سوق "العصرونية".. قلب دمشق النابض رغم تحديات العصر (صور)

شفق نيوز- دمشق

سوق "العصرونية" أحد أقدم الأسواق الشعبية في مدينة دمشق القديمة، يقع قرب الجامع الأموي وسوق الحميدية، ويتميز ببيع الأدوات المنزلية التقليدية، التحف النحاسية، الفوانيس، الهدايا التذكارية، ولوازم المقاهي الشرقية، ما يجعله وجهة مفضلة للسكان المحليين والزوار الباحثين عن قطع تراثية أصيلة.

يضم السوق حوالي 120 محلاً يديرها حرفيون وتجار توارثوا المهنة عبر أجيال، محافظين على الطابع الدمشقي الأصيل، وعلى الرغم من الحرائق التي تعرض لها السوق خلال السنوات الماضية والتي أثرت على بعض محلاته، إلا أن جهود إعادة الترميم المستمرة مكنت من الحفاظ على هذا التراث الحي.

ويعتمد سوق العصرونية بشكل أساسي على مواسم محددة تشهد فيها الحركة التجارية نشاطاً ملحوظاً، مثل شهر رمضان الذي يزداد فيه الطلب على الفوانيس والمصابيح النحاسية والمستلزمات الرمضانية التقليدية. 

في حين، يشهد السوق نشاطاً متزايداً في مواسم الأعياد، حيث يقصد الناس السوق لشراء الهدايا التذكارية والأدوات المنزلية التي تضفي لمسة تراثية على بيوتهم، وفي السابق، كان السوق أيضاً مقصداً للسياح العرب والأجانب، الذين يشترون قطعاً تذكارية تعبر عن روح دمشق القديمة، لكن تراجع أعداد السياح أثر على حركة السوق.

التحديات والصعوبات

تواجه محلات السوق تحديات كبيرة منها تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين وارتفاع أسعار المواد الخام اللازمة للحرفيين، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات. 

وأثرت الحرائق التي لحقت بالسوق في السنوات الأخيرة على العديد من الورش والمحلات، ما أدى إلى إغلاق بعضها لفترات مؤقتة قبل ترميمها، الأمر الذي أضاف صعوبات أمام التجار للحفاظ على استمرارية أعمالهم في ظل الظروف الاقتصادية المتردية.

وقال مدير مديرية حماية المستهلك بمحافظة دمشق السورية، حسن الشوا، لوكالة شفق نيوز، إن "الحكومة تقوم بتأمين حوامل الطاقة التي تعتبر من أهم مستلزمات الإنتاج بالإضافة لكافة المستلزمات الخاصة بالعمل الحرفي أو في العمليات والتصنيع".

وتابع الشوا، حديثه قائلاً: "الجهات الحكومية تسعى أيضاً لتأمين مستلزمات المواد الاولية للإنتاج كافة، وذلك بتخفيض الرسوم والضرائب إضافة إلى العمل على حماية المنتج الوطني بالدرجة الأولى وعلى العمل الحرفي الذي يعبر عن الهوية الثقافية والتراثية السورية".

من جانبه، قال المحلل الاقتصادي السوري، سامر الحلبي، إن "أهمية هذا السوق تتجاوز الربح اليومي، فهو مساحة عمل لعائلات كاملة، وساحة توازن بين التجارة والتراث".

وأشار الحلبي، خلال حديثه للوكالة، إلى أن "كل حجر فيه يشهد على استمرار اقتصاد شعبي لا يزال يقاوم النسيان".

وبين أزقته الحجرية وأصوات الحرفيين، يظل سوق العصرونية رمزاً حياً للتراث الدمشقي وسط تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، حيث يشكل الحفاظ عليه دعماً لقطاع الحرف اليدوية وأملاً في استمرار الإرث الثقافي الذي يميز العاصمة السورية.