خاص.. رغم صمت المدافع في غزة: مخلفات الحرب تفتح فصلاً جديداً من الألم
شفق نيوز-
غزة
بعد توقف الحرب في غزة، كان السكان ينتظرون
بداية مرحلة تُعيد شيئاً من الحياة الطبيعية التي افتقدوها لأشهر طويلة، لكن هدير
الطائرات وصوت القصف، وإن خفت، فقد ترك خلفه ما هو أخطر من الدمار الظاهر: مخلفات
حربية تواصل تهديد المدنيين، وتحوِّل طرقات وأحياء كاملة إلى حقول موت صامتة لا
يمكن التنبؤ بها.
هذه المتفجرات غير المنفجرة باتت تشكّل اليوم
فصلاً جديداً من فصول المعاناة اليومية، وتطاول خصوصاً الأطفال الذين غالباً ما
يقتربون من الأجسام الغريبة دون إدراك خطرها.
ومن بين القصص المؤلمة التي تعكس حجم الخطر،
قصة الطفل مجد أبو الحبيب (11عاما) من شرق خانيونس، الذي تحوّلت طريق عودته من
المدرسة إلى مشهد مأساوي حين انفجر في يده جسمٌ من مخلفات الحرب يشبه جهاز التحكم
الخاص بالمكيف. لم يكن يدري أنه يمسك بلغم، لكنه دفع الثمن فوراً بحروق خطيرة من
الدرجة الثانية والثالثة، جعلته يرقد اليوم في قسم العناية المتوسطة بمجمع ناصر
الطبي.
والدة مجد تروي لوكالة شفق نيوز، تفاصيل
اللحظات الأولى للحادثة، وتقول إنها كانت خارج المنزل لشراء القرطاسية الخاصة
بابنها حين تلقت اتصالاً هاتفياً يخبرها بانفجار وقع قرب منزلهم أدى إلى إصابة
طفلها بجروح بالغة.
وتضيف أن نسبة الحروق في جسده بلغت 40%، وأن
حياته ما زالت مهددة رغم توقف الحرب.
وتشرح الأم أن هذه الحادثة لم تُصِب مجد وحده،
بل غيّرت حياة العائلة بأكملها، وأدخلتها في دوامة من الخوف والانتظار والمعاناة.
وتؤكد أن ما يعيشه سكان غزة اليوم لا يشبه مرحلة ما بعد حرب طبيعية، فالقذائف غير
المنفجرة والذخائر المدفونة تحت الركام تجعل الحياة اليومية محفوفة بالمخاطر في كل
شارع وساحة وركن يمكن أن يكون قد تلوث ببقايا الموت.
وفي وقت يحاول فيه الغزيون ترميم ما تبقى من
منازلهم وأحلامهم، تأتي مخلفات الحرب لتضيف طبقة جديدة من الخوف، وتفرض على
السكان—وخاصة الأطفال—قيوداً أكبر على حركتهم في أحيائهم ومدارسهم ومناطق لعبهم.
هكذا يجد أهالي غزة أنفسهم في مواجهة حرب صامتة
لا تُرى، لكنها قد تنفجر في أي لحظة، وتترك خلفها ضحايا جدداً مثل الطفل مجد، في
مشهد يختصر معاناة شعب يحاول النجاة من آثار حرب لم تنتهِ فعلياً بعد.