"المقاومة العراقية" تستعد لبدء المرحلة الثالثة من الصراع مع واشنطن
شفق نيوز/ تستعد فصائل "المقاومة" في العراق للتحول إلى المرحلة الثالثة من الصراع مع الولايات المتحدة الأميركية عبر الرد على مصادر النيران باستهداف قواعدها في دول الجوار أو التي تحتضن القوات الأميركية.
يأتي ذلك بعد أن بدأت الولايات المتحدة، في الساعة الـ11 من مساء الجمعة، أولى جولات الانتقام الأميركي على حادثة مقتل 3 من الجنود في هجوم الأردن.
حيث بدأت الطائرات الأميركية المقاتلة بشن ضربات في مناطق بالعراق وسوريا، واستمرت لمدة أكثر من ساعتين، في وقت حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن من أنّ هذه الضربات ستستمر.
وأدت هذه الضربات على المواقع الأمنية العراقية في منطقتي عكاشات والقائم غربي محافظة الأنبار، إلى وقوع 16 ضحية و(25) جريحاً بينهم مدنيين.
ووجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم السبت، بإعلان الحداد العام في دوائر الدولة ومؤسساتها كافة، ترحماً على أرواح الضحايا من القوات المسلحة والمدنيين.
التحول إلى المرحلة الثالثة
وفي هذا السياق، يقول المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء، الشيخ كاظم الفرطوسي، إن "الاستهدافات التي طالت الحشد الشعبي والمدنيين ليست غريبة على المحتل والعدو الأميركي، وهذه تدخل ضمن الحرب الجارية بيننا وبين المحتل".
وعن الأنباء التي تحدثت عن مشاركة الأردن في تنفيذ هذه الضربات، يوضح الفرطوسي لوكالة شفق نيوز، أنه "تم إيصال رسالة واضحة وصريحة إلى هذه الدول التي تحتضن القواعد الأميركية وتشارك باستهداف العراق مثل الكويت والسعودية والأردن، بإمكانية التحول إلى المرحلة الثالثة وهي الرد على مصادر النيران باستهداف القواعد الأميركية المتواجدة على أراضيها، ونحن قادرون على ذلك، بدليل وصولنا إلى ميناء أسدود وحيفا".
وأفادت بعض المعلومات، يوم السبت، بأن طائرات F-16 تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني، شاركت في الضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة الليلة الماضية.
ورجحت مصادر صحفية، أن يكون ذلك رداً على هجوم الطائرات بدون طيار الذي وقع ضد قاعدة أميركية على الحدود الأردنية، والتي تعرف بـ"البرج 22" في أواخر يناير الماضي.
وأشارت المصادر، إلى انضمام الطائرات الأردنية بعدما تم تحديد أهداف لها، وفق ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، ولفتت إلى أن دور الأردن جاء ليظهر التضامن مع الولايات المتحدة في أعقاب غارة الطائرات بدون طيار على البرج 22، وهو موقع عسكري في الأردن بالقرب من الحدود السورية.
لكن مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، أفاد يوم السبت، بأن سلاح الجو الملكي الأردني لم يشارك في الغارات الجوية التي نفذتها القوات الجوية الأميركية داخل الأراضي العراقية.
وأفاد المصدر، بحسب ما نقلته وكالة بترا الأردنية الرسمية، أنه "لا صحة للتقارير الصحفية التي تم تداولها صباح هذا اليوم حول مشاركة طائرات أردنية في العمليات التي نفذتها طائرات أميركية داخل العراق".
وشدد المصدر على أن "القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، تحترم سيادة العراق الشقيق"، مؤكداً على "عمق العلاقات الأخوية التي تجمع الأردن مع الدول العربية كافةً".
محاولة لإثارة الفتن بين الدول
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي الأردني، عامر التل، إن "الضربات الأميركية استعراضية، حيث إن الرئيس بايدن بحاجة لحفظ ماء وجه الولايات المتحدة الأميركية أمام الرأي العام الأميركي وهو يخوض سباق الانتخابات".
ويرى التل في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "الولايات المتحدة الأميركية ليست بحاجة إلى سلاح الجو الأردني لشن الضربات، فهي لديها ما يكفي وقادرة على ضرب أي منطقة تريدها، لذلك هذا الكلام يأتي ضمن محاولة تفتيت المنطقة سياسياً ومعنوياً من خلال إثارة الفتن بين الدول المحيطة".
إخراج القوات الأميركية من المنطقة عموماً
بدوره، يؤكد النائب عن كتلة صادقون، محمد البلداوي، أن "ما قامت به الولايات المتحدة الأميركية وعملائها في المنطقة بقصف واستهداف الأراضي العراقية وانتهاك سيادة العراق وارتقاء هذه الثلة الطيبة من الشهداء يدل على غدر وجبن هذه الأفعال، ويدل على الخطر الكبير الذي يهدد العالم بسبب التواجد الأميركي في هذه المنطقة".
ويضيف البلداوي لوكالة شفق نيوز، أن "هذه الأفعال الإجرامية تؤكد ضرورة إخراج القوات الأميركية من المنطقة وليس من العراق فقط، للحفاظ على أمن واستقرار هذه المنطقة".
ويوضح، أن "منطقة الخليج هي قلب العالم النابض ومصدر قوتها يقع في العراق، وأن بقاء هذه القوات يهدد أمن واستقرار العراق والمنطقة، لذلك يجب إيقاف هذه الأفعال الإجرامية التي تحاول جر العالم إلى حرب جديدة"، مؤكداً أن "مجلس النواب داعم للحكومة بإخراج القوات الأميركية من الأراضي العراقية".
وكانت رئاسة مجلس النواب العراقي، أعربت عن استنكارها الشديد للعدوان الأميركي على المواقع الأمنية العراقية في منطقتي عكاشات والقائم فجر اليوم، والأماكن المدنية المجاورة، والتي أدت إلى وقوع 16 ضحية و(25) جريحاً بينهم مدنيين.
وأكدت الرئاسة في بيان، أن "مجلس النواب عازم على عقد جلسة استثنائية (طارئة) خلال الأيام المقبلة، للوقوف على تكرار الاعتداءات الأميركية على البلاد، ووضع حد لانتهاكات قوات التحالف الدولي لسيادة وأرواح العراقيين"، مبينةً أن "تكرار الاستهدافات الأميركية لمقرات أمنية عراقية استخفاف كبير لا يمكن قبوله".
"الوضع خرج عن السيطرة"
من جانبه، يقول المحلل السياسي، علي الصاحب، إن "الضربات الأميركية هي اعتداء سافر على سيادة العراق، وطالما هناك قوة محتلة تحاول فرض هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة ومنطقة الخليج بصورة خاصة، فستبقى هذه الضربات، الأمر الذي سيؤدي إلى إرباك المشهد السياسي في المنطقة عموماً".
ويتابع الصاحب حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الأزمة العراقية - الأميركية بدأت تتفاقم، حيث إن الفصائل المسلحة تعتبر التواجد الأميركي تدخلاً خطيراً يجب إزالته، بينما ترفض القوات الأميركية الخروج من البلاد، في وقت تحاول الحكومة العراقية تهدئة الوضع، لكن يبدو أن الوضع خرج عن سيطرتها".
ويؤكد، على أهمية "اتخاذ وقفة جادة من الدبلوماسية العراقية للتنديد بالتواجد الأميركي، وبعث رسائل شديدة اللهجة إلى السفيرة الأميركية وتقديم شكوى حتى إلى مجلس الأمن، لأن هذه الاعتداءات سقط فيها الكثير من الشهداء وأرعبت المواطنين".
وعن كلام المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، جون كيربي، بإبلاغ الحكومة العراقية قبل شن الهجمات الجوية، اعتبر المحلل السياسي أنها "أكاذيب تفتعلها أميركا لهز الواقع السياسي العراقي، وخلق فتنة بين المجتمع أو المواطن وحكومته".
ويوضح، أن "الولايات المتحدة تريد إيصال رسالة بهذا الادعاء إلى أطراف سياسية أو للمجتمع، بأن الحكومة العراقية متضامنة معها في هذه الاستهدافات، وهذه ليست المرة الأولى التي تدعي بها الإدارة الأميركية بأن عملياتها تمم بموافقة الحكومة العراقية، لكن هذا يتنافى مع العقل، لأن سيادة العراق من مسؤولية الحكومة والدولة ككل".
وكان الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، نفى وجود تنسيق مسبق بين بغداد وواشنطن بشأن الضربات التي وجهتها القوات الأمريكية مستهدفة بها مواقع القوات الأمنية في محافظة الأنبار غربي البلاد.
بدورها، استدعت وزارة الخارجية العراقية، القائم بالأعمال لسفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد، احتجاجاً على ما وصفته "العدوان الأميركي" الذي استهدف مواقع عسكرية ومدنية عراقية.
وبحسب بيان للخارجية، ورد لوكالة شفق نيوز، ستقوم الوزارة باستدعاء القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد، ديفيد بيركر، لعدم تواجد السفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي.
ووفق البيان، ستسلم الخارجية العراقية بيركر، مذكرة احتجاج رسمية بشأن "الاعتداء الأميركي" الذي طال مواقع عسكرية ومدنية في منطقتي عكاشات والقائم مساء أمس الجمعة".
تحذيرات من هجمات مضادة
وفي سياق متصل، يرجح أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، د.نبيل ميخائيل، "حصول تصعيد بالمشهد العسكري والعمليات الحربية التي تقوم بها أميركا حالياً في كل من سوريا والعراق، ما سيؤدي إلى نوع من عدم الاستقرار، وقد تؤدي الضربات الأميركية إلى هجمات مضادة وخاصة في العراق".
ويصف ميخائيل خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، الرد الأميركي بـ"غير الطبيعي لأنه يخلق حالة حرب ويجعل بايدن رئيس حرب"، مرجحاً "استمرار الضربات ضد الميليشيات المؤيدة لإيران في سوريا، مع فتح حزب الله جبهة في لبنان".
وكانت القيادة المركزية التابعة للجيش الأميركي، أفادت، في وقت مبكر من صباح اليوم السبت، أن قواتها شنت غارات جوية في العراق وسوريا استهدفت بها مواقع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني وجماعات الميليشيات التابعة له.
وقالت القيادة في بيان اليوم، إن القوات العسكرية الأميركية ضربت أكثر من 85 هدفاً مع العديد من الطائرات التي تضم قاذفات بعيدة المدى انطلقت من الولايات المتحدة.
ووفقا للبيان فإن الضربات الجوية اُستُخدمت فيها أكثر من 125 ذخيرة دقيقة التوجيه، مشيراً إلى أن الأهداف تضمنت مقرات قيادة وسيطرة، ومراكز استخبارات، ومخازن للصواريخ والمسيّرات والذخائر والإمداد اللوجيستي تابعة للميليشيات والحرس الثوري.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، وجه القوات العسكرية، بضرب أهداف في العراق وسوريا يستخدمها الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له لمهاجمة القوات الأميركية، وفق قوله، مؤكداً أن الولايات المتحدة رغم أنها لا تسعى إلى تصعيد في الشرق الأوسط إلا أنها سترد حتماً على من يؤذي الأميركيين.
"حرب عبثية تقود إلى كارثة"
من جهته، يقول الكاتب والباحث السياسي، كفاح محمود، إن "توريط العراق بحرب عبثية وهو خارج من مجموعة حروب دمرت اقتصاده وفرصه في التقدم وزادت نسبة الفقر والبطالة، ناهيك عن تأثيرها البالغ على سيكولوجية المجتمع عبر عشرات السنين، سيقود البلاد إلى كارثة بوجود مجموعات مسلحة خارجة على القانون وتعبث بالسلم والأمن المجتمعي".
ويضيف محمود لوكالة شفق نيوز، أن "الميليشيات متوقعة وتعرف نتائج ذلك، لكن يبدو أن الحرب هي مصدر رزقها ومشروعية وجودها، خاصة وهي تستخدم فلسطين شماعة لسلوكها"، وفق قوله.
ورأى الكاتب، أن "ما يجري هو تحدٍ كبير لحكومة السوداني، التي تعمل الميليشيات على إفشالها وإفشال برنامجها الذي وعدت به الشعب".
وتعرّضت القوّات الأميركيّة وقوّات التحالف الدولي في العراق وسوريا لأكثر من 165 هجوماً منذ منتصف أكتوبر تبنّت الكثير منها “المقاومة الإسلاميّة في العراق”، وهي تحالف فصائل مسلّحة مدعومة من إيران تُعارض الدعم الأميركي لإسرائيل في الحرب بغزّة ووجود القوّات الأميركيّة في المنطقة.
وردّت واشنطن على هجمات سابقة بسلسلة ضربات في العراق استهدفت مجموعات موالية لإيران.