أدب من ركام غزة .. كاتبة فلسطينية تروي قصة مأساوية لنهاية حياتها الزوجية
شفق نيوز- غزة
تحت ركام الحرب المتواصلة في غزة، وبين الدمار والنزوح وفقدان الأحبة، خرجت أصوات أدبية شابة تبحث عن الحياة وسط الموت، من بين هذه الأصوات تبرز الكاتبة سجى أحمد الزويدي، التي حولت مأساة فقدان زوجها إلى حكاية تكتب، وإلى صوت يحاول أن يشق طريقه خارج حدود القطاع المحاصر، ليحمل للعالم وجع غزة وحلم ناسها.
تسرد الكاتبة سجى أحمد الزويدي حكايتها لوكالة شفق نيوز، موضحة أنها "بدأت في بيت حانون شمال قطاع غزة، حيث وُلدت عام 2000، وبدأت كتابة الشعر في طفولتها متأثرة بوفاة عمّها الذي كان مصدر إلهامها الأول"، فيما تقول: "إنها تزوجت في سن الخامسة عشرة من الشاب خليل محمد شحادة، حب طفولتها، ووحيد عائلته بعد سنوات طويلة من الحرمان امتدت نحو 20 عاما".
وأكملت: "دام زواج سجى وخليل ثمانية أعوام، حاولت خلالها تحقيق حلم الأمومة عبر عمليات أطفال الأنابيب في غزة ومصر دون نجاح، حيث كتبت خلال تلك الفترة روايتها الأولى بعنوان (قصة فتاة)، التي كانت تستعد لإكمال نهايتها قبل الحرب، حين كانت تستعد للسفر إلى تركيا لاستكمال رحلة العلاج، لكن الحرب اندلعت قبل موعد سفرها".
وبعد شهرين فقط من بدء الحرب، تقول سجى، إن "الصاروخ كان أسرع من الحلم، إذ قُتل زوجها أثناء محاولته توزيع المياه على جيرانهم، في مجزرة راح ضحيتها 75 شخصًا، حيث تصف تلك اللحظة بأنها "نهاية شغفها بالحياة ونهاية كل ما كان يربطها بالمستقبل".
وترى، أن "علاقتها بزوجها لم تكن مجرد علاقة زوجين، بل صداقة وحبًا منذ الطفولة"، مؤكدة أنها "قررت أن تبقى إلى جانب عائلة زوجها كابنة لهم بعد فقدانهم وحيدهم، بمساندة أهلها ووالديها".
وبين النزوح والخوف والدمار، عادت سجى إلى دفاترها القديمة لتجد روايتها (قصة فتاة) تناديها من جديد، ومن هنا بدأت رحلة كتابة جديدة، فأصدرت ديوانا من 17 صفحة عن زوجها، ثم قصائد عن غزة وفلسطين والأقصى والأسرى، قبل أن تنتقل إلى مشروع أكبر وهو "توثيق مأساة الحرب في كتاب من 80 صفحة بعنوان (مأساة وطن مجروح)".
وتوضح سجى في حديثها للوكالة، أنها "كتبت فيه كل ما عاشته غزة من دمار وجوع وقصف ونزوح، إضافة إلى فقدانها زوجها وأفرادًا من عائلتها وأصدقاء قريبين من قلبها"، مؤكدة أنها "حاولت أن تجمع (مأساة وطن) بالكامل في كتاب واحد".
وتضيف أنها "وجدت أخيرًا فرصة لنشر كتابها عندما شاهدت إعلانًا لدار نشر عربية ، فتواصلت معهم وأرسلت كتابها بصيغة PDF، لتتلقى بعد ساعات موافقة على نشره"، فيما تصف لحظة الموافقة بأنها "فرحة لا تُنسى، وصوت أخير يخرج من تحت الركام".
وتشير سجى، إلى أن "كتابها لا يمثّل صوتها فقط، بل صوت كل غزة وكل شخص يعيش داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة"، مؤكدة أنها "تأمل أن يصل كتابها إلى العالم، ليعرف الجميع أحلام سكان غزة، ومعاناتهم، وما فرضته الظروف عليهم".
وتروي أن "أصعب ما عاشته خلال فترة كتابة الكتاب هو النزوح المتكرر"، مبينة أنها "كانت تحمل حقيبة كتبها ودفاترها وقصائدها قبل أي شيء، حتى إنها نسيت حقيبة ملابسها في إحدى موجات النزوح، وفقدت كل أغراضها بعد قصف منزلها في بيت حانون، لكنها كانت سعيدة لأنها أنقذت حلمها وكتاباتها".
وتختتم سجى، بالقول :"إن الكتاب بالنسبة لها كان (سلاحًا) والقلم (وسيلة لتحرير صوت غزة)"، مؤكدة أنها "رغم الحصار والدمار ما زالت تؤمن بأن الحلم يمكن أن يصل، وأن كلماتها ستخرج إلى العالم مهما كانت حدود غزة مغلقة".