شفق نيوز تتقصى تأثير حرائق الغابات في سوريا: تدهور بيئي وتهديد لحياة الإنسان

شفق نيوز تتقصى تأثير حرائق الغابات في سوريا: تدهور بيئي وتهديد لحياة الإنسان
2025-07-13T10:47:05+00:00

شفق نيوز- دمشق

وسط استمرار جهود الإطفاء، تتزايد التحذيرات من الأضرار البيئية والإنسانية الخطيرة الناجمة عن حرائق الغابات التي اندلعت في مناطق واسعة من سوريا، والتي طالت آلاف الهكتارات من الغطاء النباتي، وأثّرت بشكل مباشر على التوازن البيئي والحياة اليومية للسكان.

المهندس أنس الرحمون، الناشط في أبحاث المناخ والبيئة، أكد لوكالة شفق نيوز، أن "الأضرار الناجمة عن هذه الحرائق تنقسم إلى ثلاث مراحل: آنية، ومتوسطة، وبعيدة المدى"، مشيرًا إلى أن بعض أنواع النباتات المهددة بالانقراض قد تكون انقرضت فعليًا نتيجة الحرائق، لكن لا يمكن تقييم ذلك بدقة إلا بعد الانتهاء من عمليات الإطفاء".

غازات سامة وتلوث الهواء

وأضاف الرحمون أن "الحرائق تطلق مزيجًا من الغازات السامة مثل أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت، وأكاسيد النيتروجين، والتي تتسبب بتلوث الهواء وتؤثر سلبًا على المناطق المجاورة حسب اتجاه الرياح، كمدن حلب، وحماة، وإدلب، وأريافها". ولفت إلى أن "الهواء الملوث الناتج عن الحريق يشكل تهديدًا مباشرًا على صحة الإنسان، خصوصًا مرضى الجهاز التنفسي والربو".

وأوضح أن التأثيرات متوسطة المدى تتجلى في موجات حرّ أكثر تكرارًا أو أشد حدة، حيث تسجّل بعض المناطق ارتفاعًا ملموسًا في درجات الحرارة، ولو بنصف درجة مئوية فقط، ما ينعكس على انخفاض الرطوبة الجوية ويعزّز تغيّر المناخ المحلي. وأضاف: "الحرائق تعزز من آثار التغير المناخي في سوريا، التي تعاني أصلًا من هذه الظاهرة كجزء من العالم المتأثر بها، لكن بإضافة عامل محلي يزيد من شدة الاختلال المناخي".

وأشار الرحمون إلى أن الأضرار بعيدة المدى تشمل انجراف التربة وغياب الغطاء النباتي الذي يحميها من الأمطار والرياح الشتوية، مما يجعلها عرضة للتعرية الريحية والمائية، كما تضررت الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في الطبقة السطحية من التربة (حتى عمق 10 إلى 20 سم)، وهي ضرورية لهضم المواد العضوية وتوفير المغذيات للنباتات.

وأكد أن "العديد من الحيوانات البرية، من طيور وأرانب وثعالب، هجرت موائلها بسبب النيران"، مشيرًا إلى "توثيق حالات احتراق لبعضها، مما يكشف عن حجم الكارثة الطبيعية".

كما طالت الحرائق بعض الأشجار المثمرة ذات الطابع الاقتصادي، مما تسبب بخسائر مادية للمزارعين، إضافة إلى تهجير عدد كبير من العائلات من مناطقهم، خاصة في المناطق القريبة من الغابات، مثل منطقتي "قصطا المعافى" و"كسب".

وفيما يتعلق بجهود المعالجة، أشار الرحمون إلى أن "الأولوية حاليًا هي للسيطرة على النيران، مؤكدًا أنه لا يمكن تنفيذ أي خطط لمعالجة الأثر البيئي قبل الانتهاء من إخماد الحرائق، لكن، في المقابل، بدأت بعض المنظمات غير الحكومية بحملات لجمع التبرعات من أجل إعادة تشجير الغابات المتضررة، وهو مشروع طويل الأمد قد يمتد لسنتين أو أكثر".

وبحسب التقديرات الأولية، فقد احترقت نحو 14 إلى 16 ألف متر مربع من المساحات الحرجية، وقد يمتد الأثر البيئي إلى مناطق مجاورة ضمن نطاق 60 إلى 70 مترًا بسبب انخفاض قيم الرطوبة.

ويختتم الرحمون: "الإنسان هو المتضرر الأكبر من هذه الحرائق، إذ أن كل خلل في البيئة، من الهواء إلى المناخ والتربة، يرتد سريعًا وبشكل مباشر على صحته واستقراره المعيشي".

ويشارك في عمليات الإخماد أكثر من 150 فريقًا من الدفاع المدني السوري وفرق الإطفاء، إضافة إلى فرق من المؤسسات والوزارات وفرق تطوعية مدعومين بـ300 آلية إطفاء وعشرات آليات الدعم اللوجيستي، إضافة لمعدات هندسية ثقيلة تستخدم لتقسيم الغابات إلى قطاعات يمكن الوصول إليها وفتح الطرق أمام فرق الإطفاء.

كما تشارك في العمليات فرق إطفاء برية من تركيا والأردن والعراق، وفي الجانب الجوي تساهم 16 طائرة من سوريا وتركيا والأردن ولبنان في تنفيذ عمليات الإخماد الجوي، في إطار تنسيق مشترك لمواجهة الكارثة.

حيث أعلن الدفاع المدني العراقي، الخميس الماضي، عن إرسال 20 فرقة إطفاء للمشاركة بعمليات إخماد حرائق اللاذقية.

ويوم الثلاثاء الماضي، طلبت سوريا من الاتحاد الأوروبي المساعدة في إخماد الحرائق المندلعة في ريف اللاذقية على الساحل السوري، منذ 3 يوليو/ تموز الجاري.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon