عُرفت بـ"نقل الأتربة".. تفاصيل خطيرة لعملية إخفاء نظام الأسد آلاف الجثث بالصحراء
شفق نيوز- متابعة
نشرت وكالة رويترز، تحقيقاً استقصائيا، عن مخطط سري نفذه نظام بشار الأسد استمر لست سنوات، تم خلاله نقل عشرات آلاف الجثث من مقبرة جماعية في بلدة القطيفة بريف دمشق إلى موقع جديد في صحراء الضمير، ضمن عملية غامضة أُطلق عليها اسم "نقل الأتربة".
وبحسب تحقيق رويترز، الذي لخصته وكالة شفق نيوز، كانت رائحة الموت تفوح على طول الطريق الصحراوي أربع ليالٍ أسبوعياً، على مدى عامين تقريباً، بينما كانت قوافل من الشاحنات العسكرية تنقل الجثث ليلاً تحت إشراف ضابط برتبة عقيد يُعرف بلقب "أستاذ التطهير"، أحد كبار المسؤولين عن عمليات الدفن الجماعي لضحايا النظام منذ اندلاع الحرب السورية.
وكشفت رويترز أن الأوامر صدرت مباشرة من القصر الرئاسي، وأن العملية جرت بين عامي 2019 و2021، بهدف إخفاء أدلة على جرائم حرب ودفن ضحايا التعذيب والإعدامات الجماعية في موقع يصعب الوصول إليه داخل منشأة عسكرية في الصحراء.
تقول الوكالة إنها راجعت أكثر من 500 صورة أقمار صناعية التُقطت على مدى عقد من الزمن، أظهرت كيف تم توسيع خنادق الدفن وإعادة فتحها، فيما استخدمت طائرات مسيرة لالتقاط آلاف الصور الأرضية، بمساعدة خبراء في الجيولوجيا الجنائية، أكدوا أن تربة الضمير تحتوي على مكونات من تربة القطيفة، ما يثبت نقل الجثث فعلاً.
ويُقدّر التحقيق أن الموقع الجديد يضم 34 خندقاً بطولٍ إجمالي يتجاوز كيلومترين، ما يجعله من أكبر المقابر الجماعية المعروفة في سوريا.
تحدثت رويترز إلى 13 شخصاً على دراية مباشرة بالعملية، بينهم سائقو شاحنات وميكانيكيون وضباط سابقون، الذين أكدوا أن كل من شارك في نقل الجثث أُجبر على الصمت تحت تهديد الموت، فيما قال أحد الفنيين إنه رأى بأمّ عينيه يداً بشرية متحللة تسقط من إحدى الشاحنات أثناء إصلاحها.
وقال أحد الضباط إن الأسد بدأ التفكير بنقل الجثث في أواخر عام 2018 عندما شعر بأنه استعاد السيطرة على البلاد، وكان يسعى إلى إخفاء الأدلة قبل استئناف علاقاته الدولية، بمشورة من المخابرات الروسية.
أوضحت شهادات ضباط سابقين أن هدف العملية كان محو آثار المقابر الجماعية في القطيفة، بعد أن كُشف أمرها من قبل ناشطين حقوقيين عام 2014. وأضافوا أن تقارير أسبوعية كانت تُرسل إلى القصر الرئاسي حول سير العملية، رغم عدم وجود أوامر مكتوبة مباشرة من الأسد.
وأظهرت صور أقمار صناعية لاحقة أن النظام أحاط مقبرة القطيفة بجدار خرساني بارتفاع ثلاثة أمتار لإخفائها عن الأنظار قبل بدء عمليات النقل.
بحسب تقديرات رويترز، قد يصل عدد الجثث المنقولة إلى ما بين 60 و80 ألف شخص، بينهم ضحايا سجون صيدنايا وتشرين العسكري. وقالت الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا إن نقل الجثث عشوائياً يعقّد تحديد هوية الضحايا، مطالبة بحماية الموقع وفتح تحقيق دولي شفاف.
وأكدت الهيئة أن أكثر من 160 ألف سوري لا يزالون في عداد المفقودين منذ عقود، بينما تشير التقديرات إلى أن عدد المفقودين في عهد عائلة الأسد قد يصل إلى 300 ألف شخص.
بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2025، لم تُنشر أي وثائق رسمية حول المقابر الجماعية أو عمليات النقل. وأفادت رويترز بأن العديد من السجلات أُتلفت أو اختفت، فيما أعلنت الحكومة الجديدة نيتها إنشاء بنك للحمض النووي ومنصة إلكترونية لعائلات المفقودين.
لكن الميكانيكي أحمد غزال، الذي شارك في إصلاح شاحنات نقل الجثث، قال لرويترز: "الناس كلها تدور في المكان الغلط... اللي بدهم يدوروا على أحبابهم لازم يروحوا عالضمير".