الحوار الكوردي - الكوردي في سوريا.. إحراز تقدم رغم خلافات متجذرة
شفق نيوز/ يؤكد المجلس الوطني الكوردي المعارض في سوريا أن المفاوضات الكوردية – الكوردية التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية احرزت تقدماً رغم الخلافات المتجذرة بين الجانبين بشأن قضايا رئيسية، نافياً وصولها لطريق مسدود.
ويأتي هذا التأكيد بعد أن قالت القيادية البارزة في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، فوزة يوسف، في تصريحات صحفية قبل أيام قليلة، إن المجلس الوطني الكوردي يتحمل مسؤولية "عرقلة" المفاوضات بين الطرفين ووصلها إلى "طريق مسدود" جراء فرض المجلس الكوردي لشروط وصفتها بـ"التعجيزية".
*مرحلة متقدمة
وقال عضو الهيئة الرئاسية في المجلس الوطني الكوردي، سليمان أوسو لوكالة شفق نيوز إن "المجلس لا يرى بأن المفاوضات وصلت لطريق مسدود، ولقد وصلنا لمرحلة متقدمة، وهناك استحقاقات يُطلب من PYD تنفيذها".
وأوضح أوسو، "نحن ملتزمون بما حققناه في المرحلة المنصرمة لا سيما الرؤية السياسية المشتركة والقضايا الأخرى المنجزة وعليهم الإسراع في تنفيذ الاستحقاقات المطلوبة منه بدلاً من كيل الاتهامات".
وبدأ المجلس الوطني الكوردي (يضم 15 حزبا) وحزب الاتحاد الديمقراطي مفاوضات برعاية أمريكية في منطقة الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، وبإشراف قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي مطلع نيسان/أبريل الماضي، بهدف توحيد صفوف الكورد في سوريا ومشاركة المجلس الكوردي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
وخلال المراحل السابقة من المفاوضات، توصلّ الطرفان إلى اتفاق بشأن "الوثيقة السياسية" وإنشاء "مرجعية سياسية" بين الطرفين لتأسيس إدارة مشتركة في المنطقة.
*رعاية أمريكية
وبشأن موقف الولايات المتحدة من سير المفاوضات، قال أوسو "لم نلتق بعد بالسفير الأمريكي الجديد في شمال شرق سوريا، واستنادا إلى لقائنا بالجانب الأمريكي في اسطنبول فأنهم ملتزمون برعاية المفاوضات الكوردية بهدف الوصول لاتفاق شامل ونهائي بيننا، بما يخدم وحدة المعارضة السورية والحل السياسي في سوريا عموماً".
وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جويل رايبورن، أمس الخميس خلال مؤتمر صحفي افتراضي من إسطنبول إن "الحوار بين الأحزاب الكوردية المختلفة سيساهم في تحسين الوضع على الأرض"، مؤكداً "وجوب أن يكون لمكونات شمال شرقي سوريا صوت في العملية السياسية في سوريا".
*"اتفاق دهوك" برعاية مسعود بارزاني
وأشار القيادي الكوردي أوسو إلى أن "المفاوضات بدأت على أساس بنود اتفاقية دهوك الموقعة بيننا في العام 2014 برعاية الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، وعلى مبدأ الشراكة الحقيقية في جميع المجالات (العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية) وليس على مبدأ الانضمام والقبول بما يقره الاتحاد الديمقراطي".
وحول موقف المجلس الكوردي من الإدارة الذاتية القائمة في شمال شرق سوريا، أوضح أوسو أن "الإدارة الحالية بمكوناتها ( الكوردية والعربية والسريانية وغيرها) تمثل جزءاً من هذه المكونات ولا تعبر عن الجميع، لذلك بعد الاتفاق الكوردي - الكوردي لا بد من مشاركة بقية الأطراف من الكورد والسريان والعرب كي تصبح هذه الإدارة معبرة عن إرادة جميع مكونات المنطقة".
* مخاوف تدخل حزب العمال الكوردستاني
ولم يخف أوسو رفضه للتدخلات الكوردستانية من خارج سوريا في إدارة المنطقة، مبيناً أن "أي اتفاق بين الكورد السوريين يجب أن يكون بعيداً عن تدخل حزب العمال الكوردستاني (PKK) وأن تُدار المنطقة من قبل الكورد السوريين أنفسهم".
وقال إن "ما يحدث في الفترة الأخيرة من تسيير مظاهرات في المنطقة تقوم من خلالها PYD برفع أعلام وصور ورموز العمال الكوردستاني، هي رسائل سلبية لا تخدم مسيرة المفاوضات والوصول للاتفاق".
*تباين بشأن الدور التركي
وكانت القيادية في حزب الاتحاد الديمقراطية، فوزة يوسف قد وصفت زيارة أعضاء في المجلس الكوردي لتركيا مؤخراً خلال تصريحات إعلامية بأنها "لا تخدم مسيرة المفاوضات وتزيد الخلافات بين الأطراف الكوردية".
وعلق سكرتير حزب يكيتي الكوردستاني، سليمان أوسو على هذه الزيارة موضحا أن "زيارتنا أتت ضمن وفد جبهة السلام والحرية واجرينا لقاءات مع وزارة الخارجية التركية ومع السفارة الأمريكية والفرنسية إلى جانب لقاء الائتلاف السوري المعارض".
وأشار إلى أن " الزيارة جاءت ضمن برنامج لقاءات الجبهة مع جميع الدول والأطراف المؤثرة في الأزمة السورية وسبق أن التقينا مع وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) في موسكو".
وأعلنت مجموعة من الأطر والأحزاب الكوردية العربية والآشورية في 28-07-2020 بمدينة القامشلي، عن تأسيس "جبهة السلام والحرية"، كإطار سياسي يدعم الحل في سوريا وفق قرار مجلس الأمن /2254/، وبيان جنيف واحد.
وتضم الجبهة كلٍ من المجلس الوطني الكوردي في سوريا والمنظمة الآثورية الديمقراطية وتيار الغد السوري والمجلس العربي في الجزيرة والفرات وهي أطراف معارضة للنظام السوري الحالي.
وتابع أوسو إن "دعم وتأييد المجلس الوطني الكوردي لحق الشعب الكوردي في كوردستان تركيا وضرورة حلها بالاساليب السلمية الديمقراطية لا يتنافى مع موقف المجلس والجبهة باعتبار تركيا من الدول الإقليمية المهمة والمؤثرة في الأزمة السوري والتي يجب أن نكون على علاقة جيدة معها".
ورفض أوسو الاتهامات التي يوجهها قادة الاتحاد الديمقراطي لهم مع كل لقاء يجمعهم بالحكومة التركية، موضحا أنه "كانت هناك تصريحات سابقة ومتكررة لقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، والرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطي (مسد) إلهام أحمد حول رغبتهم ببناء علاقات وفتح قنوات اتصال مع تركيا".
وتساءل، "لماذا يحللون لأنفسهم إقامة علاقات مع من يشاؤون ويجرمونه حين يتعلق الأمر بالمجلس الوطني الكوردي!؟".
*زيارة عفرين وانتهاكات الفصائل الموالية لتركيا
وكانت يوسف قد وصفت زيارة لممثلي المجلس الكوردي ضمن الائتلاف لمناطق عفرين التي تسيطر عليها فصائل معارضة موالية لتركيا بأنها "زيارة لقتلة الشعب الكوردي في عفرين ورأس العين".
وتعقيبا على ذلك، أوضح أوسو أن زيارة ممثل المجلس الكوردي، عبد الله كدو، ضمن وفد من الائتلاف للمناطق التي تقع تحت سيطرة الفصائل المسلحة أن "هذه الزيارة لا تعني بأننا موافقون على الانتهاكات التي تقوم بها بعض الفصائل المسلحة المسيطرة على المناطق الكوردية".
وأضاف، "نحن جزء من الائتلاف وعلينا استثمار وجودنا ضمنه لخدمة شعبنا في تلك المناطق ورفع الغبن عنه".
وأوضح أوسو، "طالبنا ضمن الائتلاف بوقف هذه الانتهاكات، ونعمل على دعم البقية المتبقية من أهلنا في هذه المناطق للتشبث بأرضهم وعدم الرضوخ لمحاولات ترهيبهم ودفعهم للهجرة وبالتالي القبول بسياسية التغيير الديمغرافي".
وحول لقاء أعضاء المجلس بقادة الفصائل قال أوسو، "نحن نلتقي مع وفد النظام ضمن اللجنة الدستورية أيضا، هل هذا يعني بأننا نوافق على جرائم النظام، بكل تأكيد لا".
وأكد عضو وفد المفاوضات الكوردية على أن "المجلس الوطني الكوردي لن يتردد بالقيام بأي خطوة تخدم شعبنا، وهذه اعتباراتنا عندما نلتقي بالجهة (PYD) التي اوعزت بقتل آراس بنكو ورفاقه، ونحض ذوي شهداء عامودا بقبول المصالحة لأنها تخدم مصلحة الشعب الكوردي".
وأردف، "في مجال التسوية ومسائل العدالة الانتقالية نطالب أن تتشكل لجان حقوقية ومحاكم عادلة في سوريا لتقديم كل من اقترف الجرائم ضد المدنيين لينال جزاءه وفق قوانين حقوق الإنسان".
واختتم القيادي البارز في المجلس الكوردي حديثه لوكالة شفق نيوز بالقول "نحن نرى بأن هذه التصريحات سلبية ولا تخدم سير وتقدم العملية التفاوضية وعلى الطرف الضامن، قيادة قوات سوريا الديمقراطية ممثلة بمظلوم عبدي، وضع حد لهذه التصريحات وضمان عدم تكرارها ثانية".
ويرى مراقبون أن عملية المفاوضات الكوردية – الكوردية تمر في مرحلة حساسة وصعبة في ظل مناقشة الطرفين لعدد من القضايا الخلافية المتجذرة.
ويطرح المجلس الوطني الكوردي قضايا عديدة على طاول المفاوضات ويربط حلها بالوصول إلى اتفاق نهائي مع أحزاب الوحدة الوطنية الكوردية التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي وهي:
• فك الارتباط بين الإدارة الذاتية وحزب العمال الكوردستاني (PKK).
• تعديل العقد الاجتماعي والذي يعتبر بمثابة دستور الإدارة الذاتية.
• التفاهم حول الملف العسكري والذي يتضمن إلغاء التجنيد الإجباري وعودة قوات بيشمركة روج إلى سوريا.
• إلغاء مناهج التعليم التي فرضتها الإدارة الذاتية أو إيجاد حل عملي يضمن حصول الطلبة على شهادات معترف بها وإدخال تعليم اللغة الكوردية إلى مناهج التعليم بما لا يؤثر سلباً على مستقبل الطلاب وسوية التعليم.
• الكشف عن مصير المعتقلين والمختطفين لدى قوات الإدارة الذاتية أو في سجونها.
ويربط المجلس الوطني الكوردي ضمان أمن المنطقة الكوردية في سوريا بعدم تدخل العمال الكوردستاني في إدارة المنطقة ووقف المظاهر العلنية المتعلقة بهذا الحزب لتجنيب تحويل كامل المنطقة الكوردية في سوريا لساحة حرب بين العمال الكوردستاني وتركيا، مستشهداً بما حدث في عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل ابيض)، وهي مناطق اجتاحتها تركيا وفصائل موالية لها.
في المقابل يتهم الاتحاد الديمقراطي المجلس الكوردي بالتبعية لتركيا كون المجلس أحد أعضاء الائتلاف السوري المعارض والذي يعتبر المظلة السياسية للفصائل السورية المسلحة التي تسيطر على مناطق كوردية واسعة في سوريا وأهما عفرين وسري كانيه والمتهمة بارتكاب انتهاكات واسعة بحق أهالي المنطقة، بحسب تقارير لمنظمات حقوقية وإنسانية دولية وأممية.