تقرير الماني يرصد رغبة كبيرة للمسيحيين في العودة للعراق: اربيل الملاذ الآمن لهم
شفق نيوز/ اعتبر موقع "دوتشيه فيله" الالماني، اليوم الاربعاء، أن الجهود المبذولة من اجل اعادة اعمار الكنائس التي دمرها تنظيم "داعش" تشكل رسالة بتعزيز حضور المسيحيين وعودتهم الى مناطقهم وبالتعايش بين العراقيين من مختلف المكونات، وهو ما يمثل بارقة بالامل، لمدينة الموصل، ولكل العراق.
وبداية أشار التقرير الالماني، الذي ترجمته شفق نيوز، إلى قبر ابيض مطلي حديثاً يحمل صليباً احمر اللون وسط انقاض مقبرة دير مار جورج في الموصل، اصبح يشكل اشارة على الامل، مضيفاً انه بعدما دمر داعش المقبرة والدير خلال العام 2014، فأن المساعدات المالية المقدمة من الولايات المتحدة، ساهمت في اعادة بناء المكان بما في ذلك دير القديس هرمز الكلداني الانطوني الواقع خارج المدينة.
ونقل التقرير عن رئيس دير الكلدان سامر يوحنا قوله إن داعش استخدم الدير كموقع لسجن الايزيديين، وكانت احدى قاعات الرهبان تستخدم كمسجد، كما قام مسلحو التنظيم بتذويب التمثال النحاسي للقديس جورج، مشيراً إلى أن رهبان الدير تمكنوا من المغادرة حاملين معهم المخطوطات القديمة عندما غزا داعش المكان في حزيران/ يونيو العام 2014.
ولفت التقرير الى ان رئيس دير الكلدان يشرف حالياً على اعادة بناء الكنائس، حيث انه تم تدمير ما لا يقل عن 14 مبنى مسيحي تنتمي الى طوائف مختلفة في محافظة نينوى وحدها.
ويتحدث رئيس الدير، كيف أن داعش قام باستئجار شخص لازالة الرخام من الكنيسة الواقعة على تلة، مشيراً الى انه عندما استخدام المتفجرات انقلبت القبة وادت الى مقتل هذا الرجل.
وأشار التقرير إلى أن العديد من المسيحيين غادروا العراق حتى قبل ظهور داعش في السنوات التي تلت الإطاحة بالديكتاتور السابق صدام حسين، حيث انخفض عددهم من نحو 1.5 مليون الى 400 الف شخص.
وأضاف انه قبل حلول العام 2003، كان نحو 2400 مسيحي موجودون في الموصل، وبعد فترة داعش، تراجع رقمهم الى 350 شخص فقط.
واوضح سامر يوحنا ان كنيسة واحدة تكفي لابناء الكنيسة للصلاة وكاهن واحد في المدينة كلها، مشيرا الى ان عمليات ترميم الكنائس الاخرى تجري برغم ذلك، ومن خلال مساعدات خارجية في غالب الاحيان.
وفي خطابه الافتتاحي بالقداس الاول في كنيسة دير القديس جاورجيوس التي جرت عملية اعادة بنائها، قال اسقف الموصل الكلداني نجيب ميخائيل موسى، إن المسؤولين العراقيين وضباط الجيش الذين شاركوا الى جانب المدنيين بالاحتفال باعادة الافتتاح، ان المسلمين من المنطقة هم من قاموا بتنظيف الكنائس بعد انسحاب داعش منها.
ونقل التقرير عن موسى قوله ان عملية "بناء الجسور ليست امراً سهلاً إلا انني واثق من أن الموصل ستصبح افضل حالاً مما كانت عليه".
ونقل الاسقف تعليمات قدمها له البابا فرنسيس عندما زار الموصل في العام 2021 للعمل بجد من اجل تحويل المدينة الى مكان افضل واكثر أمنا، قائلا "نريد عودة طوعية للمسيحيين".
واشار التقرير الى ان زيارة البابا الى العراق كانت بمثابة بارقة امل لمسيحيي العراق، وان تراجع حجم الحضور المسيحي تسبب بضرر كبير، ليس فقط للافراد والمجتمعات المعنية، وانما للمجتمع الذي تركوه خلفهم.
ونقل التقرير عن نائب المطران نجيب، الاب بولس حبيب قوله انه هنا تكمن اهمية اعادة تعمير الكنائس والاديرة، حتى لو لم يكن هناك ما يكفي من المسيحيين لملئها، مضيفاً بالاشارة الى انه ليس فقط لان بعض هذه الكنائس يعود تاريخها الى القرن الخامس، وانما لان هذا من تراث نينوى، وليس فقط لتراث المسيحيين. واوضح ان "اعادة إعمار هذا التراث يعني اعادة بناء المجتمع باكمله".
ودعا الأب حبيب الى استعادة تنوع الموصل بحيث يعيش المسلمون والمسيحيون الى جانب الأيزيديين، موضحاً ان "التنوع يوجه برسالة قوية ضد الارهاب وضد داعش، واذا عاد المسيحيون، فانها اشارة للمسلمين ايضا على أنها آمنة".
ويقر الاب حبيب بانه لا يمكن اجبار االناس على العودة، لكنه اشار الى انه عبر التاريخ "هذا ما فعله المسيحيون مرات كثيرة، حيث انه بعد الدمار، كنا نعود من اجل ان نعيد البناء".
واضاف ان نفسية العراقيين تتمثل في انهم "يريدون محو الماضي، فهم يشعرون ان الذكريات المؤلمة تجعل الناس يشعرون بالسوء."
ونقل التقرير عن رئيس دير الكلدان سامر يوحنا قوله انه من المهم مواجهة التصور القائم بأنه مع مغادرة اليهود للعراق في القرن الماضي، فان الدور قد حان الان على المسيحيين، مضيفا أنه "على غرار المسيحيين، فقد كان اليهود جزءا مهما من الموصل".
وبحسب يوحنا انه من اجل منع التاريخ من اعادة تكرار نفسه، فأن المصالحة صارت اهميتها اكبر بكثير، موضحا ً ان "العلاقات بيننا وبين المسلمين مهمة لكن الجروح لم تلتئم بعد، والمسلمون عانوا اكثر وفقدنا ممتلكاتنا فقط."
واشار التقرير الالماني الى ان العديد من المسيحيين من نينوى اقاموا لانفسهم حياة جديدة في اقليم كوردستان، وخاصة في عنكاوا، وهو بمثابة جيب مسيحي في اربيل، حيث يقيم ايضا الاباتي سامر يوحنا وذلك في دير شيد حديثا ويؤوي قساوسة كلدانيين فروا من بغداد والموصل.
وبينما يخشى العديد من المسيحيين عودة العنف، اوضح سامر يوحنا أن المسيحيين "يعودون فقط الى الموصل من اجل العمل، ولن يقيموا هنا"، وأن من عاد منهم فمن اجل زراعة الارض او الحصول على معاشاتهم التقاعدية، واحيانا لان لديهم اطفال هنا.
وبحسب التقرير، فأن سامر يوحنا متفق مع البابا فرنسيس الذي قال بعد مغادرته العراق انه شاهد كيف ان "الكنيسة حية في العراق". واضاف ان امه تريد منه ان يشتري لها منزلاً في عنكاوا، موضحاً انه "يمكن للمجتمع أن يزدهر مرة اخرى، في حال شاهد الناس بوادر الامل. إذا قمنا بالبناء، فبامكاننا ان نقرر مصيرنا".