بعد حكم الإعدام بحق "سليمان احمد" .. قلق بين أفراد الجالية السورية في العراق
شفق نيوز / بغداد ـ كركوك - اربيل
أثار قرار محكمة جنايات النجف بإعدام المواطن السوري محمد
سليمان أحمد المدان وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، حالة من القلق
والتوتر بين أوساط الجالية السورية المقيمة في العراق.
ويبلغ عدد أفراد الجالية السورية، وفق تقديرات المفوضية
السامية لشؤون اللاجئين، أكثر من 250 ألف شخص، وهم موزّعون على عدد من المحافظات،
أبرزها محافظات إقليم كوردستان وبغداد وكركوك ونينوى.
وفي الوقت الذي أكدت فيه المحكمة أن الحكم صدر بعد
استيفاء جميع الإجراءات القانونية واعتراف المتهم بضلوعه في أعمال إرهابية، عبّر
عدد من السوريين المقيمين في العراق عن خشيتهم من أن ينعكس القرار على نظرة الشارع
العراقي تجاههم، خصوصاً في ظل أوضاع معيشية صعبة يعيشونها منذ سنوات.
وقال محمد الحلبي، وهو تاجر سوري مقيم في بغداد منذ عام
2015، في حديث لوكالة شفق نيوز، "نحن نحترم القضاء العراقي ونثق بعدالته، لكن
نخشى أن تؤدي بعض الحملات على مواقع التواصل إلى وصم السوريين جميعاً بسبب تصرف
شخص واحد".
ويضيف، "أغلبنا يعيش هنا بكرامة، ونحن نعمل في
الأسواق والمعامل لتأمين رزق عائلاتنا".
أما عمر عبد الله، وهو سوري يقيم في كركوك ويعمل في تجارة
الألبسة، فيقول، "نحن نعيش بين العراقيين كإخوة، لكن صدور حكم بالإعدام على
سوري خلق نوعاً من التوجّس لدى بعض الناس".
ويضيف، "نخاف أن يتحوّل الأمر إلى كراهية أو سوء
فهم، خاصة في المناطق التي تشهد أصلاً حساسية أمنية".
وفي داخل إقليم كوردستان، يبدو السوريون أكثر حرية
وأمناً، غير أن حكم الإعدام بحق المواطن السوري أثار القلق بينهم أيضاً.
ويشير سمير القامشلي، المقيم في أربيل، إلى أن السوريين
في إقليم كوردستان يتمتعون بحرية عمل نسبية واستقرار أفضل من باقي المحافظات،
مضيفاً ان "العلاقة بين الكورد السوريين والعراقيين متينة، وهناك تعاطف
متبادل نابع من ظروف اللجوء المشابهة، لكن الأخبار الأخيرة سببت قلقاً عاماً بين
السوريين".
ويعيش عدد كبير من السوريين في العاصمة بغداد، وهم الأكثر
تخوّفاً من أي انعكاس قد يسببه الحكم الأخير على حياتهم وعملهم في العاصمة.
ويقول أحمد عبد الرحمن الدمشقي، وهو تاجر مواد غذائية في
بغداد، إن "القرار القضائي يجب ألا ينعكس سلباً على آلاف السوريين المقيمين
هنا بشكل قانوني".
ويضيف في تصريح لوكالة شفق نيوز، "نحن ضيوف في هذا
البلد، نعمل وندفع الإيجارات ونحترم القانون، وما نطلبه فقط هو عدم التعميم أو
الخلط بين الجريمة الفردية والجالية بأكملها".
وفي تطوّر آخر، أفادت مصادر محلية لوكالة شفق نيوز، أن
"مجموعة من العراقيين العائدين من سوريا تعرّضوا قبل يومين لحادثة تسليب
واعتداء في منطقة البو كمال الحدودية من قبل مسلحين يُعتقد أنهم من جنسية سورية،
وذلك على خلفية التوتر الشعبي بعد صدور حكم الإعدام".
وذكرت المصادر، أن "المهاجمين استوقفوا سيارة تقل
أربعة عراقيين قادمين من الأراضي السورية، وقاموا بالاعتداء عليهم وسلب ما بحوزتهم
من أموال وهواتف"، مشيرة إلى أن الحادثة أثارت موجة استياء في أوساط
العراقيين المقيمين في المدن الحدودية.
وفي تعليق على ذلك، قال مصدر أمني في محافظة الأنبار
للوكالة، إن "القوات العراقية شددت من إجراءاتها الأمنية على المعابر
الحدودية مع سوريا، تحسباً لأي تصعيد أو ردود أفعال فردية"، مؤكداً أن
"ما حدث في البوكمال لا يمثل السوريين جميعاً، وقد تكون دوافعه جنائية أكثر
منها سياسية".
ووفق بيانات وزارة الداخلية العراقية، فإن عدد السوريين
الذين يحملون تصاريح إقامة رسمية في البلاد يتجاوز 180 ألفاً، فيما تشير تقارير
منظمات إنسانية إلى أن أعداداً أخرى تعيش بدون وثائق إقامة نتيجة صعوبات قانونية
واقتصادية.
ويرى مراقبون أن استمرار التوتر قد ينعكس سلباً على
العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين اللاجئين السوريين والمجتمع العراقي المضيف،
خصوصاً في المدن التي تشهد نشاطاً تجارياً مشتركاً.
ويؤكد الخبراء أن "التعامل مع مثل هذه القضايا يحتاج
إلى خطاب متوازن يحترم القضاء ويحمي النسيج الاجتماعي، بعيداً عن التحريض أو
التعميم".