تجربة الصدر.. "نيوزويك" عن "الخطأ الكبير" باستبعاد نساء العراق عن بناء الدولة
شفق نيوز/ خلصت مجلة "نيوزويك" الأمريكية إلى أن قيام العراق كدولة تحتاج الى نسائه كما إلى رجاله، مستعيدة تجربة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي تصدى لمشاركة المرأة في تظاهرات الثورة قبل عامين، ما يعكس نظرة القوى السياسية التقليدية لدور النساء في الحياة السياسية العراقية، في وقت يقود الصدر حاليا جهود تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
وفي تقرير كتبته الباحثتان شايان طالباني وجيمي شيلي، ذكرت المجلة أنه في 13 شباط / فبراير العام 2020، غصت شوارع العراق باللونين الزهري والأرجواني، وذلك كرد على السيد مقتدى الذي انتقد "الاختلاط" بين المتظاهرين، حيث ارتدت ناشطات نسائيات ملابس زهرية وارجوانية لإثبات حقوقهن في اسماع اصواتهم على الساحة السياسية العراقية الخاضعة للهيمنة الذكورية.
ولفت التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى أنه برغم ان هذه الحادثة جرت قبل عامين، الا ان ارث حركة تشرين (أكتوبر) الذي عزز المسيرة النسائية، لا يقل اهمية عن اي وقت مضى، حيث أحيت مجددا تاريخ النضالات التي تقودها المرأة في العراق، والتي تجاهلها الغرب بدرجة كبيرة، رغم أنها ساهمت في إلهام جيل جديد نشط سياسيا ومصمم على تغيير العراق نحو الافضل.
واوضح التقرير؛ انه رغم سنوات من التظاهرات المختلفة المعارضة للحكومة في مختلف أنحاء العراق منذ العام 2011، فإن حركة تشرين في العام 2020، كانت اكبر من أي حركة احتجاج أخرى عاشها العراق في تاريخه الحديث، مضيفة أن هذا الحراك عكس مشاعر شريحة كبيرة في المجتمع العراقي ضد الفساد والنظام السياسي الطائفي الذي فشل في الاستجابة للمطالب السياسية والاقتصادية، وقد أصبحت المراة العراقية جزءا أساسيا من نجاح هذا الحراك.
وأكد التقرير؛ على أن المرأة العراقية لعبت دورا محوريا في التخطيط للاحتجاجات والاعتصامات السلمية عبر نصب الخيام الاحتجاجية، وتنظيم النقاشات الفكرية، والكتابة، والرسم، والطبخ، والتطوع كممرضات وتقديم الاستشارة القانونية، مضيفا أن النساء من جميع الخلفيات شاركن بذلك بغض النظر عن الطائفة أو العرق، خاصة في المدن الأكثر محافظة مثل الناصرية والنجف وكربلاء، للمطالبة بواقع سياسي واجتماعي مختلف يتضمن العدالة الاجتماعية واللاعنف واللاطائفية والمساواة والتقدمية.
ولفت التقرير إلى أن مقتدى الصدر، أحد اقوى الشخصيات في العراق، غرد في 8 فبراير/ شباط العام 2020، منتقدا الاختلاط بين الجنسين داخل خيام الاحتجاج، وهو موقف اعتبره المتظاهرون اهانة وينزع المصداقية خاصة بحق النساء على الرغم
من تضحياتهن والمخاطر على حياتهن، مضيفا ان الصدر كان يحاول اسكاتهن بتهمة الاختلاط.
وللمفارقة، أشار التقرير إلى أن الصدر كان على مر السنين، في قلب العديد من التظاهرات المعارضة للحكومة، وكان أحد أبطال هذه الاحتجاجات والمدافعين عنها، مضيفا أن تغريدة الصدر أظهرت للمتظاهرين، انه جزء من الوضع القائم المثير للاشكالية والذي يعاني منه العراق منذ العام 2003 ويعرقل التقدم الديمقراطي.
وبحسب التقرير؛ فإن المتظاهرين ردوا على تغريدة الصدر على وسائل التواصل الاجتماعي برسائل دعم وهاشتاغات دعما للعمل السياسي للمرأة، وتبع ذلك دعوات لمسيرة نسائية، أفضت الى مسيرات الاحتجاجات الزهرية والارجوانية التي نظمت بعد أيام، في ظل لافتات تقول: "صوتج ثورة ، مو عورة" - "صوتك ثورة ، وليس عملا غير لائق".
وخلص التقرير الى القول ان الحركات النسائية اليوم تشكل تحديا للقوى السياسية المحافظة والطائفية المهيمنة في العراق حيث طالبت بعض الأحزاب المحافظة والطائفية بنشر قوانين الاسرة الطائفية لتحل مكان قانون الأحوال الشخصية الموحد، بالإضافة إلى أن هذه القوى عرقلت حملة من أجل قانون مناهضة العنف الاسري.
من المرجح أن تزداد الطاقة المعادية للإسلاميين والطائفية وراء الاحتجاجات الزهرية والارجوانية مع تغيرات طفيفة. تمثل المراة العراقية قوة تقدمية وموجهة نحو المستقبل تقاوم القوى الرجعية و الاقصائية.
واعتبر التقرير أنه على العكس من دول الشرق الاوسط الاخرى، فان العراق شهد انتقال القيادة النسائية في الاحتجاجات الزهرية والارجوانية، من الشوارع الى التمثيل السياسي، مثلما ظهر في المكاسب الانتخابية التي حققتها النساء، مضيفا أنه برغم قلة الإقبال، خاصة بين الشباب الذين قادوا الاحتجاجات ويمثلون غالبية المواطنين، فإن أداء النساء المرشحات كان جيدا، حيث تجاوز عدد النساء ممن جرى انتخابهن، الكوتا بنسبة 25 %، وفازت النساء بـ 97 مقعدا من اصل 329 (حوالي 30%) في مجلس النواب.
وختم التقرير بالإشارة إلى أنه يتحتم على النخبة السياسية في العراق ان تدرك انها لا تمثل غالبية الفكر العراقي، مضيفا أنه عندما تصبح النساء اكثر تنظيما وانخراطا، فإن استبعادهن من صناعة القرار السياسي لن يؤدي إلا إلى زيادة اتساع الفجوات في المجتمع.
واعتبر التقرير؛ أن الاحتجاجات الزهرية والارجوانية التي أوقدتها تغريدات الصدر كشفت عن اتساع الفجوة بين الحكومة العراقية ومواطنيها، في وقت يحاول الصدر تعزيز سلطته في العراق، ويساوم السياسيون والتكتلات السياسية من أجل تشكيل حكومة جديدة، محذرا من أن أولويات المرأة ومشاركتها ليست على جدول أعمالهم، وهو "خطأ كبير"، إذ أنه إذا كان العراق سينجح كدولة، فإنه سوف يحتاج الى كل رجاله ونسائه لمواجهة تحدياته العديدة.
ترجمة: وكالة شفق نيوز