التقرير؛ أن لدى القوى المرتبطة بإيران "شرعية دينية" وشرعية برلمانية"، نالت الأولى من فتوى المرجع الشيعي السيد علي السيستاني ضد تنظيم داعش، ونالت الثانية من خلال احتلالها عددا أكبر من المقاعد في انتخابات 2018 من تلك التي حصلت عليها في انتخابات العام 2013. 

وبرغم ذلك، أشار التقرير إلى ان هذه القوى "فقدت شعبيتها الجماهيرية" بعد انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 2019 والتي قتل فيها أكثر من 700 محتج، اتهمت بقتلهم، خاصة بعد رفع المحتجون شعارات ضد الفساد وتدخل إيران.

أما التيار الصدري فإنه يوصف بأكبر قوة سياسية حاليا وهو المنافس الشيعي للقوى المسماة المقاومة أو كتلة الفتح، مستغلا انحسار شعبيتها، نتيجة انتفاضة تشرين، ويتجه لترشيح رئيس وزراء صدري، ورغم أن للتيار الصدري جماعة مسلحة يطلق عليها مليشيا جيش المهدي، وله علاقة وطيدة مع إيران، إلا أنه يختلف عن تحالف الفتح في أنه تيار شيعي أسس داخل العراق وجذوره اجتماعية دينية تعود إلى السيد محمد  الصدر العراقي المنشأ، في حين أن كتلة الفتح (بدر سابقا) فجذورها عسكرية أيدلوجية مرتبطة بالحرس الثوري وأسست في إيران وحاربت مع الجيش الإيراني ضد العراق أثناء الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات.

واعتبر التقرير ان "طموحات التيار الصدري صعبة المنال، لأن قائمة الفتح وقوى المقاومة قامت بعدد من الخطوات لتعقيد فكرة نجاح التيار الصدري". واشار الى ان هذه الخطوات تتمثل في "قمع حركة تشرين"، و"دعم العشائر السنية"، و"القانون الانتخابي" بالاضافة الى "تزوير التصويت الخاص والنازحين". 

الاغتيال الجماعي

ورأى التقرير؛ أن تظاهرات تشرين عبرت عن وعي اجتماعي جماهيري يبحث عن تحول سياسي، ويرفض القوى الموالية لإيران، وأن قوى المقاومة وكتلة الفتح وجدت أن هذا التحرك يشكل خطرا يهدد كيانها، خاصة عندما رُفعت شعارات الوحدة الوطنية، وطالبت بإسقاط النظام، لذا اتبعت هذه القوى أساليب الاغتيال الجماعي في ساحات التظاهر، وعمليات الاغتيال النوعية التي طالت ناشطين أصبحوا يشكلون خطرا محتملا، في حال شاركوا في الانتخابات مثل هشام الهاشمي وإيهاب الوزني.

العشائر السنية

وحول دعم العشائرية السنية، ذكر التقرير "لم يكن لمحمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي، ولخميس الخنجر رئيس تحالف العزم دورا سياسيا بارزا قبل 2018، وكلاهما يمثل خطا عشائريا يبتعد عن الاتجاه الوطني الذي كان سائدا في الساحة السنية، وأصبحا الآن أبرز شخصيتين سُنيتين تحاولان الحصول على الأصوات في المحافظات السنية المسيطر عليها عسكريا من قبل الحشد الشعبي وجماعات المقاومة الموالية لإيران". 

واوضح انه "رغم التنافس بين الحلبوسي والخنجر، إلا أنهما الأبرز في تحالفاتهما السياسية مع قوى المقاومة الموالية لإيران، إذ أنهما يتنافسان لإرضائها، وبالتالي فإن الفتح وقوى المقاومة الموالية لإيران تسعى لدعم الحلبوسي والخنجر. ووفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، فإن خميس الخنجر معاقب أمريكيا، أما محمد الحلبوسي فهو أحد الأطراف التي التقت الجنرال قاسم سليماني سرا عدة مرات قبل تنصيبه لتقديم الولاء لإيران وفقا لما أدلى به النائب مشعان الجبوري". 

قانون جديد

أما بشأن القانون الانتخابي، فقد اشار التقرير الى ان "قانون الانتخابات الجديد يختلف عن قانون سانت ليغو الذي سبقه في انتخابات 2018، ويتيح هذا القانون الفرصة لفوز المرشحين المحليين الذين يستطيعون الحصول على أصوات من السكان المحليين والذي يعتبر الأقضية (القرى والمدن الصغيرة) دوائر انتخابية، بينما اعتمد القانون السابق كل محافظة دائرةً انتخابية، وسمح بتعويض المرشحين المحليين، الذين لا يحصلون على أصوات محلية كافية للفوز، بأصوات من رئيس الكتلة في المحافظة، أي أن قادة الكتل كانوا يستفيدون من القانون القديم، أما القانون الجديد يستفيد منه المرشحون المحليون". 

وتابع القول "لن ينجح قانون سانت ليغو الجديد في إحداث تغيير حقيقي، لأن نجاح التمثيل المحلي يعتمد على نسبة المشاركة العالية، في حين تواجه الانتخابات القادمة تحديا يتمثل في انخفاض المشاركة نتيجة لانعدام الثقة في السياسيين". واشار الى ان "نسبة المشاركة المنخفضة تمثل فرصة للجماعات المسلحة لتنظيم الانتخابات وبالتالي فوز قياداتها المحلية، من خلال دفع مؤيديها لانتخاب مرشحيها المفضلين، فهي تمتلك السلاح والمال والهياكل التنظيمية الإدارية المحلية، التي تسعى من خلالها إلى إقناع أو إخافة الناخبين ودفعهم للتصويت لمرشحيها". 

تزوير واسع

ونقل التقرير عن عضو مجلس النواب هوشيار عبدالله قوله "أن الانتخابات القادمة سوف تتفوق على الانتخابات السابقة من حيث التزوير، وستنهب أصوات الناخبين بعد أن قام البعض باختراع أساليب عبقرية".  

واشار التقرير الى انه سيكون للتصويت الخاص للحشد الشعبي والقوى المسلحة تأثيرا فعالاً، إضافة إلى استغلال وضع النازحين العراقيين الذين لن يتمكنوا من التصويت". ونقل عن تقرير لمنظمة العفو الدولية، اشارته الى وجود آلاف النازحين الذين يتم اتهامهم لمجرد الاشتباه في صِلاتهم مع تنظيم داعش. 

وتابع ان "القوى الموالية لإيران تسعى إلى استغلال آلاف الأصوات من النازحين من أجل التصويت لصالح جهة معينة أو مرشح معين مقابل إعادتهم إلى ديارهم، وقد باشر خميس الخنجر بإعطاء وعود  لبعض نازحي جرف الصخر وكذلك الحلبوسي في الموصل". 

التوازن الهش

 وخلص تقرير "كارنيجي" الى الاشارة للتحالف الأكثر ترجيحا، قائلا ان "تحالف الفتح المتمثل بالحشد الشعبي، وقوى ما يسمى بالمقاومة الذي يقوده هادي العامري مع حزب الدعوة برئاسة نوري المالكي، سيكون جناحا رئيسا في الانتخابات، يقابله جناح التيار الصدري الذي قد يحصد أصواتا كثيرة لكنها لن تكون حاسمة، وبالتالي يمكن ترشيح رئيس وزراء صدري". 

واضاف "إلا أن هذا الترشيح لن يمر دون قبول تحالف الفتح. هذا توازن هش بين الطرفين وسيجلب رئيس وزراء ضعيفا، أما انقسامات السنة والكورد وعدم تبنيهم استراتيجية موحدة فلن تفضي إلى أي تغيير في المعادلة السياسية". 

وتابع القول ان "هناك دعوات تسعى لتحويل العراق لنظام رئاسي، وهذا يعني أنها مرحلة سعي لتحويل العراق إلى جمهورية مليشيا". 

واضاف ان "رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي يسعى للعودة الى الحكم من خلال توليه الرئاسة والاستفادة من قوى المقاومة والمليشيات الموالية له كبدر وغيرها لتكون الذراع المسلح في تنفيذ أجندته السياسية، مع فرصة لغياب منافس من القوى الليبرالية والمدنية والوطنية". 

محمية ايرانية

ولهذا، اعتبر التقرير "أن الانتخابات القادمة تتميز  بنوعين من القوى، أولاها تمتلك أجنحة مسلحة في الجانب الشيعي، وثانيها تمثل العشائرية في الجانب السني، وهذا سيؤدي إلى وصول المليشيا والعشائر لحكم العراق، وربطه بإيران باعتباره محميةً عسكرية ايرانيةً، الأمر الذي يمكن أن يسمح بسيطرتها على 14 في المئة من واردات النفط العالمي". 

وختم بالقول "هذا يعني أن العراق متجه نحو حكومة هشة قابلة للسقوط السريع أمام الأزمات الكبرى. تتمثل هذه الهشاشة في اتجاهين للتصادم: الأول تصادم شيعي – شيعي بين التيار الصدري بالفتح والمالكي، والتصادم الثاني المحتمل بين النظام السياسي مع الجماهير التشرينية والوطنية الغاضبة التي كانت تنتظر بديلا يلبي مطالبها، وهو بديل من غير المتوقع أن تسفر عنه نتائج الانتخابات". 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon