الانتخابات العراقية.. توازن السوداني يمنحه مباركة أميركية لـ"ولاية ثانية"

الانتخابات العراقية.. توازن السوداني يمنحه مباركة أميركية لـ"ولاية ثانية"
2025-10-07T10:08:46+00:00

شفق نيوز- ترجمة

تُعدّ الانتخابات العراقية المقبلة نقطة تحول رئيسية في تاريخ البلاد، إذ من الممكن أن تعيد تشكيل النظام السياسي، ويبدو أن هناك مؤشراً مبكراً من الولايات المتحدة يفيد بأنها مستعدة للتعامل مع محمد شياع السوداني، في حال تولى رئاسة الحكومة لولاية ثانية، وفقاً لما خلص إليه موقع "أويل برايس" المتخصص في الشؤون النفطية.

وأشار الموقع إلى وجود العديد من القضايا الجيوسياسية الحيوية، في ظل إدارة الصين حالياً لثلثي إنتاج النفط العراقي، بينما تكثف الولايات المتحدة وحلفاؤها استثماراتهم في قطاع الطاقة، والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، بهدف مواجهة النفوذ الصيني المتنامي.

وبحسب التقرير الأميركي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، فإن الانتخابات العراقية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر قد تمثل نقطة تحول محورية منذ الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين عام 2003، مشيراً إلى أن عملية الاقتراع، وما يليها من خطوات لاختيار الرئيس وتكليف رئيس الوزراء، ستكون معقدة بسبب غياب نتائج انتخابية حاسمة نتيجة نظام التمثيل النسبي. واعتبر التقرير أن هذه العملية ستكون حاسمة ليس فقط للعراق، بل أيضاً لكافة القوى الكبرى في العالم خلال السنوات المقبلة.

وأوضح التقرير أن هناك رهانات كبيرة مطروحة للولايات المتحدة والصين، وهو ما يتضح من حجم ونطاق استثماراتهما في المحرك الاقتصادي الرئيسي للعراق، وهو قطاع الطاقة. وبيّن أن واشنطن خسرت، بمرور الوقت، الكثير من نفوذها على الأرض بعد الإطاحة بصدام حسين، في حين استفادت الصين من هذا الفراغ، بمساعدة كل من روسيا وإيران.

وأضاف أن هذا التحول في انخراط العراق مع الصين بدلاً من الولايات المتحدة تسارع منذ عام 2018، عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، التي تتخذ من العراق ساحةً لـ"تمردها"، كما تسارعت وتيرته بشكل أكبر بعد نهاية المهمة القتالية الأميركية في العراق في كانون الأول/ديسمبر 2021، بالتزامن مع تصاعد التوترات في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين. وقد دفعت هذه العوامل بالصين إلى تسريع استثماراتها في العراق دون قيود تُذكر.

وبحسب التقرير، أصبحت الشركات الصينية تدير حالياً أكثر من ثلثي إنتاج العراق من النفط، وتسيطر على أكثر من ثلث احتياطياته النفطية المؤكدة، فضلاً عن امتلاكها حصة مسيطرة في العديد من البنى التحتية الحيوية لقطاعي النفط والغاز، بما في ذلك الموانئ والمصافي.

في المقابل، بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها، ولا سيما بريطانيا وفرنسا، في مواجهة هذا التوسع الصيني، عبر ضخ استثمارات ضخمة في مشاريع النفط والغاز العملاقة، بعد سنوات من التردد بسبب مخاوف الفساد. وأشار التقرير في هذا السياق إلى مشروعي "توتال إنرجيز" (بقيمة 27 مليار دولار) و"بي بي" (بقيمة 25 مليار دولار).

في الوقت ذاته، ذكر التقرير أن روسيا تواصل لعب دورها المرسوم من قبل بكين، والمتمثل في تعميق الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان.

وأشار التقرير إلى أن هذه الضغوط المتضاربة تُلقي بثقلها على رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، الذي وصفه التقرير بأنه المرشح الأوفر حظاً للاحتفاظ بمنصبه. وأشاد التقرير بقدرته على الحفاظ على توازن دقيق واستثنائي بين القوى المختلفة دون إزعاج أي طرف بشكل مفرط.

ورأى التقرير أن السوداني تبنّى نهجاً عملياً في المقام الأول، رغم انتمائه إلى الكتلة الشيعية، إلا أنه ينتمي إلى الفصيل الأكثر اعتدالاً بين الفصائل الرئيسية الثلاثة داخلها. وقد اتسم نهجه بتحقيق خطوات صغيرة ومتواصلة في عدة مجالات، بما في ذلك إضافة مشاريع طاقة كبرى مع القوى العظمى، وتنفيذ مشاريع بنى تحتية جديدة للطرق والمصافي، إلى جانب مكافحة الفساد، ما انعكس إيجاباً على عودة شركات النفط والغاز الغربية الكبرى للعمل في العراق.

ونقل التقرير عن مصادر قريبة من وزارة النفط العراقية أن الشركات الغربية باتت راضية إلى حدٍّ كبير عن عناصر العقود الحالية، والتي كانت في السابق مصدر قلق، خصوصاً فيما يتعلق بالشفافية.

ووفقاً لأحد المصادر البارزة في الوزارة، فإن "العديد من العراقيين يرون في السوداني شخصية وسطية ضمن التكتل الشيعي، وأكثر قومية من الإطار التنسيقي المقرّب من إيران، وأقل تديناً من أتباع مقتدى الصدر".

وأضاف المصدر أن "أمل هؤلاء الناخبين يتمثل في أن يحقق تحالف السوداني الانتخابي (الإعمار والتنمية) ما يكفي من المقاعد الإضافية – ربما نحو 50 مقعداً – ليكون له تأثير حاسم في مفاوضات ما بعد الانتخابات، سواء في اختيار الرئيس أو تسمية رئيس الوزراء".

ورغم مقاطعة التيار الصدري للانتخابات، أشار التقرير إلى أن العديد من ناخبي التيار قد يميلون إلى دعم الأجندة القومية المعتدلة للسوداني، بدلاً من القوى التابعة لإيران ضمن الإطار التنسيقي.

وبيّن التقرير أن عدداً من الفصائل الشيعية لا تزال ترتبط بإيران من الناحية الأيديولوجية والمالية والاستراتيجية، وبعضها على علاقة مباشرة بالحشد الشعبي. ومع ذلك، نقل التقرير عن المصدر قوله إن "الرغبة في استمرار هذه العلاقة العميقة مع إيران بدأت تتراجع، لا سيما في أوساط الشباب العراقي".

ورجّح التقرير حصول السوداني على دعم محتمل من قيس الخزعلي وعصائب أهل الحق، رغم محاولات رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عرقلة هذا الدعم، مشيراً إلى أن موقف المالكي يبدو مرتبطاً بطموحاته الشخصية في العودة إلى رئاسة الحكومة.

كما رأى التقرير أن دعم الخزعلي سيكون مفيداً للسوداني في تعامله مع الكتلة الكوردية، بالنظر إلى علاقته الجيدة مع رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل طالباني، مستشهداً بالتنسيق الوثيق بين الطرفين خلال الانتخابات البلدية لعام 2023، ما ساهم في تعزيز موقف الاتحاد في كركوك.

وعليه، توقع التقرير إمكانية التوصل إلى اتفاق لتوسيع هذا التحالف دعماً لترشيح السوداني لرئاسة الحكومة مجدداً، خاصة وأنه يُعدّ المرشح الأوفر حظاً لعقد صفقات دعم متبادل مع الشخصيات السياسية البارزة، وعلى رأسهم محمد الحلبوسي، الذي أعرب عن دعمه لجهود السوداني في تنفيذ برنامج تنموي شامل، يركّز على الإصلاح المؤسسي، ومعالجة ملف النزوح، وتعويض ضحايا الإرهاب، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي.

وختم التقرير بالإشارة إلى أن تولّي السوداني رئاسة الوزراء مرة أخرى سيُعدّ تطوراً إيجابياً بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، بحسب ما نقله عن مصدر قانوني بارز في واشنطن مرتبط بوزارة الخزانة الأميركية، والذي قال: "السوداني شخص يمكننا العمل معه".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon