الحزب الديمقراطي الكوردستاني يتسلح بـ"آلية جديدة" لخوض الانتخابات العراقية
شفق نيوز/ ربما يتفق المراقبون على مفارقة لافتة في انتخابات 10 تشرين الأول أكتوبر المقبل، تتمثل في أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني قد يكون أبرز قوة سياسية تخوض المعركة الانتخابية مطمئنة أكثر من غيرها من القوى، الى قاعدة تأييدها الشعبية في صناديق الاقتراع، وإنما بلا المبالغة المفرطة التي تتعارض مع عقلانية الأداء السياسي لهذا الحزب.
وليس خافيا حجم الانتقال الكبير الذي عبر اليه اقليم كوردستان بقيادة الحزب الذي يتزعمه مسعود بارزاني، ومن خلال رئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني، على الصعد الاقتصادية والسياسية والامنية خلال العقود الثلاثة الماضية والتي ربما من أهم معالمها الاخيرة، التضحيات الكبرى في الدفاع عن الاقليم من خطر الارهاب الداعشي بالقدرات الذاتية وبنسج خيوط من الدعم الإقليمي والدولي، وثانيا الإصرار، بالصبر والمثابرة، على التلاقي مع بغداد حول النقاط الخلافية.. وهي كثيرة.
ولا بد أن المراقبين لاحظوا كيف ان الخطاب الكوردي في سنوات ما بعد المرحلة الداعشية، تميز بالوطنية الجامعة، وبالسعي إلى معالجة الخلافات مع الحكومة الاتحادية كما جرى مثلا في العام الماضي حول المخصصات المالية المحددة لاقليم كوردستان، والتي بسبب التخبط من جانب بغداد، ادت الى اندلاع توترات في الشارع الكوردي خاصة في السليمانية، لكن التأني والصبر الذي مارسته القيادة الكوردية وتكثيف تواصله مع القيادة العراقية، وخاصة مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، برهن على ان العمل المشترك وسياسة "تدوير الزوايا"، تفتح الابواب امام الحلول، وهو ما حصل.
ولا تقتصر العقلانية التي تميز الحكم في اربيل على التعامل مع بغداد، فهي ايضا تفتح الابواب مع طهران وانقرة ولندن والرياض وابوظبي وباريس وبرلين وواشنطن وغيرها، فاقليم كوردستان، كما قال نيجيرفان بارزاني خلال زيارته البريطانية مؤخرا، يقع "على خط المواجهة بين الحرية والاستبداد والأمل والظلام"، وان كوردستان "ستظل ملاذا آمنا ومنارة للتسامح".
ولهذا، ولاسباب اخرى، فان الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي تأسس في العام 1946، وخاض مسيرة طويلة من النضالات والتضحيات وصولا الى يومنا هذا، يخوض الانتخابات مطمئنا الى انه يسير منسجما مع مبادئه المعلنة والتي من بينها انه حزب ديمقراطي وطني، يؤمن بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والحرية الفردية وحق تقرير المصير.
لكن انتخابات 10 اكتوبر بالنسبة لكثيرين، يمكن ان تشكل تحولا جديدا في مسار العراق واقليم كوردستان، وفي هذا السياق، فإن الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) يسعى الى خوض المعركة الانتخابية بكثير من التروي والدقة، من خلال 51 مرشحا موزعين على 31 دائرة انتخابية، معتمدا استراتيجية جديدة أملا بتحقيق مقاعد أكثر مما حصل عليه في انتخابات العام 2018 (26 مقعدا).
وقال مصدر مطلع لوكالة شفق نيوز ان "البارتي يأمل في تحقيق مقاعد اكثر من الدورة السابقة يحصل كونه بدأ العمل على ذلك مبكرا باعتماد استراتيجية جديدة تضمن له تحقيق اهدافه، او، في اسوأ التقديرات، الحفاظ على ذات عدد المقاعد في الدورة السابقة".
ولفت المصدر الى ان "حزبه كثف نشاطه خارج حدود الاقليم لاسيما في محافظة نينوى التي يعول عليها كثيرا حيث سمى 14 مرشحاً موزعين على سبع من أصل ثماني دوائر انتخابية في المحافظة، وهذا يؤشر الى اهمية هذه المحافظة بالنسبة الى الحزب"، مضيفا ان الحزب قد يحظى ب 6 او 7 مقاعد منها.
واشار المصدر الى ان الحزب وضع خطة مدروسة تتناول أهم التفاصيل التي تتعلق بالانتخابات في مناطق الاقليم وخارجه، موضحا انه "سمى اقل عدد من المرشحين في مناطق الثقل او معاقل الحزب لضمان الفوز دونما ضياع لأي صوت".
وعلى سبيل المثال، ففي دائرة مدينة عقرة، المحسوبة للبارتي ولها اربع مقاعد، تم ترشيح اقوى ثلاثة مرشحين عن الحزب الى جانب مرشح جديد ايضا في محافظة كركوك وضمن دوائرها الانتخابية الثلاثة ارتأى الحزب تسمية أقوى مرشح لديه للدائرة التي تصنف بالاقوى (شاخوان عبد الله)، فيما سميت احد مرشحات الحزب للتنافس في الدائرة الثانية، كما يشير المصدر القريب من دائرة القرار في الحزب.
وتابع القول ان "غالبية مرشحات الحزب توزعت على دوائر انتخابية توصف بالقلقلة او ليست قوية على اعتبار ان النساء لايحققن نسب تصويت عالية".
وردا على سؤال حول مراكز ثقل الحزب، قال المصدر ان "حزبه يرى ان مناطق الثقل تتمركز في دهوك اربيل ونينوى"، معربا عن اعتقاده بأن تسجل دهوك 10 مقاعد ونينوى 6 أو 7 مقاعد، واربيل من 6-8 مقاعد، وكركوك ثلاث مقاعد ايضا. واشار الى ان السليمانية ستحقق في اسوأ التوقعات، مقعدين الى جانب مقعدين آخرين من محافظات الوسط.
وحول الشخصية التي يرشحها الحزب لرئاسة الجمهورية، قال المصدر ان "مرشح رئيس الجمهورية حتما سيكون من ضمن اولويات الحزب الذي هيأ ثلاثة مرشحين بينهم هوشيار زيباري، باعتباره "شخصية غير جدلية ويحظى بمقبولية لدى جميع الاطراف"، لكنه استدرك بالقول ان "الامر يبقى رهن بنتائج الانتخابات والتحالفات فضلا عن توافق الاطراف الكوردية على ذلك".
اما ازاء احتمال التجديد لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فقد أوضح المصدر انه "من الوارد جدا تجديد الولاية للكاظمي لاسباب عدة من بينها انه عمل جاهدا على تفادي المشاكل مع الاقليم التي عادة ما يكون محورها المخصصات المالية في الموازنة وغيرها حيث عمل رئيس الوزراء على ارسال مخصصات الاقليم دونما نزاع، كما ان الكاظمي تربطه علاقات قوية بقيادات الاقليم".
ومن جهته، قال القيادي في الحزب ومسؤول ملف الانتخابات في الحزب خسرو كوران في تصريحات لوكالة شفق نيوز ان الحزب سمى 51 مرشحا موزعين على 31 دائرة انتخابية مقسمة على 11 محافظة بينهم قرابة 12 من المرشحات النساء تماشيا مع كوتا النساء التي حددها الدستور العراقي، مشيرا ان لدى الحزب مرشحين في محافظات كربلاء والكوت وبغداد وديالى والانبار وصلاح الدين وكركوك فضلا عن نينوى الى جانب محافظات الاقليم.
وقال كوران ان "غالبية المرشحين من القيادات البارزة والمعروفة لدى الشارع الكوردي وتحديدا مناطق ومعاقل الحزب". واوضح ان "مرشحي الحزب غالبيتهم من الوجوه المعروفة، ونصفهم من النواب السابقين والوجوه العشائرية البارزة فضلا عن رجال الدين والتكنوقراط".
وأكد كوران الحزب الديمقراطي الكوردستاني يحاول المحافظة على عدد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات السابقة ( 26 مقعدا )، لكنه يأمل في تحقيق عدد اكبر.
وبينما تحفظ كوران عن الكشف عن مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية "الا بعد اعلان نتائج الاقتراع"، قال ان التحالفات المستقبلية مع القوى والكتل النيابية "تتوقف على نتائج الانتخابات وبالتالي من السابق لأوانه الخوض في ذلك".