"انتقد الصحافة في الولايات المتحدة": هل يستدرج الإعلام الأمريكي واشنطن إلى حرب جديدة؟
شفق نيوز/ تساءلت "نشرة الصحافة في كولومبيا" الأمريكية عما إذا كانت وسائل الإعلام الامريكية تساهم مجددا في جر الولايات المتحدة الى الحرب من خلال أدائها في التعامل مع التطورات العسكرية التي تمثلت في الغارات التي شنتها واشنطن مؤخرا على العراق وسوريا، ردا على الهجوم على القاعدة الامريكية في الاردن.
وأشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ إلى أنه بمجرد وقوع الضربة بالطائرة المسيرة على القاعدة الامريكية في الاردن، سرعان ما تحول اهتمام وسائل الإعلام الى التساؤل كيف ومتى وأين قد تقوم الولايات المتحدة بالرد العسكري.
ولفت التقرير إلى أن الصحافيين طرحوا الثلاثاء الماضي مثل هذه الاسئلة على الرئيس بايدن بينما كان مغادرا البيت الأبيض حيث قال إنه لا أنه لا "يبحث" عن "حرب أوسع" في الشرق الاوسط، ولم يتحدث عن تفاصيل اضافية، الا انه بعدما ضغط عليه الصحفيون بالمزيد من الاسئلة، تراجع ليقول "سنرى"، ثم توجه إلى المروحية التي كانت تنتظره.
وأشار التقرير إلى أنه بعد مرور أسبوع على ضربة الأردن، كان المسؤولون الأمريكيون مستمرين في التوضيح بأن الرد العسكري آت، لكن الضربات لم تقع، الى ان حل يوم الجمعة حيث هاجمت الولايات المتحدة 85 هدفا في سوريا والعراق، بينما أصدر بايدن بيانا كرر فيه أن واشنطن لا تسعى الى الحرب، لكنها سترد على الاذية التي تلحق بجنودها.
وتابع التقرير؛ أن صحيفة "بوليتيكو" لفتت الى ان بايدن لم يظهر شخصيا لشرح الضربات ولم يكن لديه الكثير ليقوله، برغم أن هذا الشرح ضروري بالنسبة لجمهور ربما يكون حائرا إزاء طبيعة المهمة الامريكية التي قتل خلالها الجنود في الاردن، او تداعيات ما بدأ يظهر وكأنه حرب متعددة الجبهات.
ولفت التقرير الى ان مستشار الامن القومي جيك سوليفان تلقى أسئلة من مقدمي البرامج الحوارية ليوم الاحد بما فيها على قناة "ان بي سي" خاصة السؤال المكرر حول ما إذا كان ادارة بايدن تستعد لشن ضربات داخل إيران نفسها، ورد في نهاية الأمر بالقول "لن أؤكد أو أستبعد أي نشاط في أي مكان".
واضاف التقرير انه بينما جرى انتقاد ادارة بايدن بسبب الافتقار إلى الشفافية فيما يتعلق بالغارات، فانها ايضا تعرضت للانتقادات، خصوصا من اليمين الأمريكي، بسبب شفافيتها المفرطة حول الموضوع، حيث مثلا وصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضربات بأنها "واحدة من أكثر الهجمات العسكرية المعلن عنها ضد عدو في التاريخ".
وذكر التقرير بأن بعض المحللين اعتبروا ان الاعلان المسبق عن الغارات ربما مقصودا والهدف منه السماح لإيران بنقل عناصرها بعيدا لتجنب إلحاق الاذى بها وبالتالي الحد من مخاطر التصعيد الإضافي. ونقل التقرير عن قناة "بي بي سي" إلى أن الولايات المتحدة تتبنى "نهجا معتدلا" لا هو صعب ولا هو ناعم اكثر مما ينبغي.
وقال التقرير انه على غرار مثل هذه اللحظات من التوتر، فإن بعض المراقبين لم يشككوا في شفافية الإدارة الأمريكية في مناوراتها العسكرية فحسب، بل أيضا في الدور الذي تلعبه وسائل الاعلام الاميركية في تأجيج سخونة الحرب.
وتحدث التقرير عن برنامج الأخبار "الديمقراطية الآن!" الذي يوصف بأنه تقدمي، وجرى خلاله وصف وسائل الاعلام بانها تقف جزئيا وراء "قرع الطبول" الذي يحرض على الرد العسكري على الهجوم في الاردن.
كما لفت التقرير إلى ما أوردته نشرة "حروب أبدية" حول أن المؤسسات الإخبارية الكبرى كانت "تقدم بشكل خيارات لما يجب أن يتم قصفه".
ونقل التقرير عن الناقد الإعلامي دان فرومكين أن مثل هذه المنابر الاعلامية "يبدو أنها تنشط بسبب احتمال" اندلاع صراع إقليمي كبير، حيث يبدو كأن الصحفيين يصرخون تأييدا للحلول العسكرية، وينسون بشكل متعمد الدرس المستفاد من العراق (وأفغانستان وفيتنام) بأن التدخل العسكري الأمريكي كثيرا ما كان يجعل الامور اكثر سوءا.
وانتقد التقرير فكرة أن بعض الأصوات البارزة داخل صناعة الإعلام في الولايات المتحدة، تفوقت فعليا على الإيقاعات العسكرية في الماضي، سواء من خلال مساعدة إدارة ما على الترويج للتدخل العسكري في الخارج (كما في حالة العراق) أو انتقاد إدارة لدفعها من أجل إنهاء حرب (كما في حالة أفغانستان).
كما لفت التقرير الى بعض المواقف التحريرية المتشددة لبعض المطبوعات الكبرى، مثل "واشنطن بوست" التي طالبت هيئتها التحريرية في مقال في الأسبوع الماضي "بالانتقام المدمر" ضد منفذي الهجوم في الاردن.
لكن التقرير قال؛ ان هذه الامثلة لا تعني أن التشدد كان هو الوضع الدائم للمشهد الاعلامي الاميركي برمته، أو أن النقد المتشدد كان دائما متهورا، مشيرا على سبيل المثال إلى أنه عندما أمر الرئيس السابق دونالد ترامب باغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني مستندا على ادعاءات واهية عن هجمات "وشيكة" على الأمريكيين، فإن العديد من الشخصيات الاعلامية الأمريكية أعربت عن شكوكها.
وتابع التقرير؛ أن طرح الأسئلة حول الضربات المخطط لها لا يعني تأييدها، مشيرا الى انه حتى بعض المراقبين الصقور (بما في ذلك هيئة تحرير صحيفة واشنطن بوست)، لم يصلوا الى حد الدعوة إلى توجيه ضربات داخل ايران.
ورأى التقرير أن التعميم حول أي قضية تطالها تغطية مكثفة، هو بكل الاحوال امر محفوف بالمجازفة، لكنه انتقد فكرة الافتراض القديم القائل بأن التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الاوسط هو الطريقة الطبيعية للعالم، وليس خيارا سياسيا مثيرا للجدل بشكل مستمر. وتابع قائلا انه بالنظر الى محورية اللحظة الحالية بالنسبة الى المنطقة والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة فيها، فان هناك حاجة الى المزيد من التغطية الشاملة للصورة، التي ترتكز على السياق التاريخي وتكون على استعداد للتدقيق في عقيدة مؤسسة السياسة الخارجية.
ونبه التقرير إلى أن الحرب على الإرهاب تظهر أنه بينما تواجه الولايات المتحدة الإحباط العسكري، فان الاصوات العدوانية ذاتها في كل من حزبينا السياسيين (الديمقراطي والجمهوري) ودولتنا الامنية وصحافتنا ستوسع أهدافها الحربية بدلا من الاعتراف بالهزيمة، وأن "هناك اليوم دعوة لضرب أهداف داخل إيران، وغدا ستكون هناك دعوة لتغيير النظام".
واشار التقرير الى ان الحروب الابدية تؤدي دورا بارزا في تقوية جاذبية ترامب السياسية في اليمين. ومع ذلك، قال التقرير إن بعض العناوين الرئيسية رددت من دون انتقاد ادعاءات ترامب بأن الهجوم على الأردن يظهر "ضعف واستسلام" بايدن، وأنه "لم يكن ليحدث ابدا" خلال عهده، وذلك على الرغم من أن العديد من المواقع الامريكية في العراق وسوريا تعرضت لهجمات عندما كان ترامب رئيسا.
وختم التقرير الامريكي بالاشارة الى حادثة جرت يوم الجمعة قبل انتهاء مقابلة صحفية نظمها مسؤولون امريكيون لإطلاع الصحفيين على الغارات التي جرت على العراق وسوريا، حيث سأل صحفي من قناة "الجزيرة" عن مزاعم الولايات المتحدة بشأن عدم سقوط ضحايا مدنيين في الغارات الامريكية، وما إذا كانت الإدارة تعتزم أن تشارك معلومات "لا يمكن دحضها" حول وجود أدلة تربط المواقع المستهدفة بالغارات الأمريكية، بمنفذي هجوم الاردن.
وتابع التقرير أنه بعد تبادل حديث متوتر بين الطرفين، سأل الصحفي عما إذا كانت الحكومة تتوقع من الجمهور الامريكي قبول موقف الادارة فيما يتعلق بالغارات، فتلقى ردا مفاده "نعم". وعندما سأل المراسل: "هل تشعر ان الجيش الامريكي لديه سجل جيد عندما يتعلق الأمر بـ..."، قاطعه المتحدث الرسمي الأمريكي قائلا: "سننتقل الى السؤال التالي".
ترجمة: وكالة شفق نيوز