"بايدن يستقطب المحافظين الجدد".. تقرير امريكي يحذر من "عودة حزب الحرب"
شفق نيوز/ حذرت صحيفة "ذا نايشن" الأمريكية من ان "حزب الحرب" يعاود حضوره داخل ادارة الرئيس جو بايدن وفي الحياة السياسية الامريكية، بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان اللذين لديهما اخفاقات في العراق وليبيا، منتقدة "قواعد اللعب الفاشلة" التي اتبعها هذا "الحزب" والتي تنادي بسياسات عالمية لا تحتاجها واشنطن، وليس بإمكانها تحقيقها.
وأوضح التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان بايدن كان عيّن فيكتوريا نولاند، التي كانت مسؤولة ديك تشيني المعنية بالعراق، في منصب نائبة وزير الخارجية، والمسؤولة الثانية في وزارة الخارجية، كما قام بتعيين اليوت ابرامز، الذي أدين بالكذب تحت اليمين، وهو مدافع عن التعذيب في أمريكا الوسطى خلال عهد رونالد ريغان، في اللجنة الاستشارية للدبلوماسية العامة. ولفت التقرير إلى أن بيل كريستول، عضو اللوبي المتشدد المؤيد لحرب العراق، دفع مليوني دولار ككلفة لثمن الإعلانات التلفزيونية التي تحث الجمهوريين على المضي قدما في دعم حرب أوكرانيا.
وتابع؛ قد تكون الحرب بمثابة صحة الدولة وقد لا تكون، لكنها بالتأكيد بمثابة منشط للمحاربين من المحافظين الجدد.
واشار التقرير الامريكي الى ان بايدن يعود الى اتباع سياسات مدمرة من جانب مؤسسة السياسة الخارجية والايمان بالهيمنة الاميركية الجيدة، مضيفا أن هناك عودة لاستخدام أوصاف مثل أمريكا الدولة التي لا غنى عنها و"النظام القائم على القواعد"، محذرا من أن الأمريكيين مدعوون مجددا "الى صراع عالمي بين الديمقراطية والاستبداد".
واوضح التقرير؛ ان الامريكيين يشنون "حربا بالوكالة مع روسيا في أوكرانيا بينما نستعد في الوقت نفسه لحرب باردة مع الصين، ونفرض عقوبات اقتصادية على 26 دولة، ونحتفظ بأكثر من 750 قاعدة عسكرية في 80 دولة، ونرسل قوات إلى أكثر من 100 دولة، وعبر البحار السبعة".
واعتبر التقرير؛ أن التعيينات التي قام بها بايدن، تعكس هذه السياسة، موضحا أن قادة فريقه للسياسة الخارجية، مثل وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان – هم من السياسيين القدامى المتورطين في الاخفاقات الأميركية الماضية.
وبحسب التقرير، فإن بلينكن المتشدد، كان من الأبطال المتحمسين لحرب العراق، والتي كانت المغامرة الاكثر كارثية منذ حرب فيتنام، في حين أن سوليفان، كان الخبير الاستراتيجي المفضل لدى هيلاري كلينتون، ناشطا فيما يتعلق الكارثة الليبية، والتي صاغها عمل على صياغتها كنموذج على "عقيدة كلينتون" قبل أن يتم ترك ليبيا في حالة من الفوضى والعنف.
واضاف التقرير انه "حتى اكثر المحافظين الجدد تعصبا عادوا الآن الى السلطة".
وذكّر التقرير بأنه بعد الكارثة في العراق، فإن ما كان متصورا هو أن هؤلاء الايديولوجيين، على حد تعبير جيمس فالوز "نالوا الحق في ألا يتم الاستماع إليهم"، وانهم سوف يتقاعدون في ظل مشاعر الخزي، لكتابة مذكراتهم واعتذاراتهم.
لكن التقرير لفت الى وجود ظاهرتين ساعدتا هؤلاء الايديولوجيين على العودة إلى نعمة المؤسسة الحاكمة (الايستابلشمانت)، أولهما هي مجيء دونالد ترامب ومتلازمة اضطراب ترامب حيث جرى الترحيب بعودة المحافظين الجدد بشكل خاص، الى احضان "الايستابلشمانت" بعدما انفصلوا عن ترامب، مع استثناءات قليلة (مثل اليوت ابرامز، الذي كان بمثابة الرجل الرئيسي لترامب في الجهود المجنونة للاطاحة بالحكومة الفنزويلية) واصدروا إدانات غاضبة لسياسات ترامب "الانعزالية".
وتابع التقرير أن الظاهرة الثانية التي ساعدت هؤلاء على استعادة حظوظهم، فتمثل في الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ أنها ساهمت في منح كل أفكارهم حول الحرب الباردة، حياة جديدة مثل أن "بوتين شرير"، وانه لم يتم التصدي له في أوكرانيا، فسوف ينتقل الى بولندا أو دول البلطيق، وأن إلحاق الهزيمة العسكرية به هو فقط يمكن أن يردعه.
ونوه التقرير إلى أن المسؤولية التي تتحملها الولايات المتحدة إزاء هذه الحرب، بما في ذلك توسيع حلف الناتو الى حدود روسيا والتجاهل بازدراء للتحذيرات الروسية من خطوة محاولة ضم اوكرانيا الى الحلف، تم نسيانها سريعا او تم رفضها باعتبارها غير ذات صلة بالحرب.
وحذر التقرير من أن "مخاطر إحياء حزب الحرب الأمريكي، واضحة في أوكرانيا"، موضحا ان المحافظين الجدد، مثل ماكس بوت واليوت كوهين، يهاجمون إدارة بايدن الآن بسبب حذرها في تسليح الأوكرانيين، ويعتبرون ان بالامكان تجاهل خطوط بوتين الحمراء، وأنه لابد من تزويد اوكرانيا بالاسلحة اللازمة لقصف روسيا وشبه جزيرة القرم بشكل مباشر، كما أنهم يعتبرون أنه لا يجب هزيمة روسيا فحسب، بل يجب اقتلاعها ايضا.
وفي هذا السياق، يذكر التقرير بما كتبه كوهين مؤخرا في مجلة "ذي اتلانتيك"، حيث قال "نحن بحاجة الى مشاهدة حشود من الروس يفرون، او ينشقون، او يطلقون النار على ضباطهم، او يقعون اسرى، او يقتلون. يجب ان تكون الهزيمة الروسية عبارة عن فوضى دموية كبيرة لا لبس فيها".
والان، ينبه التقرير الأمريكي من أنه في ظل وصول الحرب الاوكرانية الى مأزق وحشي ودموي، فان ادارة بايدن تتجاوب ببطء مع دعوات التصعيد، حيث أرسلت الدبابات، ثم القنابل العنقودية، ثم وافقت على طائرات "اف-16" عبر الحلفاء، وسرعان ما ستتبعها صواريخ بعيدة المدى.
كما حذر التقرير من ان هذا " المسار يراهن كثيرا على ضبط النفس لدى زعيم (بوتين) قيل لنا انه رجل مجنون". وتابع تحذيره قائلا ان "التداعيات الأوسع نطاقا أكثر خطورة حيث ان بايدن أحيا خطاب وطموحات "الاستثنائية" الأمريكية، بحيث ان الولايات المتحدة سوف تجلس على رأس كل طاولة وسوف تحدد القواعد، وتراقبها في كافة أنحاء العالم.
ونقل التقرير عن روبرت كاجان، وهو من رموز المحافظين الجديد، وزوج فيكتوريا نولاند، قوله إن "القوى العظمى ليس من حقها ان تتقاعد"، ويضيف ان "الوقت قد حان من اجل ابلاغ الاميركيين انه لا يوجد مفر من المسؤولية العالمية... أن مهمة الحفاظ على النظام العالمي لا تنتهي وكلفتها كبيرة ولكنها أفضل من البديل".
لكن التقرير اعتبر من جهته، أن الوقت قد حان لإجراء تقييم صادق وقاس للتكاليف المتزايدة والمخاطر المتزايدة الناجمة عن عسكرة السياسة الخارجية للولايات المتحدة والجهود المتواصلة للقيام بدور شرطي العالم، مضيفا أن "المأزق الفعلي مصدره الادعاء غير الدقيق بأن التاريخ يلزم الولايات المتحدة بمواصلة سياسة الهيمنة العسكرية حتى نهاية الزمن".
وختم التقرير يتحذير إدارة بايدن من "الالتزام بقواعد اللعب الفاشلة التي اتبعها حزب الحرب في الماضي والتكاليف المتزايدة لسياسة عالمية لا نحتاج إليها وليس بالإمكان تحقيقها".
ترجمة: وكالة شفق نيوز