"الجلاد والضحية على أرض واحدة".. ناجيات ايزيديات في كندا: إعادة مقاتلي (داعش) يشعرنا بعدم الأمان
شفق نيوز/ كشفت ناجيات ايزيديات من تنظيم (داعش)، اليوم الاثنين، عن "تخوفهن وصدمتهن" من قرار الحكومة الكندية بإعادة مقاتلين من التنظيم رغم ما ارتكبوه من حملات "إبادة جماعية وإرهاب"، وفيما أوضحن أن نساء التنظيم كن "أسوأ" من مقاتليه الرجال عبر تعذيبهن للأسيرات بشكل يومي، أكدن ان مجرد تخيل عودة مقاتلي (داعش) الى كندا يدفعهن الى "البكاء وعدم الشعور بالأمان".
وقالت اذاعة سي بي سي الكندية في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ إن "هناك مشاعر صدمة وخوف وقلق بين العراقيين والايزيديين تحديداً والذين جرى توطينهم في كندا، بعدما اتخذت محكمة كندية قراراً يتيح للسلطات الكندية السماح باستعادة افراد من عائلات مرتبطة بـ (داعش) في مخيمات احتجاز ونازحين في سوريا والعراق".
ولفت التقرير إلى أن "الأيزيديين جاءوا الى كندا كملاذ آمن لهم، بعدما دمر (داعش) مجتمعهم القديم في شمال (العراق)، والان فان العودة الوشيكة لأعضاء (داعش) المفترضين الى كندا، تثير عندهم الصدمة والقلق والخوف".
وتقول هدى الياس وهي واحدة من 1200 ناجٍ من الإبادة الجماعية للايزيديين والذين أعيد توطينهم في كندا، وأمضت سنوات في عبودية (داعش)، "عندما سمعت النبأ للمرة الاولى، شعرت بأن جسدي يخسر قوته"، مضيفة إنها "إضطرت الى الجلوس فوراً، وشعرت بحزن ورعب في الوقت نفسه لأنهم من ناحية وعدوا بحمايتنا واحضارها الى هنا ومنحنا الأمان، ومن جهة اخرى يقدمون وسيلة الدخول نفسها لهؤلاء الذين اغتصبونا وعذبونا بشكل يومي".
وذكر التقرير أن "الحكومة الفيدرالية وافقت في وقت سابق من الشهر الحالي، على اعادة 19 امراة وطفل كندياً من شمال شرق سوريا حيث يتواجدون في مخيمات احتجاز يديرها الكورد وتضم اعضاء مشتبه بهم من (داعش) وافراد من عائلاتهم"، مبيناً أن "هذا القرار تبعه أمر من المحكمة الاتحادية للحكومة الكندية باستعادة أربعة رجال محتجزين في السجون السورية للاشتباه بانتمائهم إلى (داعش)".
ونقل التقرير عن رئيسة الجمعية الكندية للايزيديين جميلة ناسو قولها ان "الايزيديين يشعرون بالامتنان لكندا حيث استقر الكثيرون منهم في وينيبيغ"، مشيرة إلى أن "كندا كانت من أوائل الدول التي استجابت لمحنة الإيزيديين، وان الجالية اليهودية، وآخرين في المدينة، ساعدوا في لم شمل العائلات ورعاية اللاجئين، ولكنها قالت إن مسألة إعادة (داعش) جعل العائلات الايزيدية تشعر بالحزن والخيانة".
وقالت ناسو إن "العديد منهم انفجروا في البكاء لأنهم اعتقدوا ان هذا الخبر لا يصدق على الاطلاق. لا يمكن أن يكون صحيحا".
وأضافت ناسو "قدمنا طلبات لجمع شمل افراد عائلتنا الذين كانوا في اسر (داعش)، وها هم يأتون بمرتكبي جرائم الابادة الجماعية هذه الى كندا وهم يعلمون في غالبية الحالات ان هؤلاء الاشخاص لن يواجهوا المحاكمة، العادلة ليست هنا والشهود ليسوا هنا، وهم بذلك يمنحون اذون مجانية رغم دورهم في الابادة الجماعية والارهاب".
وأعربت الناشطة الايزيدية عن "خيبة املها ازاء ذلك لا بالنسبة الى المجتمع الايزيدي فقط، ولكن أيضا بالنسبة الى الجميع في أنحاء كندا من المؤمنين بالقيم الليبرالية، وبأننا يجب أن نكون دولة مدافعة عن الضحايا والناجين".
وكانت هدى الحمد تبلغ من العمر (17) سنة عندما جاء هجوم (داعش)، والآن تقول وهي تجلس في منزلها في وينيبيغ، أنه "قبل وصول (داعش)، كنا سعداء للغاية، وكان هناك ضجيج وصخب كثير في المنزل، لكنني كنت احبه، وكنا نذهب الى العمل ونعود إليه، ونتناول العشاء كعائلة".
واشار التقرير إلى "انه مع اقتراب (داعش)، لجأت عائلة هدى و الاف اخرين الى جبل سنجار، ولكن جرى أسرهم الى جانب الاف اليزيديين الاخرين، وقام عناصر (داعش) بالفصل بينهم حسب العمر والجنس".
واعربت هدى عن "اعتقادها أن إطلاق النار الذي سمعته خلال اقتيادها بعيدا، كان بداية المذبحة بحق الأفراد الايزيديين الأكبر سنا".
واوضح التقرير ان "(داعش) قام وفق خطط تتعلق بالايزيديين باحتجاز الفتية بفصلهم عن عائلاتهم ليتم تحويلهم الى الاسلام وتربيتهم كمقاتلين جهاديين وانتحاريين"، مضيفا ان "الالاف من الاولاد والرجال الاكبر سنا جرى قتلهم، بينما تم فصل الشابات والفتيات مثل هدى واخواتها الثلاث، من اجل عرضهن للبيع كعبيد".
ونقل التقرير عن هدى قولها ان "مسلحي (داعش) كانوا يتجولون ويدونون الأسماء والأعمار والروابط العائلية للناس الذين كانوا على صلة بهم، ثم بدأوا عملية فصل الناس عن بعضهم بنظراتهم"، مضيفة أنهم "كانوا يتصرفون كما لو اننا قطيع من الماشية بتحديدهم من هي الجيدة ومن كن كبيرات في العمر، ومن ليست جيدة ومن لديها أطفال وأعمارهم".
واضافت انه "تم اقتيادها هي واخواتها الى غرفة منفصلة مع العديد من الفتيات الاخريات وتم بيعنا جميعا، بعدما دخلوا إلى الغرفة وراحوا يختارون الفتيات لأنفسهم، واقتادوها هي وشابة ايزيدية اخرى من قبل احد عناصر (داعش). وتعرضت فتيات للاغتصاب مرات عديدة، وجرى بيعهن مرات عدة ايضا، اما هي فقد مر سنوات قبل ان تعلم ان شقيقاتها ما زلن على قيد الحياة".
ونقل التقرير عن ناجين من الايزيديين قولهم إن "هناك فكرة خاطئة مفادها أن نساء (داعش) كن اقل ذنباً أو أقل عنفاً من الرجال"، ونقل عن هدى قولها إن "النساء كن أسوا من مقاتلي (داعش)، كانت النساء تضربنا باستمرار ويرفضن اطعامنا، وعادة ما اتعرض للضرب بالكابل من قبل زوجات مقاتلي (داعش)، وكن يسخرن مني، ويبصقن علي، وكان ذلك بشكل يومي، وحين ياتي زوجهم، يغتصبني".
وبحسب ناسو، فإن "التجربة التي عاشتها هدى مع نساء (داعش)، شائعة بين الناجيات الاخريات"، وقالت ان جميعهن بإمكانهن القول انه "عندما كن في الاسر، لعبت النساء نفس الدور الذي لعبه مقاتلو (داعش) في تعذيبهن، وابقائهن في الأسر.. كان النساء يتعاملن مع الايزيديين بلا إنسانية مثلما فعل الرجال".
وبعدما لفت التقرير الى ان الايزيديين ياتون بشكل مستمر الى كندا حيث يكافح افراد العائلات من اجل لم شمل الأفراد والتي مزقتها (داعش)، نقل التقرير عن الفتى اياد الحسين (13 سنة) الذي امضى خمس سنوات في اسر (داعش) وثلاث سنوات اخرى في مخيم للنازحين، ووصل الى وينيبيغ قبل شهرين فقط، بعدما انقذته شقيقتان اكبر منه، قوله "كنت في الخامسة من عمري عندما تم اعتقالي، لذلك لم يكن لدي فكرة عن مجتمعي أو من تكون عائلتي".
واشار الحسين الى "خضوعه للتدريبات العسكرية والتلقين الديني من قبل عناصر (داعش)"، وقال انه "التحق الآن بالمدرسة في وينيبيغ، ويتعلم اللغة الانجليزية بمساعدة أبناء عمومته، وانه سعيد بوجوده في كندا وانه سيصبح طبيباً".
الا ان الحسين قال انه "عندما سمعت خبر احضار اعضاء (داعش) الى هنا، شعرت بالرعب، لم يمض وقت طويل منذ أن جئت الى هنا، والهدف الأساسي من المجيء إلى بلد مثل كندا هو توفر الأمان، إذا كانوا سيأتون بهؤلاء الأشخاص الى هنا، وهم من الارهابيين، فكيف من المفترض ان اشعر بالامان؟".
أما هدى فتقول انه "من المؤلم ان ترى عائلات (داعش) يتم لم شملها بينما لا تزال شقيقاتها يعشن في مخيمات للاجئين بظروف خطيرة"، وتضيف بالقول إنها "الان إذا شاهدت شخصا شبه يشبه أحد أعضاء (داعش)، يبدأ قلبها بالخفقان بسرعة كبيرة". وأضافت "احيانا ابكي، واحياناً يجب ان اترك كل ما اقوم به للعودة الى المنزل على الفور".
وانتقدت هدى ما وصفته بأنه "سذاجة" الحكومة الكندية والمنظمات التي تعمل على لم شمل عائلات (داعش)، وقالت "لا اعتقد أن الحكومة تتفهم حقا، فلقد حاولنا مشاركة قصتنا عدة مرات، أخبرناهم عن الفظائع التي واجهناها".
وتابعت قائلة ان "الحكومة هي التي اعترفت بانها ابادة جماعية .. ويحاولون محو هذا المجتمع من على وجه الأرض، ومع ذلك، ها هم، يجلبون هؤلاء الناس"، واضافت "انه من المهم أكثر من أي وقت مضى ان يعرف الناس بالضبط انواع الوحوش التي هم عليها، ونحن ندعوهم الى البلاد دون اي عواقب".
ترجمة: وكالة شفق نيوز