"الحمى القلاعية" في نينوى.. فساد ورشى واستغلال سياسي واتهامات بالتهويل

"الحمى القلاعية" في نينوى.. فساد ورشى واستغلال سياسي واتهامات بالتهويل
2025-03-20 11:24

شفق نيوز/ شهدت محافظة نينوى، إجراءات وقائية وعلاجية مشددة خلال الأسبوع الماضي لمواجهة مخاطر انتشار مرض الحمى القلاعية الذي ضرب المحافظة مؤخرا بسبب غياب الرقابة على العجول المستوردة من خارج العراق.

ويبدو أن انتشار الحمى القلاعية في نينوى لم يكن بمعزل عن الوضع العام في العراق، بعد أن أخذ الموضوع تداعيات سياسية من جهة، وكشف عن فساد وإهمال في ملف استيراد العجول من الخارج من جهة أخرى.

وعلى خلفية انتشار المرض في حقول العجول بمنطقة كوكجلي شرقي الموصل ونفوق مئات الأبقار، فرضت الحكومة المحلية في نينوى حجرا صحيا على 22 حقلا لمدة أسبوع، وذلك تحت إشراف دائرة البيطرة والرقابة الصحية وبالتنسيق مع الدوائر المعنية الأخرى.

ورافق فرض الحجر احتجاجات من مربي العجول في منطقة كوكجلي، حيث قطعوا طريق موصل – أربيل احتجاجا على ذلك، قبل أن يتدخل محافظ نينوى عبد القادر الدخيل ويعيد فتح الطريق بعد وعود للمربين برفع الحظر بأسرع وقت وبعد الانتهاء من الإجراءات الوقائية لمعالجة تفشي مرض الحمى القلاعية.

واتهم المحتجون من مربي المواشي أحد النواب والسياسيين المتنفذين في نينوى بإدخال المواشي المستوردة إلى المحافظة، فيما طالبوا بمحاسبة كل من تورط من نقاط تفتيش وتجار في عمليات إدخال العجول المصابة.

الراشي والمرتشي والوسيط

وأكد عضو مجلس محافظة نينوى معاذ حجي في تصريح لوكالة شفق نيوز، أن الفساد والرشوة هي السبب الأبرز وراء انتشار الحمى القلاعية في نينوى.

وقال حجي: إن "انتشار المرض في حقول الدواجن بمنطقة كوكجلي أكد وجود راش ومرتشٍ ووسيط"، مبيناً أن "الراشي هو التاجر والمرتشي هو الموظف والوسيط هو السياسي الفاسد المستفيد من تلك الصفقات".

وأوضح أن "عمليات تهريب العجول كانت تجري في سيطرة "الشهيد سبهان" في مدخل الموصل من جهة أربيل وسيطرات أخرى الأمر الذي تسبب بدخول وتفشي المرض"، مؤكداً على "ضرورة اتخاذ اجراءات رقابية مشددة لحماية العجول وضمان عدم انتشار المرض مجدداً".

وكشف حجي عن نفوق أكثر من ألفي رأس من الأبقار خلال الأيام القليلة الماضية بسبب انتشار المرض، واتهم بعض الجهات الحكومية في المحافظة ولاسيما الطب البيطري وبلدية الموصل بمحاولة إخفاء الأعداد الحقيقية للهلاكات في العجول، فيما طالب محافظ نينوى بتشكيل لجنة لحصر الخسائر، كما طالب رئاسة الوزراء إلى تعويض المتضررين جراء تلك الإصابات والوفيات بأسرع وقت ممكن.

كما نوه عضو المجلس إلى "وجود شبهات بعدم فاعلية اللقاحات التي تم توزيعها على مربي الثروة الحيوانية في منطقة كوكجلي في أوقات سابقة"، مبينا أن "اللقاحات التي وزعت هي نوعين زيتية مدتها 6 أشهر والثانية مائية و مدتها 4 أشهر تحمي خلالها العجول من الإصابة بالحمى القلاعية".

وأكد حجي، أن "الإصابات التي حصلت تشير إلى عدم فاعلية تلك اللقاحات وهو ما يتطلب تدخلا عاجلا من وزير الزراعة للتحقيق بالموضوع".

وأصدرت لجنة الصحة والزراعة في محافظة نينوى جملة توصيات للحكومة المحلية للحد من انتشار المرض، تضمنت التوصية بمنع إدخال المواشي للمحافظة لحين إعلان الموقف الوبائي الواضح من قبل المستشفى البيطري، وتطبيق قانون الصحة الحيوانية والتشديد على اجراءاته، ومفاتحة وزارة الزراعة لدعم المستشفى البيطري في نينوى باللقاحات والأدوية واللوجستيات والفرق الجوالة، وتحديد وتعيين أطباء بيطريين بسبب النقص الحاد في الكوادر البيطرية، وإلزام المجازر بنقل اللحوم باشراف الصحة والمرور والقوات الأمنية بسيارات مبردة، إضافة إلى حصر الأضرار في الهلاكات لغرض تعويض المتضررين، فضلا عن تخصيص قطع أراضي لإنشاء مجازر مؤقتة بإشراف رئيس الوحدة الإدارية والدوائر المعنية.

نفوق 1000 – 2000 عجل 

من جهته أكد عضو مجلس نينوى ورئيس لجنة الزراعة والصحة أحمد الدوبرداني، أن "أسباب انتشار المرض لا يمكن إعلانها قبل إنتهاء اللجنة المتخصصة بالتحقيق والتي تم تشكيلها  مؤخرا لهذا الغرض".

وقال الدوبرداني، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "الإحصائية الرسمية الصادرة عن المستشفى البيطري في نينوى تؤكد أن حالات النفوق في العجول تجاوزت 800 حالة، بينما تحدث مربو العجول عن أكثر من ألفي حالة نفوق"، مشيرا إلى أن "الفرق في أعداد الهلاكات كبير وذلك يتطلب التحقيق في الموضوع من أجل حصر الخسائر وتعويض المتضررين".

ولفت عضو المجلس إلى أن "المستشفى البيطري في نينوى قدم كل ما بوسعه لاحتواء المرض والسيطرة عليه، ولم يتم تسجيل أي حالات تقصير في واجبه من خلال توزيع اللقاحات وتعفير ورش الحقول، وكذلك منع الاستيراد إلى المحافظة، وتدقيق عمليات الفحص للكشف عن الإصابات في الحقول ولاسيما في منطقة كوكجلي التي سجلت كمنطقة مصابة بالمرض".

تعويض المربين

وتسبب انتشار المرض بخسائر كبيرة لمربي الثروة الحيوانية خاصة في منطقة كوكجلي، وهو ما دفع بالمربين إلى إطلاق نداءات استغاثة لتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.

وأكد الناشط المتخصص بالمجال الزراعي أنس الطائي ضرورة عدم تخلي الدولة عن مربي الثروة الحيوانية أو تركهم يواجهون انتشار الحمى القلاعية لوحدهم.

وقال الطائي في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "أصحاب الحقول في منطقة كوكجلي بذلوا الجهود الكبيرة في تربية المواشي فضلا عن شرائها بمبالغ هائلة إلا أنهم تفاجئوا ببعض أصحاب السلطة والنفوذ الذين أدخلوا الأبقار المستوردة رغم إصابتها، وبالتالي تسببت بإصابة عجولهم".

وشدد الطائي ضرورة تبني قضية هؤلاء المربين، والعمل على تعويضهم بشكل عاجل، وأن تتدخل الدولة لحمايتهم مستقبلا وضمان عدم تكرار ما حصل بسبب الفساد والإهمال.

تهويل إعلامي واستغلال سياسي

بالمقابل، قالت المستشفى البيطري في نينوى أن هناك تهويلا إعلاميا وإثارة غير صحيحة لتداعيات انتشار الحمى القلاعية في منطقة كوكجلي.

وقال مدير المستشفى البيطري في نينوى عمر الحيالي، في تصريح لوكالة شفق نيوز، إن "مرض الحمى القلاعية لا يصيب الإنسان وتقتصر إصابته على الحيوانات فقط"، مشيرا إلى أن "المرض ليس بالغريب على نينوى ومنطقة كوكجلي، فهو مستوطن في المنطقة منذ ثلاثينيات القرن الماضي".

وأضاف: أن "المستشفى البيطري استنفرت كوادرها كافة، وكثفت من عمليات الكشف على حالات الإصابة في الحقول، وكذلك عززت من أعمال تعفير الحقول في المنطقة وتوزيع الأدوية واللقاحات في محاولة للحد من انتشار المرض والسيطرة عليه بشكل كامل".

وأوضح أن "المستشفى لا تنفي انتشار المرض وتؤكده وتتعامل معه بالإجراءات كافة"، منوها إلى "وجود تهويل إعلامي للموضوع ومبالغة واضحة في نقل الموضوع".

وعلى الصعيد الآخر، أكد عضو مجلس محافظة نينوى محمد أهريس وجود مبالغة كبيرة واستغلال سياسي لموضوع انتشار مرض الحمى القلاعية في نينوى.

وقال أهريس في تصريح لوكالة شفق نيوز، إن "المعلومات الأولية تؤكد أن انتشار المرض جاء بسبب استيراد العجول المصابة من الخارج وإدخالها إلى منطقة كوكجلي شرقي الموصل".

وأضاف: أن "السلطات الصحية والمحلية في نينوى سيطرت على الموقف ويمكن القول أن الوضع الآن تحت السيطرة"، مبينا أن "هناك تهويل سياسي من بعض السياسيين ما أدى إلى إظهار المشكلة بهذا الحجم".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon