كيف وصلت أدوية السرطان الإيرانية إلى الصيدليات العراقية؟.. تحقيق يفجر مفاجأة

كيف وصلت أدوية السرطان الإيرانية إلى الصيدليات العراقية؟.. تحقيق يفجر مفاجأة
2025-12-03T17:03:04+00:00

شفق نيوز- ترجمة خاصة

أظهر تحقيق في إيران أن جزءاً من أدوية السرطان المدعومة والمخصصة للمرضى داخل البلاد يشق طريقه إلى صيدليات في العراق ودول مجاورة، حيث تباع بأسعار أعلى بعدة أضعاف، في وقت تشكو فيه مستشفيات وصيدليات إيرانية من نقص حاد وارتفاع كبير في الأسعار.

تقرير موقع "فرارو" وترجمته وكالة شفق نيوز، أشار إلى أن دواء "فمارا" Femara المستخدم في علاج سرطان الثدي شبه مفقود من الصيدليات الإيرانية، بينما عُثر على عبوات تحمل باركوداً إيرانياً في صيدليات عراقية بسعر يناهز تسعة ملايين تومان للعلبة، مقارنة بسعر يقدّر بحوالي مليونين و200 ألف تومان إذا توفر داخل إيران.

سرطان الثدي يعد من أكثر السرطانات انتشاراً بين النساء في إيران، ووفق أحدث الأرقام الرسمية تُسجَّل إصابة نحو تسعة عشر ألف امرأة سنوياً، أي ما يعادل حالتين تقريباً كل ساعة، ما يجعل أي نقص في أدوية العلاج الكيماوي قضية حساسة لقطاع الصحة العامة.

في موازاة ذلك، ارتفعت أسعار بعض أدوية السرطان وفق التقرير إلى ما بين 150 و250 مليون تومان، بالتزامن مع زيادة في ضبط الأدوية المهرّبة.

مسؤول في منظمة الغذاء والدواء الإيرانية قال إن السلطات صادرت أكثر من ثلاثة وتسعين ألف وحدة دواء مهرب في مختلف أنحاء البلاد.

جانب آخر من الأزمة يتمثل في تزوير الأدوية، إذ كشف تحقيق عن قيام متربحين بملء قوارير أدوية سرطان بالماء المقطر أو سوائل أخرى وبيعها في السوق السوداء على أنها أصلية وبأسعار مرتفعة، اعتماداً على عبوات وملصقات تطابق شكلا المنتج الحقيقي. تتبع هذه المنتجات قاد فرق التفتيش إلى ورشة سرية في شيراز عُثر فيها على علب فارغة وملصقات مطبوعة وكمية من القوارير تحمل باركوداً إيرانياً.

إلى جانب الورش السرية، تشير تقارير سابقة إلى ضبط شحنة كبيرة عام 2024 على طريق في خراسان الجنوبية داخل شاحنة بضائع، حيث اكتشفت الشرطة أكثر من 730 ألف عبوة من الأدوية النادرة ومرتفعة الثمن، وقدّرت قيمتها بحوالي عشرين مليار تومان.

نظام التتبع الدوائي في إيران يربط عادة كل عبوة من مرحلة الإنتاج أو الاستيراد حتى تسليمها للمريض، عبر باركود يسمح برصد مسارها في شبكة التوزيع.

غير أن معاون التنمية وإدارة الموارد في منظمة الغذاء والدواء، نقي شهابي مجد، أوضح في تصريحات صحفية أن قدرة الرقابة تتراجع بعد تسليم الدواء للمريض، إذ لا توجد آلية للتحقق من استهلاكه وعدم إعادة بيعه أو تهريبه.

المسؤول نفسه أشار إلى أن بعض الجهات تحصل على الأدوية عبر وصفات طبية مزورة، ما يفتح ثغرة أمام ما يُعرف بـ"التهريب المعكوس".

تقارير إعلامية تحدثت عن استخدام البريد الرسمي لإرسال الأدوية إلى مدن حدودية قبل نقلها إلى خارج البلاد، إضافة إلى نقلها عبر "الكولبر- العتالون" في المناطق الجبلية، وتهريبها في حقائب بعض المسافرين عبر المنافذ الرسمية.

تقرير آخر لصحيفة "اعتماد" نقل عن مسؤولين في قطاع الصحة وجود حالات سرقة لأدوية علاج كيمياوي من مستشفيات حكومية.

محمد إسلامي، عضو جمعية أطباء الأورام في إيران، قال إن بعض الأدوية ذات الأسماء التجارية المعروفة لا تدخل عبر المسارات الرسمية، وإن أسعارها في السوق الحرة قد تصل إلى مئات الملايين أو حتى أكثر من مليار تومان للدواء الواحد، موضحاً أن بيع عدد محدود منها في السوق يمكن أن يغيّر وضع شخص واحد مالياً ويخلق إغراءات أمام بعض العاملين في القطاع الصحي.

مسؤولون محليون في شيراز أكدوا بدورهم تسجيل حالات تسرب أدوية مخصصة للاستخدام داخل المستشفى إلى خارج المنظومة الرسمية ووصولها إلى السوق.

الجمعية الإيرانية للصيادلة بدورها حذّرت من ثغرات في توزيع الأدوية. نائب رئيس الجمعية، محمد منفرد، قال إن بعض الصيدليات تسلّمت خلال عام واحد أدوية بقيمة تصل إلى ستين مليار تومان رغم حداثة تأسيسها، بينما لا توجد إجابة واضحة عن كيفية توزيع هذه الكميات، في وقت يشكو فيه المرضى من عدم توفر الأدوية نفسها على الشباك.

تقرير "مهر" أشار مع ذلك إلى أن حجم الأدوية التي يجري تهريبها إلى خارج إيران لا يكفي وحده لتفسير كل أسباب النقص والغلاء، وإن كان يسهم في تعقيد الوضع.

أدوية السرطان تُستورد وتُموَّل في ظل العقوبات باستخدام عملة أجنبية بسعر تفضيلي يبلغ 28 ألفاً و500 تومان للدولار، ما يعني أن خروج أي كمية من شبكة التوزيع الرسمية يمثّل هدرا لمورد مدعوم يفترض أن يوجَّه إلى علاج المرضى داخل البلاد، إلى جانب المخاطر المباشرة على حياتهم في حال شراء منتجات مغشوشة في السوق السوداء.

مسؤولون في منظمة الغذاء والدواء يربطون الحد من هذه الظاهرة بتأمين إمدادات منتظمة من الأدوية، والحفاظ على مخزون إستراتيجي، وتوفير الموارد المالية والعملات الصعبة اللازمة للاستيراد، إضافة إلى تشديد التنسيق بين الأجهزة الرقابية المعنية بالتوزيع والحدود والمنشآت الصحية، بهدف تقليص الهدر والتهريب والحد من فرص تداول الأدوية المزيفة التي تستهدف شريحة من المرضى يعتمد بقاؤهم على جرعات العلاج الكيمياوي.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon