العراقي شلومو بطل "عيزرا ونحميا" الذي أخرج آلاف اليهود من العراق
شفق نيوز/ سلطت صحيفة "ذا استراليان" الأسترالية الضوء على حياة العراقي اليهودي شلومو هلال، الذي ادى دورا كبيرا في انقاذ حياة العديد من العراقيين اليهود في خمسينيات القرن الماضي عندما تعرض العديد منهم إلى الاضطهاد، مستفيدا من حنكته وشجاعته.
مجازفة استثنائية
واشارت الصحيفة الى ان جهود المجازفة الاستثنائية لانقاذ العراقيين اليهود تبقيه في الذاكرة، على الرغم من انه اصبح فيما بعد نائبا في البرلمان الاسرائيلي ثم رئيسا للكنيست لاحقا.
وولد هلال في عائلة يهودية في العراق العام 1923. وعندما كان في الحادية عشر من العمر، وقعت مجازر ضد الآشوريين في العراق، فنزحت عائلته إلى فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني فيما كانت الحركة الصهيونية تكبر. ودرس هلال الزراعة ثم الادارة العامة والاقتصاد وأصبح منخرطا في النشاط الصهيوني.
وفي الأربعينيات، سافر هلال مجددا الى العراق وعمل سرا من أجل إيجاد سبل لسفر العائلات العراقية اليهودية إلى الأرض التي ستعلن فيها إسرائيل.
وكانت المهمة صعبة وخطرة، وهو يسلك طرقات عبر سوريا ولبنان والأردن واحيانا ايران.
وتمكن من استئجار طيارين أميركيين سابقين وأمن الحصول على طائرة من طراز "كورتيس سي-46" المخصصة لأغراض النقل الجوي. وكان سجل هذا الطراز من الطائرات سيئا لدرجة انه كان يطلق عليها "التابوت الطائر" من جانب الجنود الاميركيين خلال الحرب العالمية الثانية حيث كانت تسجل العديد من حالات اشتعال النيران فيها أو انفجارها أو اختفائها عن الرادارات.
سفر غير قانوني
وفي 23 اغسطس/آب 1947، نظم هلال بشكل سري تجمع 100 يهودي بغدادي قرب مطار المدينة حيث تم نقلهم بشكل خفي وغير قانوني جوا الى مستوطنة يهودية بعدما هبطت طائرتهم بشكل غريب في أرض محروثة.
وبعد اعلان انشاء اسرائيل العام 1948، بدأ هلال يفكر بطريقة أكبر. وقد خلفت الحرب الاف القتلى، وقاتل العراق الى جانب مصر وسوريا لمنع انشاء اسرائيل.
وتدهور وضع العراقيين اليهود كثيرا وكان سفرهم الى مكان أكثر امنا امرا ضروريا، لكن ذلك كان صعبا، اذ ان التوترات الاقليمية كانت تعني ان الرحلات الجوية إلى اسرائيل ومنها، غير ممكنة.
ولهذا، فان هلال وصديقه البريطاني روني بارنيت نفذا خطة جريئة لتأمين طائرة والتفاوض من اجل تنظيم رحلات اعتيادية من بغداد، على ان تصل بشكل غير مباشر الى اسرائيل.
وكان بارنيت على معرفة بصاحب شركة سفر عراقية يدعى عبدالرحمن رؤوف، وكان لديه خطة تعتمد على ان احد اعضاء مجلس ادارة الشركة كان توفيق السويدي الذي تولى رئاسة الحكومة عدة مرات ومقربا من العائلة الملكية الحاكمة، وكان قد شارف على نهاية ولايته الحكومية الاخيرة.
وكان شلومو هلال يسافر الى العراق كرجل اعمال حاملا اسم ريتشارد آرمسترونغ. وكان هو وبارنيت يذهبان الى منزل رئيس الحكومة العراقية وتمكنا من الفوز بصفقة لتنظيم رحلات جوية مستخدمين الطائرة التي كانت تملكها شركة ألاسكا الجوية، وإنما تحت اسم شركة "NEAT " لرحلات التشارتر، وذلك عبر شركة عبدالرحمن رؤوف.
وبالاساس، توجهت الرحلات الجوية من بغداد الى قبرص، لكنها كانت تحط لاحقا في اسرائيل حيث يقع مطار بن غوريون حاليا.
عيزرا ونحميا
وفي نهاية المطاف، غادر 120 الف عراقي يهودي العراق بهذه الطريقة في حملة اطلق عليها "عملية عيزرا ونحميا" نسبة إلى شخصين تقول الاسطورة اليهودية انهما غادرا من بابل القديمة، من موقع بالقرب من بغداد الحالية، من أجل استيطان اليهود في ما يعرف باسرائيل بالنسبة اليهم.
وفي العام 1952، دخل شلومو هلال الكنيست الاسرائيلي، وخدم حتى العام 1959 عندما غادر لتولي عدد من المهمات الدبلوماسية، قبل أن يصبح عضوا في البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة، ولاحقا عاد هلال إلى الكنيست؛ وفي العام 1998 منح جائزة اسرائيلية تعتبر الارفع من نوعها لشخصية غير عسكرية.
ما تبقى من المهاجرين
وفي العام 2017، أي بعد 70 سنة على رحلة طائرة "سي-46" اجتمع من بقي من ركاب هذه الرحلة أو أقاربهم وكان هلال موجودا ليرحب بهم. وتم ابلاغهم ان حكومة اسرائيل عثرت على الطائرة التي نقلتهم واشترتها، وجرى ترميمها لاحقا.
وفي العام 2008، قام مراسل لصحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية بالبحث عن آخر اليهود الموجودين في بغداد، وكان هناك سبعة منهم؛ وكانوا ثمانية لكن احدهم كان قد خطف العام 2006 ولم يتم العثور عليه، ويستخدم هؤلاء أسماء مستعارة خوفا على أرواحهم، ولا يمارسون طقوسهم الدينية، وكان غالبية أقاربهم قد استقلوا الرحلات الجوية التي نظمها شلومو هلال منذ زمن طويل.
ترجمة: شفق نيوز