"المهاجرون".. من واحة حرية اوروبا الى "ظلمات" داعش.. قصة روسية تقود دراجة في شوارع الموصل
شفق نيوز/ لا ينفك تنظيم داعش يغري المسلمين وغير المسلمين للانضمام الى صفوف مسلحيه والعيش في دولته المزعومة عبر شبكة منظمة من الدعاة يعملون بسرية في ارجاء العالم.
ويصور التنظيم المتشدد بان المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق واعلن عليها "دولة خلافة" في حزيران الماضي، واحة للعدالة والمساواة، حيث تسود الشريعة الاسلامية (وفق منظور المتشددين) بعيدا عن القوانين الوضعية.
ويقوم التنظيم بتامين سكن مجاني للوافدين من الخارج والذين يطلق عليهم "المهاجرون" فضلا عن خدمات الصحة وكذلك رواتب شهرية و"سبايا" للمتعة الجنسية في مقابل الانخراط في صفوف مسلحيه في جبهات القتال.
وهذه المغريات الى جانب العقيدة الفكرية المتشددة جذبت عشرات الالاف من المسلحين من ارجاء العالم، والتحقوا بصفوف المتشددين في المواجهات العسكرية التي تستعر يوما بعد اخر في العراق وسوريا.
لكن بعض الوافدين من البلدان الاوروبية ضاقوا ذرعا، فيما يبدو، من القوانين المتشددة التي يطبقها مسلحو داعش على المجتمعات الخاضعة لهم، حيث تنعدم على نطاق واسع الحريات الفردية التي ألفها "المهاجرون" في اوروبا.
وهذا الحال ينطبق على روسية التحقت مع زوجها لصفوف داعش واتخذا من الموصل (معقل داعش في العراق) موطنا جديدا لهما في "دولة الخلافة".
ويقول سعد علي وهو صاحب متجر للمثلجات في الموصل لشفق نيوز ان عناصر داعش الذين يراقبون العامة لعدم الخروج عن سياق القوانين المتبعة ويطلق عليهم رجال "الحسبة"، اوقفوا امرأة روسية كانت تقود دراجة هوائية في شوارع الموصل.
واوضح علي ان "سيدة روسية تقاتل الى جانب داعش كانت منقبة وتقود دراجة هوائية جابت بها شوارع حي الزهور شرقي الموصل والذي يعد من الاحياء الراقية بالمدينة".
واضاف انه "ما ان خرجت الى الشارع العام حتى اعترضتها سيارة للحسبة، حيث اعتقلها مسلحو داعش واقتادوها الى جهة مجهولة".
ويحظر داعش شرب الخمور او بيعها او تدخين السجائر ضمن قائمة طويلة من المحظورات التي يعرض المخالفين لها لعقوبات قاسية تصل الى حد الذبح او الجلد.
وجرى اعتقال المرأة الروسية في الموصل لانها بنظر المتشددين خالفت تشريعات "دولة الخلافة" بقيادتها للدراجة الهوائية وفق ما يتصور صاحب المتجر سعد علي.
ويشير علي الى انه "قبل سيطرة داعش على الموصل في حزيران الماضي كان من تقاليد سكان الموصل انه من المعيب ان تقود فتاة او سيدة دراجة هوائية كونها مدينة محافظة فكيف بنا الحال في ظل تنظيم الدولة الاسلامية".
ويقول "لكن ربما ضاقت ذرعا في ظل كبت الحريات التي تعيشه في الموصل في ظل التنظيم".
ولم يقتصر حادث قيادة الدراجة عند هذا الحد فحسب بل عاد مسلحو "الحسبة مرة اخرى واعتقلوا زوجها وهو ايضا روسي الجنسية واقتادوه الى جهة مجهولة لكننا لا نعلم ان كانوا سيطلقون سراحهما ام لا"، بحسب ما قاله محمد عبد الله وهو جار لسعد علي.
واضاف عبد الله في حديثه لشفق نيوز "كنت الاحظ زوجها وهو يمر امامي كل يوم ليذهب الى قاعة رياضية قرب منزله بالمنطقة ليمارس الرياضة هو الاخر".
ويختص قسم "الحسبة" في تنظيم داعش بمحاسبة ومتابعة المخالفين من ابناء الموصل وخصوصا المخالفين لتشريعات التنظيم واغلب سكان الموصل يعرفونهم جيدا وهم يتنقلون بسيارات حديثة سوداء، ويلاحقون في الغالب النساء المخالفات لارتداء النقاب الذي فرضه التنظيم مذ سيطر على المدينة.
ويقول سكان من الموصل ان المقاتلين الروس منتشرون في المدينة حتى ان مشاهدتهم يوميا بات امرا مألوفا للسكان، ويطلق عليهم التنظيم اسم "المهاجرين" ويسكنون الى جانب المسلحين الاجانب الاخرين في منازل صادرها التنظيم عقب فرار اصحابها صيف العام الماضي وهم في الغالب مسؤولون وافراد قوات الامن وابناء الاقليات الدينية والعرقية.
ولم يتمالك قاسم سعيد، وهو احد سكان الموصل، نفسه فانفجر ضاحكا عندما كان يتبادل اطراف الحديث مع احد مسلحي داعش من الجنسية الفرنسية.
وقال سعيد في حديثة لشفق نيوز انه اعتاد المرور بمنطقة المجموعة الثقافية شمالي الموصل حيث موقع جامعة الموصل واسواق مكتظة يرتادها عناصر التنظيم من الاجانب.
واضاف انه تحدث باللغة الانكليزية الى احد مسلحي داعشي من الجنسية الفرنسية واخبره الاخير كيف التحق بالمتشددين وصولا الى مدينة الموصل.
ويوضح سعيد البالغ من العمر ثلاثين عاما، "تفاجأت وصدمت حين سمعت من الفرنسي انه دفع عشرين الف دولار امريكي للمهربين ليصل الى العراق".
ويكمل الفرنسي روايته نقلا عن قاسم "مررت بعدة دول حتى وصلت سوريا ثم الى الموصل ودفعت عشرين الف دولار لاصل الى هنا واجاهد في صفوف الدولة الاسلامية".
ويقول سعيد انه لم يتمالك نفسه فانفجر ضاحكا في وجه الفرنسي، وقال له ان العراقي يدفع نصف هذا المبلغ للوصول الى البلدان الاوروبية املا في الحصول على الامان.
ويفسر الخبير في شؤون الجماعات المتشددة واثق الحيالي هذه المفارقة بالقول "شريحة داخل المجتمعات الغربية تصور انها ثقافة استهلاكية على حساب القيم الاخلاقية والروحية".
ويضيف في حديثه لشفق نيوز "بالنسبة لهم تبدو الحركات الجهادية الوسيلة الانجح للتمرد على هذه المنظومة".
ويشير الى ان "الجديد في المشهد هو ازدياد اعداد الروس الذين اعتنقوا الاسلام في صفوف الجماعات الارهابية والملفت للنظر ان معظم العمليات الانتحارية التي شنت في روسيا مؤخرا قام بها شباب وشابات من روسيا".