ترقب في لبنان: ما قبل خطاب "السيد" ليس كما بعده؟
حاص شفق نيوز
شفق نيوز/ تتزايد المؤشرات في لبنان على الاستعدادات لاحتمالات توسع الحرب الجارية في غزة، ويتكهن كثيرون، وسط ترقب إزاء كل ما يجري حولهم، بأن موعد الحرب الواسعة المحتملة قد يكون بالتزامن مع خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل، أو أن الخطاب سيكون مناسبة ليقول من خلال الحزب انه غير معني بالتصعيد أكثر مما هو جار حاليا.
وتتراوح التوقعات ما بين ان الخطاب نفسه قد يكون شرارة الأذن بضرب العمق الاسرائيلي والانخراط بالحرب بشكل أكبر، او ان الخطاب سيكون بمثابة رسالة تشير الى رغبة الحزب في الاستمرار بالعمل وفق قواعد الاشتباك القائمة حاليا، وتحت شعار "نصرة غزة" وبانه لا مسعى من جانبه الى توسيعها.
بالأمس فقط قال منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، "أننا نتابع عن كثب خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ويمكنه أن يقول ما يريد، لكن رسالتنا إليه وغيره هي عدم توسيع الصراع في المنطقة". اما على الجانب الاسرائيلي، فان قراءتهم للاحتمالات تتنوع في محددات متعددة، لكنهم يركزون على فكرة التحذيرات الصادرة من كبار المسؤولين الاسرائيليين تجاه لبنان، بعدم الانخراط في معركة غزة.
لكن المراقبين يقولون ان الاشكالية في الوضع القائم حاليا، ان احدا ليس بمقدوره ان يعطي تفسيرا دقيقا عن الاسباب والاهداف التي دفعت السيد نصرالله الى الخروج الان لإلقاء خطاب بعد اكثر من 3 أسابيع على بدء المعركة بين اسرائيل وحركة حماس وفصائل المقاومة الاخرى في غزة، وبالتالي فان احتمالات ما بعد الخطاب، ما تزال في عالم المجهول.
واللبنانيون كعادتهم في حالة انقسام ما بين التعاطف مع معاناة الفلسطينيين في غزة، وضرورة دعمهم، وبين الشريحة التي تعتبر ان على لبنان أن ينأى بنفسه عن الصراع واحتمالاته كلها. لكن حسب التقديرات حتى الان، فان هناك ما لا يقل عن خمسة من المدنيين اللبنانيين الذين قتلوا في ضربات اسرائيلية على مناطق في الجنوب اللبناني، بينهم المصور الصحافي في وكالة "رويترز" عصام العبدالله، بالاضافة الى فتى اعلن عن مقتله اليوم بعد اصابته بغارة اسرائيلية على قرية ياطر في الجنوب.
وتتزايد المؤشرات على ان العديد من اللبنانيين بدأوا حتى منذ الايام الاولى لمعركة غزة، في الاقبال على شراء المواد الغذائية والادوية لتخزينها في بيوتهم تحسبا للاسوأ، وهي ظاهرة تزايد في الايام الماضية، حتى ان كثيرين يقبلون على شراء الشموع من اجل الانارة في حالة حدوث انقطاع كامل للكهرباء اذا اندلعت الحرب واستهداف اسرائيل لمحطات الطاقة او لمخازن الوقود كما جرت عادتها في حروب سابقة مع لبنان.
ويكاد لا يمر يوم من دون ان يخرج وزراء من حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ليتحدثوا عن الاستعدادات الجارية من جانب الحكومة للإعداد لخطة طوارىء تحسبا لاندلاع حرب، سواء فيما يتعلق بتخزين الاغذية والادوية والوقود او اماكن الايواء للنازحين المحتملين، او اعداد فرق الاغاثة والاسعاف والمستشفيات والمراكز الصحية المختلفة.
ولا تثير هذه الاعلانات اطمئنان اللبنانيين الذي يدركون ان الاطراف السياسية لم تتمكن من التفاهم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو منصب شاغر منذ عام، فيما تعاني حكومة ميقاتي من اشكاليات دستورية تعيق اجتماعها واتخاذ قرارات مصيرية، بينما لم تساهم لا الوساطات الخارجية ولا حتى غيوم الحرب المتجمعة في دفع السياسيين الى التحرك لمعالجة الازمة السياسية القائمة.
وبينما تدور تكهنات في بيروت بان قائد قوة القدس في الحرس الثوري الايراني اسماعيل قآاني موجود منذ مساء أمس في بيروت، فان العديد من اللبنانيين مثلهم مثل كثيرين في انحاء المنطقة، يتابعون كل ما يصدر من طهران من مواقف حول الصراع الدائر حاليا، ومن ذلك ما قاله وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان بعد لقائه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال زيارته الى قطر، بان "المنطقة في مرحلة اتخاذ قرار تاريخي وأطراف المقاومة في المنطقة تقرر بنفسها ولا تنتظر القرارات السياسية، مضيفا انه "في حال استمرار الجرائم من قبل الصهاينة وتوسيع رقعة الصراع فلن يسلم أي طرف من نيران الحرب وآثارها، أما واشنطن وبخلاف دعوتها الآخرين لضبط النفس أصبحت طرفاً بالحرب وهي ليست في مكانة تسمح لها بدعوة الآخرين إلى الهدوء".
لكن اللبنانيين حائرون ايضا، وهم يترقبون بالاضافة الى ذلك، ماذا يصدر من واشنطن، ومن تل ابيب، وما هي الرسائل الصاروخية الاتية من اليمن في الجنوب، وماذا يجري من الجهة العراقية والسورية، خصوصا من الاستهداف شبه اليومي للقواعد العسكرية الامريكية. ومن الطبيعي ان يشعر اللبنانيون بقلق كبير، خصوصا مع اعلان واشنطن منذ المرحلة الاولى لاندلاع معركة غزة، بتمركز حاملتي طائرات، وما ترافقهما من سفن حربية اخرى، في شرق المتوسط، فيما وضع في سياق تحذير اميركي ل"منع طرف ثالث من التدخل".
ولعل الصدمة الاكبر من جانب العديد من اللبنانيين تتعلق بالتصريحات المثيرة للجدل من جانب فرنسا المعروفة عند البعض في بيروت بأنها بمثابة "الام الحنون" للبنان، عندما اقترح قبل ايام اثناء زيارته الى اسرائيل، تشكيل تحالف دولي لمحاربة حماس، على غرار التحالف الدولي الذي تشكل منذ اكثر من 8 اعوام لمحاربة داعش في العراق وسوريا.
وبكل الاحوال، ومهما كانت طبيعة خطاب نصرالله الجمعة، فإن انصاره، بالاضافة الى العديد من اللبنانيين، يعتبرون ان لبنان منخرط فعليا في المعركة الجارية حاليا، وليست صدفة ان ما يسمى "الاعلام الحربي" قد وزع بالامس، اي قبل 3 ايام من الخطاب الموعود، "انفوغراف" تفصيلي يتضمن حصيلة 105 عمليات من الهجمات التي شنها حزب الله في الايام ال20 الماضية، والتي وزع مشاهد فيديو عديدة لها، ضد المواقع الاسرائيلية في الجنوب على الحدود، وداخلها. وتتضمن الحصيلة الاشارة ان 120 جنديا اسرائيليا بين قتلى وجرحى، وتدمير 13 دبابة وناقلات جند، وتدمير 33 رادارا، واسقاط مسيرة جوية واحدة للمرة الاولى، وتدمير 140 كاميرا، و69 منظومة اتصالات، و17 نظام تشويش، و27 منظومة استخبارات. والاهم بحسب رؤية المقاومة في لبنان، ان هذه الهجمات دفعت اكثر من 65 الف مستوطن اسرائيلي الى اخلاء 28 مستوطنة مجاورة للحدود مع لبنان.