بعد شهر من تصنيف المركزي العراقي .. "صغار المؤثرين" يُقصون من السوق

بعد شهر من تصنيف المركزي العراقي .. "صغار المؤثرين" يُقصون من السوق
2025-12-19T08:50:14+00:00

بغداد – شفق نيوز

بعد مرور أكثر من شهر على تصنيف البنك المركزي العراقي، مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي والمؤثرين ضمن فئة ذوي المخاطر المرتفعة أمام القطاع المصرفي، وتحذيره للمصارف العراقية من التعامل معهم للحد من عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، تبرز الحاجة وفق بعض صنّاع المحتوى من هذه الشريحة، إلى إعادة النظر في القرار الذي يرونه صائباً لكنّه شديد ولا سيّما على "الصغار" منهم، ما قد يدفعهم إلى الابتعاد عن هذا المجال.

حيث يؤكد صانع المحتوى عدنان إبراهيم، في حديث خاص لوكالة شفق نيوز، أن "إجراءات البنك المركزي التي ألزم بها البنوك والمصارف ضرورية لتنظيم سوق الإعلانات الرقمية وحماية الاقتصاد الوطني خاصة مع دخول مبالغ كبيرة إلى حسابات بعض الأفراد من دون إطار تجاري واضح"، غير أنها في الوقت ذاته، "تضغط على صنّاع المحتوى الصغار، لأن تطبيق هذه الإجراءات جاء بشكل صارم ولم يتم عبر مراحل ما سيدفع بعضهم إلى الخروج من هذه السوق".

وكان مسؤول في هيئة الإعلام والاتصالات، قد أشار إلى أن إجراءات مكافحة المحتوى الهابط قد كشفت عن وجود أكثر من 11 ألف صانع محتوى، مشمول بتصنيف البنك المركزي الأخير، وهو ما يجعل عمليات ضبط حسابات المؤثرين وتنظيمها ضرورية لمواجهة عمليات غسيل الأموال وغيرها.

وتعليقاً على الموضوع، يقول الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، إن "توجّه أفكار الجيل الشاب في العمل إلى البث المباشر على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على الأرباح، يضعنا أمام مشكلة كبيرة، حيث سنجد أنفسنا أمام جيل لا يعمل".

ويضيف لوكالة شفق نيوز، أن "إجراءات البنك المركزي التي تدعو المؤثرين إلى فتح حساب مصرفي يحصل من خلاله على الأموال عبر محتوى هادف هي إجراءات إيجابية، لمعرفة الأرباح التي يحصل عليها المؤثرون ومعرفة مصدرها وتكون خاضعة للضريبة".

ويلفت حنتوش إلى أن "أغلب دول المنطقة، ومنها الكويت والإمارات وغيرها يمتلك قرارات مشابهة ويتخذ إجراءات مهمة إزاء المحتوى الذي يدعي تحقيق أرباح عالية، ولديه إجراءات تتعلّق بغسيل الأموال والاكتساب غير المشروع وغير المبرر"، منوّهاً إلى أن "العراق يسعى لاتخاذ إجراءات مماثلة من خلال دعوة المؤثرين في المواقع إلى فتح حسابات مصرفية يتم من خلالها تسلم الحوالات المالية عن المحتوى  الهادف، وليس عن بث غير لائق".

وإذا كان أصحاب المحتوى الهابط يحصلون على أموال كثيرة، فإن من الضروري أن يتم تسليط الضوء على الجانب السلبي بهذا الموضوع كما يرى لحنتوش، وأن يتم اتخاذ إجراءات قانونية صارمة إزاءه.

وتتضمن إجراءات البنك المركزي إلزام المصارف والمؤسسات المالية باعتبار المؤثرين عملاء مرتفعي المخاطر واعتماد أنظمة تصنيف خاصة بهم، مع تحديث مستمر لبياناتهم وطبيعة نشاطهم ومصادر دخلهم، إضافة إلى التدقيق في عقود الإعلان والرعاية والتسويق المبرمة بينهم وبين الشركات أو الجهات الممولة، للتحقق من هوية الجهة الراعية، وحجم مبالغ الدعم، والحصول على كشوف الحسابات أو البيانات المالية الواردة من منصات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية التي تدفع للمؤثرين.

كما تتضمن مقارنة تلك الأرقام بحركة الحسابات المصرفية، فضلاً عن إلزام المؤثرين بربط حساباتهم المصرفية بالحسابات والصفحات الرسمية على منصات التواصل وإبلاغ المصرف بأي تغييرات في الأسماء أو الحسابات الرقمية.

ويؤكد الخبير القانوني قتادة صالح فنجان، "وجود مسوّغات قانونية تسمح للبنك بإصدار بيانات معينة".

 ويوضح في تصريح خاص لوكالة شفق نيوز، أن " النظام المصرفي العراقي يعمل ضمن أطر قانونية أهمها، قانون البنك المركزي العراقي رقم (56) لسنة 2004، وهو المنظم الأعلى للعمل المصرفي، وقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39) لسنة 2015، وهو القانون الأكثر تأثيراً في هذا السياق".

ويضيف أنه "بناءً على هذه القوانين فإن، من حق البنك بل من واجبه القانوني أن يتخذ الإجراءات التي قد تشمل إصدار إخطار أو بيان للعميل أو الجهات المتخصصة، إذا شك البنك بأن الحوالة الواردة أو الصادرة قد تكون مرتبطة بأنشطة غير مشروعة كغسل الأموال أو الفساد أو تمويل الإرهاب أو الاحتيال، لأن القانون يلزمه بالتدقيق المعزّز وطلب معلومات ووثائق إضافية من العميل تثبت مصدر الأموال والغرض من التحويل، وهذا ينطبق على المؤثرين ومنهم الشخصيات السياسية وأقربائهم والمقربون منهم، حيث يعتبرون أكثر عرضة لمخاطر الفساد وغسل الأموال".

ويؤكد فنجان أن "الاجراءات القانونية في هذا السياق تتمثل في الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة اذا  تأكدت الشكوك بذلك، فيجب على البنك إبلاغ الوحدة المالية العراقية (جهة مكافحة غسل الأموال) بشكل سري، وقد يتلقى تعليمات بتعليق أو تجميد التحويل مؤقتاً، ورفض إتمام المعاملة في حال عدم تقديم العميل للوثائق الكافية، أو إذا كانت المعاملة تنطوي على مخاطرة عالية لا يمكن تخفيفها، فمن حق البنك رفض فتح الحساب أو إجراء التحويل قانونياً".

ويشير إلى أن اسم العميل أو المستفيد إذا كان مدرجاً على قوائم العقوبات كقوائم الأمم المتحدة أو وزارة الخزانة الأمريكية أو القائمة العراقية الرسمية، عندها يكون البنك مطالباً قانوناً بتجميد الأموال وعدم تنفيذ التحويل وإبلاغ الجهات المتخصصة"، مشيراً إلى أن "سياسة البنك المركزي الداخلية ترفض التعامل مع معاملات لا تتوافق مع سياسات الالتزام أو تشكل خطراً على سمعة البنك، وان تعامل المصارف مع المؤثرين في مواقع التواصل أو ما يسمى الأشخاص المكشوفين سياسياً PEPs تتضمن تدقيقاً صارماً بموجب قانون مكافحة غسل الأموال وتعليمات البنك المركزي".

ويوضح أنه من خلال ذلك يتم تحديد وتعريف العميل على أنه "شخص مكشوف سياسياً"، والتحقق من مصدر الثروة والدخل والأموال المحددة في كل معاملة كبيرة أو غير اعتيادية يكون وفق قوانين البنك لفهم طبيعة العلاقات الاقتصادية والغرض من الحساب والتحويلات، ومراقبة الحساب بشكل مستمر على أن يتم في البدء موافقة الإدارة العليا على فتح حسابات لهؤلاء الأشخاص والإبلاغ عن أية معاملة مشبوهة.

كما ينوّه الخبير القانوني، إلى أنه "من حق البنك ألا يسلم الحوالة لهؤلاء الاشخاص ولكن ضمن شروط، أبرزها أن يكون الرفض قائماً على أسباب قانونية كالشك في غسل الأموال، أو عدم كفاية الوثائق، أو وجود اسم في قوائم العقوبات، وفي حال كان رفض تسليم الحوالة تعسفياً أو تمييزياً ومن دون سبب قانوني، فيُعد تصرف البنك غير قانوني ويعرضه للمساءلة أمام البنك المركزي العراقي أو القضاء".

ويؤكد أن "الإجراء السليم للبنوك يكمن بمطالبة العميل بالوثائق الإضافية، وإذا لم يقم العميل بتقديمها، من الممكن للبنك رفض المعاملة وإخطار العميل بالسبب دون الكشف عن تفاصيل الإبلاغ السري للجهات الرقابية".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon