استنفار في العراق لمواجهة "الخطر الأكبر"
شفق نيوز/ استنفار أمني يعيشه العراق مع تسارع الأحداث في
سوريا المجاورة وإعلان سيطرة فصائل مسلحة على محافظة إدلب بالكامل مع غالبية
محافظة حلب حتى الآن، وسط مخاوف من حدوث تسلل من عناصر تلك الفصائل إلى العراق،
فيما يشير مراقبون إلى أن "الخطر الأكبر" ليس من سوريا وإنما من
إسرائيل، التي من المتوقع تنفيذها ضربات جوية خلال الساعات المقبلة على الفصائل في
العراق رداً على استهدافاتها المتكررة لإسرائيل.
وعن هذه المستجدات المتسارعة، قال عضو لجنة الأمن والدفاع
في مجلس النواب العراقي، علي نعمة البنداوي، إن "الوضع في سوريا مقلق، لكن
القوات العراقية من وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية الساندة الأخرى والحشد الشعبي
في حالة استنفار على الشريط الحدودي مع سوريا، كما تم إرسال تعزيزات عسكرية إلى
محافظة الأنبار وخاصة في المنطقة الفاصلة مع سوريا من أجل تعزيز الأمن هناك
والاستعداد لأي طارئ".
وأضاف البنداوي لوكالة شفق نيوز، أن "لجنة الأمن
والدفاع لديها اتصال مستمر مع الأجهزة الأمنية وقادتها كافة، ولدى اللجنة اجتماع
طارئ غداً لمناقشة الوضع الأمني المستجد في سوريا والوضع الأمني في العراق والخطط
العسكرية على الشريط الحدودي مع سوريا".
من جهته، لم يخفِ الخبير الأمني، سرمد البياتي، وجود "جزء بسيط من
الخطورة على العراق في ظل الأحداث بسوريا، لكن تم اتخاذ إجراءات كافية للاطمئنان
بعدم حصول خرق، منها إرسال قطعات عراقية كثيرة إلى الحدود"، مستبعداً خلال
حديثه لوكالة شفق نيوز، تأثر العراق لـ"عدم وجود بيئة حاضنة للفصائل وعدم
رغبة المواطنين بتكرار تجربة عام 2014 نهائياً، على خلاف ما حصل في بعض المناطق في
سوريا، لذلك لا يوجد تخوف في العراق".
تحصين الحدود
وكان الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية،
اللواء قوات خاصة يحيى رسول، أكد أن "الحدود العراقية مع سوريا مؤمنة بشكل
كامل وكبير خاصة مناطق شمال شرق سوريا"، مضيفاً في حديث سابق لوكالة شفق
نيوز، أن "قطعات قوات الحدود مجهزة بأحدث الأسلحة والمعدات بالإضافة إلى
الطيران المسيّر والكاميرات الحرارية".
وتوعد رسول، "أي شخص أو إرهابي يحاول عبور الحدود
العراقية سيواجه رداً قوياً"، مشيراً إلى أن "قطعات الجيش متواجدة خلف
قطعات الحدود"، مؤكداً أن "العناصر الاستخباراتية مستمرة بمراقبة أي
تحركات إرهابية".
وكانت فصائل مسلحة سورية، بقيادة هيئة تحرير الشام
"جبهة النصرة سابقاً"، أطلقت، الأربعاء الماضي، عملية اسمتها "ردع
العدوان"، واجتاحت قرى وبلدات بمحافظتي حلب وإدلب التي تسيطر عليهما الحكومة
السورية.
وفي أواخر عام 2016 استعادت قوات الجيش السوري بدعم من
روسيا وإيران وفصائل موالية مسلحة في المنطقة، مدينة حلب بأكملها، ووافق مقاتلو
المعارضة على الانسحاب بعد أشهر من القصف والحصار في معركة قلبت دفة الأمور ضد
المعارضة.
ويخشى العراق من عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما
تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث مساحة البلاد على خلفية امتداد
الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة.
قلق من الجو
وفي هذا السياق، ذكر الخبير الاستراتيجي، أحمد الشريفي، أن
"العراق أمام معادلة خطرة تمثل تهديداً قد يكون عابراً للحدود لاسيما أن ما
يحصل في سوريا هو إعادة نشاط للجماعات التي شكلت أمس نواة لتنظيم ما يسمى
بـ(داعش)".
وبين الشريفي، خلال حديثه للوكالة أن "العراق أمام
تحدٍ كبيرٍ ينذر بأزمة معركة برية في سوريا قد تكون واحدة من ارتداداتها أن يكون
هناك تدفق للمقاتلين عبر الحدود، والإجراء الذي اتخذته الحكومة العراقية كان
صائباً بمسك الحدود بثلاثة ألوية من الجيش العراقي مسنودة بلواءين من الحشد
الشعبي".
وأشار إلى أن "في مسألة داعش هناك محورين، الأول معبر ربيعة وهذا تم إرسال قدرات قتالية إليه، والثاني محور المنطقة الغربية الأنبار وخط تماس القائم – البو كمال، لكن لن يكون هناك اجتياحاً بشرياً، وإنما قد تحصل عمليات تسلل، وأن الإجراءات الاحترازية العراقية ضاعفت من عملية سد الثغرات".
وعن المخاوف من تكرار أحداث عام 2014 في العراق، أكد
الشريفي، أن "هناك ضمانات موجودة في الميدان، ففي السابق كان الوضع الأمني
والعسكري مهزوزاً لكنه حالياً متماسك وحالة الحيطة والحذر على الحدود عالية، كما
يوجد التحالف الدولي الذي يقوم الآن بتأمين تغطية إلكترونية لخط التماس الحدودي
بدقة".
وتابع: "هناك إسناد من القوات الأمريكية، فضلاً عن
جهوزية القوات العراقية وامتلاك عدد من الطائرات الجاهزة لإسناد القطاعات، ورغم
وجود أزمات سياسية في العراق لكن لا توجد حاضنة، فالكل في مستوى عالٍ من الوعي،
لذلك على المستوى البري هناك اطمئنان لكنه ليس تاماً".
ونوه الخبير الاستراتيجي، إلى أن "المعادلة الأهم مع تصاعد الأحداث في سوريا، أن تكون هناك ضربة جوية على العراق لاسيما بعد إعلان إسرائيل أمس تلقيها تهديداً من جهة الشرق وتقصد بذلك العراق، وفي حال تم استخدام هذه الحادثة ذريعة مع سخونة الأوضاع في العراق فمن غير المستبعد حدوث ضربات جوية على الفصائل، وضربة القائم - البو كمال لم تكن بعيدة عن هذه المعادلة التي استهدفت فيها الفصائل المنفتحة تعبوياً في منطقة البو كمال".
وتوقع الشريفي، "حدوث ضربات جوية إسرائيلية على
العراق خلال الساعات المقبلة تستهدف المناطق التي تتمركز فيها الفصائل على مستوى
تجمعات بشرية أو مقرات ومراكز قيادة وسيطرة ومكاتب، ومن غير المستبعد أن تكون في مناطق
فيها تجمعات سكانية ما قد يوقع ضحايا مدنيين".
ورأى أن "الخطر باستهداف الفصائل هو في احتمالية
ردها على القواعد التي فيها تواجد أمريكي في العراق، وإن لم يستطع رئيس الوزراء
العراقي محمد شياع السوداني إيقاف الفصائل، فقد تكون هناك ذريعة تدفع باتجاه عمل
عسكري من قبل إسرائيل، ويصبح العراق في ساحة صراع بين إسرائيل والفصائل، وربما
يكون هناك دور للولايات المتحدة إذا ما تم استهداف مصالحها في العراق".
واليوم السبت، أعلن الجيش الإسرائيلي، اعتراض سلاح
البحرية في البحر الأبيض المتوسط طائرة مسيّرة أُطلقت من جهة "الشرق"،
قبل دخولها "أجواء إسرائيل".
وغالباً يشير الجيش الإسرائيلي إلى وقوع هجمات مصدرها من
"الشرق"، وهي عادة يتم تبنيها من قبل فصائل شيعية من العراق.
وهذه هي المرة الثانية خلال الساعات الأخيرة الماضية التي
يعلن فيها الجيش الإسرائيلي اعتراض مسيّرة قادمة من جهة الشرق.
وخلال الشهور الماضية، أطلقت "المقاومة الإسلامية
بالعراق" مسيّرات في هجمات طالت أهدافاً عدة بإسرائيل، بينها إيلات، دعماً
لقطاع غزة الذي يواجه عدواناً إسرائيلياً منذ 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2023.
وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قالت إسرائيل إنها
رصدت 65 هجوماً بمسيّرات قادمة من العراق منذ بداية الشهر، وسط ارتفاع في عدد
الهجمات خلال الأشهر الثلاثة الماضية.