العراق يؤشر أسباباً "فتاكة" تقود لـ"عطشه" والبداية من بغداد المليونية وسامراء العتيقة
شفق نيوز/ نظم مشروع "ظَمَأ" العراق، ورشة أقامها مركز العلمين للدراسات بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) حول شح المياه ومخاطره على العراق.
وأقيمت الورشة في بغداد تحت عنوان (بناء القدرات الإعلامية في قضايا ندرة المياه والتغييرات المناخية).
ويواجه العراق شح مائي يعد "الأصعب منذ ثلاثينيات القرن الماضي" كما وصفته وزارة الموارد المائية، ما أثر على القطاع الزراعي والحيواني والبيئي في البلاد، وكان للأول النصيب الأكبر من أزمة التغير المناخي التي يحتل العراق المرتبة الخامسة بين الدول الأكثر تضرراً منه.
وأدى الشح المائي إلى تقليص العراق للمساحات الزراعية لموسم الصيف الحالي، ونتيجة لذلك تأثرت محاصيل عديدة خاصة محصول الشلب أو "رز العنبر"، حتى وصلت زراعته إلى 5 آلاف دونم فقط، 3 الاف منها للنجف والفين للديوانية، لغرض المحافظة على بذور هذا الصنف الذي لا يزرع إلا في العراق، ومحاولة زراعته بالمواسم المقبلة.
وقال وزير الإعمار والإسكان والبلديات بنكين ريكاني خلال حديث في الورشة التي حضرها مراسل وكالة شفق نيوز، إن هناك انخفاضاً في مستوى المياه وخصوصا في المحافظات الجنوبية، وايضا يوجد هدر للمياه بالنسبة 20% وفي بعض المناطق مثل سامراء وصلت نسبة الهدر للمياه إلى 60%.
وأرجع ريكاني ذلك إلى قِدَمَ شبكات المياه التي يعود بعضها للقرن الماضي ومخالفة لشروط البيئة لإحتوائها على مواد ممنوع استخدامها في الوقت الحالي، بالإضافة إلى تكسرات في الأنابيب، والتجاوزات عليها، أو طريقة الاستخدام الخاطئة من قبل المواطنين.
كما لفت إلى أن طريقة جباية المياه في العراق قديمة وبلا عدادات، حيث يتم احتسابها وفق مساحة البيت وعدد غرفه، مستدركاً أن وزارة الإعمار والإسكان والبلديات وأمانة بغداد بدأت بنصب عدادات المياه في المنازل، لكن نواجه مشكلة ان الثقافة العراقية ترفض دفع أجور للجباية.
وأضاف الوزير ريكاني، أن المعدل العالمي لصرف المياه للفرد الواحد في مدينة بغداد يتقسم على عدد السكان وقد يكون 4 أضعاف المعدل العالمي، وفي باقي المحافظات والمناطق حوالي ضعفين عن المعدل العالمي، وعبر عن أسفه لاستخدام المياه الصالحة للشرب في الزراعة والاحتياجات الأخرى عدا التجاوزات التي تحدث على المنظومة والانهار.
من جانبه قال أمين بغداد عمار موسى خلال حديث في الورشة، إن التحديات المناخية من المواضيع المهمة وان بغداد تختلف عن باقي المحافظات حيث يسكنها ما يعادل حدود 10 مليون نسمة حسب التقديرات، أي أن ربع سكان العراق يسكن في العاصمة بغداد.
وقال أن بغداد تحتوي على الف تجمع عشوائي وهذا العدد يعادل ضعف المناطق السكنية موجودة في العاصمة، ومع تضاعف ووجود هذه المناطق العشوائية، فإن هناك طلباً متزايداً على مياه الشرب بالإضافة الى زيادة في كميات مياه الصرف الصحي، وهذه كلها من التحديات تواجه أمانة العاصمة في توفير الخدمات.
وأضاف أن جميع البنى التحتية في مدينة بغداد صممت ونفذت قبل عام 2003 وتحديدا في فترة السبعينيات، ونتيجة الحروب التي مرت في البلاد لم تكن هناك مشاريع استراتيجية تصل الى مستوى طموح، بسبب احتياج المدينة إلى الماء الصافي بالاضافة الى مشاريع لتصفية مياه الصرف الصحي في مدينة بغداد.
وقال إنه في عام 2003 كان انتاج الماء الصافي مليون و900 الف متر مكعب يوميا واليوم نحن في 2023 فإن إنتاج الماء في بغداد أصبح 4 ملايين و225 الف متر مكعب اي اكثر من ضعف ما المنتج قبل للعام 2003، والبعض يلاحظ ان هناك بعض المناطق ما زالت تعاني من انقطاع مياه الشرب او تعاني من عدم وصول مياه الشرب، وهي عمليات نتيجة تقادم الشبكات او عمليات التجاوزات التي تحصل على الخطوط النقل المياه.
وأضاف: اليوم وفق الدراسات التي تم تحديدها في أمانة بغداد بالتعاون مع المنظمات الدولية، فإن نحو 30% من الماء المخصص للشرب والمنتج في مدينة بغداد يهدر نتيجة التجاوزات على الخطوط الناقلة لاعمال السقي او بحيرات الأسماك، وأن امانة بغداد حريصة لازالة تلك التجاوزات.
وبهذا الخصوص يقول ابراهيم بحر العلوم مدير مشروع ظمأ العراق لوكالة شفق نيوز، إن المشروع يعمل لمعالجة قضايا أزنة المياه والبيئة والتغيير المناخي في البلاد، حيث بدأ أكثر من عام ونصف، وعلى ضوء مباحثات مع الكثير من المختصين في هذا المجال لوضع خارطة طريق، حيث كانت هناك ثلاثة مسارات متوازية، مسار المهنية، أي تحديد التحديات الداخلية للمياه والتغييرات، والتحديات الخارجية وكذلك اعداد الورش بالنسبة للطلاب الدراسات العليا في الجامعات الوسط والجنوب واقليم كوردستان، وكذلك المسار الاعلامي لتهيئة الكوادر البيئية الاعلامية.
وقال بحر العلوم، "كانت لدنيا ورشة مع الإيرانيين، حيث ننظر إليهم في إطار ادارة متكاملة للمياه مع دول المنبع، ستكون لدينا ورشة مع الاتراك ومع السوريين فيما بعد".
ويترقب العراق زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال الأيام القليلة المقبلة، إلى بغداد لمناقشة جملة من الملفات المشتركة بين البلدين الجارين وعلى رأس تلك الملفات المياه.
وتشير توقعات مراقبين باحتمال أن تجري مقايضة بين استئناف تصدير نفط كوردستان عبر ميناء جيهان التركي، وفتح أنقرة السدود التركية التي تسببت بتقليص الحصة المائية للعراق ما أثار مواقف شعبية وسياسية ضدها مؤخرا.
وفي هذا الجانب يقول عضو لجنة الزراعة والاهوار النيابية، ثائر مخيف الجبوري، إن "العراق يترقب زيارة أردوغان إلى العراق وبالتأكيد ستكون هناك ملفات تفاهم بين البلدين ومخرجات هذه التفاهمات ستفضي إلى زيادة الاطلاقات المائية".