"استغلال الآلام".. السباق الانتخابي يبدأ مبكراً في الأنبار
شفق نيوز/ يتلهف ذوو المغيبين في الانبار، لأي معلومة أو خبر يوصلهم لمصير أو مكان ابنائهم الذين فقد أثرهم قبل سنوات.
ومثل الغريق الذي يتعلق بقشة، يتطلع هؤلاء مجدداً إلى وعود انتخابية للكشف عن مصير المختفين قسراً، إذ بدأ مرشحون ونواب وسياسيون عن كتل سنية بإطلاق الوعود مبكراً خلال زيارات بدأت قبل نحو ثلاثة أسابيع للمدن والبلدات في محافظة الأنبار.
وهذه الوعود هي ذاتها التي أطلقتها الكتل السياسية في انتخابات عام 2018، ولم يتحقق منها شيء، وهو ما اعتبره البعض استغلالاً لآلام الناس.
فقد شهدت مدن البو شجل والبو عكاش في الصقلاوية شمالي الفلوجة والقائم والرطبة غرب الانبار والسجارية شرقي الرمادي والعامرية والكرمة جنوب وشرق الفلوجة زيارات متعددة لممثلين عن كتل سياسية ومرشحين بعضهم اصطحب معه رجال دين وشيوخ عشائر.
وأطلق الزائرون حزمة وعود مختلفة منها عزمهم التحرك باتجاه حكومة مصطفى الكاظمي، وزعامات تحالف "الفتح"، وفصائل مسلحة بارزة في الحشد الشعبي، لمعرفة مصير المختفين قسراً.
"استغلال وصراع انتخابي"
واعتبر ناشط حقوقي بارز في المحافظة بأن "استغلالا غير أخلاقي ولا انساني يحصل في المحافظة من قبل السياسيين ضمن صراعهم على أصوات الناخبين ومنه ملف المغيبين بسبب عددهم الكبير وتحولهم لثقل انتخابي لا أكثر".
وأضاف أن مفوضية الانتخابات مطالبة بالتحرك تجاه ما وصفه بـ"المهزلة"، كما طالب حكومة الكاظمي بـ"التحلي بالشجاعة والكشف عن المعلومات التي يملكها بشأن مصير آلاف الضحايا المختطفين وعدم ترك الموضوع مفتوحا للابتزاز السياسي بمشاعر الناس وعواطفهم ولهفتهم على أبنائهم"، وفقا لقوله.
من جانبه، قال المواطن محسن عمار ( 39 سنة )، إن "في مثل هذه الأيام من انتخابات الدورة البرلمانية السابقة كان المرشحين يتوافدون إلينا من كل مكان، وكانوا قد وعدونا بالكشف عن مصير أبنائنا، وبعد أن وثقنا بهم ومنحناهم أصواتنا لم نعد نراهم سوى على شاشات التلفاز".
وأضاف عمار، وهو من سكنة ناحية الصقلاوية شرقي الأنبار، وشقيق أحد لاثنين من المفقودين قسرا، "انتهت السنوات الأربع التي جلسوا بها على كراسي البرلمان لاستغلالهم اوجاعنا، ولكن لن نسمح بأن يضحكوا علينا مرة أخرى، ولن ننتخب أحد، لا عزم ولا تقدم".
"سئمنا الوعود"
وأما ضياء وليد ( 47 سنة ) فيقول متسائلاً، "ماذا يظنون ؟ هل يعتقدون بأنهم عند زيارتهم إلينا وإطلاق ذات الوعود التي سمعناها سابقاً، سنثق بهم ام ماذا ؟".
وأضاف وليد وهو من سكنة قضاء الفلوجة شرقي الأنبار، واب لأحد المفقودين، "عار عليّ وعلى كل والد او أخ أو ام او زوجة مغيب ومعتقل بالسجون السرية أن نصل إلى صناديق الاقتراع، لن ننتخب من صم أذنيه عن سماع انيننا لسنوات".
وقاطعته زوجته، علياء صادق ( 42 سنة ) قائلة "ذهبنا في الانتخابات الماضية، وصوتنا لمن وعدنا بكشف مصير ابني والبقية، اين هي وعودهم ؟ ليخرج علينا احد منهم وليقول لنا ما الذي فعله حتى الآن".
من جهته، قال عضو البرلمان العراقي السابق حامد المطلك، إن "المغيبين هي قضية إنسانية ووطنية وأخلاقية في الوقت نفسه، ومن غير الجائز أن تستخدم بأسلوب ابتزازي او مادي او لأغراض معينة أخرى كالانتخابات، ومن المعيب ان توظف القضايا الانسانية والأخلاقية بهذا الأسلوب".
ووصف المطلك، في حديثه لوكالة شفق نيوز"، بأن استغلال ملف المغيبين في الانتخابات امرا ليس بالغريب، قائلاً "الامر ليس بالغريب لدى بعض القوى السياسية، وأن بعض الأحزاب تتصرف وفق القضايا الوطنية بأسلوب ابتزازي".
وأضاف، "كنا نتمنى من الأحزاب التي تتغنى الان بملف المغيبين والمختطفين والمظلومين، ان تكون هذه الملفات ضمن برامجهم الانتخابية الدائمة وليس لمصالح انتخابية، كونهم أصحاب حق وعوائلهم تنتظرهم، ومن الضروري أن تكون هناك منظمات تتابع مصيرهم وتحاول استحصال حقوق ذويهم".
وحول ما إذا كان أعضاء البرلمان الحالي قد اوفوا بوعودهم بمتابعة هذا الملف ام لا، تحدث المطلك قائلاً "بوجهة نظري لم يوفوا ابداً، بل أنهم تناسوا الملف تماماً وبعضهم نكروه".
واختتم قائلاً، "لا أود أن أعمم، فالبعض كان صادق بوعده، لكن الغالبية الذي كانوا قد تغنوا بقضايا المغيبين وغيرهم، تناسوا وعودهم بعد الفوز في الانتخابات سواء بطريقة مشروعة او لا".
وأما عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي، نهلة الراوي، اعتذرت عن التحدث بهذا الملف، قائلةً "اخي العزيز، لدي ضيوف ومشغولة، اتصل بي بوقت لاحق".
وبعد تكرار مراسل وكالة شفق نيوز، السؤال، قائلاً "سيادة النائب، المواطنين يطالبونكم بالرد حول جهودكم في كشف مصير أبنائهم المغيبين، بصفتكم ممثليهم في البرلمان العراقي ؟"
قالت الراوي، "تعذرني، مشغولة آني".