دمار الحرب يخنق السياحة.. تطلعات في الموصل لإعادتها الى الخريطة السياحية

شفق نيوز/ استعرض موقع "ميدل ايست آي" البريطاني تطلعات مدينة الموصل للعب دور سياحي بعد خمس سنوات على تحريرها من قبضة تنظيم داعش، وهي تطلعات تواجه العديد من التحديات والعراقيل، بما في ذلك الخراب الذي خلفه الارهاب، والافتقار الى البنى التحتية اللازمة لاستقبال افواج السياح.

واستهل الموقع البريطاني تقريره الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، بالإشارة الى شارع الغابات في الموصل والذي ينبض بالحياة مع غروب مساء كل يوم، وهو مزين بأضواء كهربائية ملونة، ويمتد على ضفاف نهر دجلة، حيث تنتشر المقاهي المضاءة بالوان زاهية وكافيهات النرجيلة والمطاعم، فيما ينتظر مصوران قرب نافورة مضاءة تعتبر مكانا مشهورا للعروسين لالتقاط الصور.

غابات الموصل

وهناك خلف الاشجار مطعم شاسع على ضفة نهر دجلة ورصيف للمراكب الصغيرة حيث تنتظر العائلات لركوب قوارب مضاءة مبهجة، وسط الموسيقى المنبعثة من زورق سريع فيما تنطلق صرخات الفرح عندما تقوم الزوارق باستدارات حادة في النهر.

واشار التقرير الى ان حي الغابات في الموصل، شهد منذ نحو خمس سنوات، تقدم القوات العراقية الخاصة في هجوم ضد تنظيم داعش، وزحفت بين الاشجار ومن خلال ارض المعارض، مضيفا ان الحي اليوم يشكل قلب اعادة تطوير السياحة في الموصل.

وقال الطالب الجامعي محمد (24 عاما) "يظهر الناس انطباعا سيئا عن الموصل على التلفزيون، لكن ما رأيك بالموصل؟".

ولفت التقرير الى انه مثل كثيرين في المدينة، يتجنب هذا الطالب الاشارة مباشرة الى تنظيم داعش والحرب، والتي يطلق عليها حاليا تعبير "الفوضى". ويتابع "انظر الى الموصل الان".

بعد "الفوضى"

واعتبر التقرير ان "اسم الموصل لا يكاد يكون مرادفا للسياحة"، مذكرا بان المدينة نالت اهتماما من وسائل الاعلام العالمية في منتصف العام 2014 عندما اعلن زعيم داعش ابو بكر البغدادي نفسه على رأس "الخلافة" على مساحات من الاراضي عبر سوريا والعراق، مضيفا انه في اكتوبر/تشرين الاول 2016، اندلعت حرب وحشية استمرت تسعة اشهر وتركت ما يقدر بنحو 60% من المدينة في حالة دمار.

وتابع التقرير ان عملية الاعمار تجري في جميع انحاء الموصل في الوقت الحالي، ويحتل حي الغابات صدارة اعادة تشكيل صورة المدينة التي دمرتها الحرب، لتكون وجهة سياحية للزوار العراقيين وحتى للسياح الغربيين احيانا.

ونقل التقرير عن الطالب محمد قوله "كنت اشاهد السياحة تتجدد هنا. الزوار، وهم بغالبيتهم من وسط وجنوب العراق، بدأوا بالعودة في اواخر العام 2018. نحن نميز لهجاتهم"، مشيرا الى ان الغابات كانت المنطقة السياحية الاساسية لان تحريرها المبكر والسريع، خفف من الدمار وجعل اعادة اعمارها اكثر سهولة".

لكن محمد اشار الى ان انه قبل مرحلة الفوضى، كانت هذه المنطقة والمدينة القديمة بمثابة المناطق السياحية الرئيسية في الموصل حيث هناك العديد من الفنادق في المدينة القديمة، ولكن حاليا لا يوجد اي منها. وتابع محمد قائلا ان "الناس لم تعد الى المدينة القديمة، لا الموصليين ولا السياح".

ولفت التقرير الى ان مدينة الموصل القديمة التاريخية، الواقعة على الضفة المقابلة لنهر دجلة، كانت الاكثر تضررا من الحرب ضد داعش حيث ما تزال هناك مناطق واسعة تحت الدمار، فيما ليس هناك سوى عدد قليل من المواقع التاريخية قائما، مثل بقايا قلعة باشطابيا التي تعود الى القرن الثاني عشر، والتي تطل على النهر.

كما اشار التقرير الى ان عمليات اعادة الاعمار تتم ببطء، ونوه الى وجود مشروع لمنظمة اليونيسكو، بتمويل من دولة الامارات، لاعادة اعمار مسجد النوري الكبير في الموصل ومئذنة الحدباء، الى جانب المباني التراثية المهدمة والازقة المتعرجة في الاحياء المحيطة.

ونقل التقرير عن النجار ابو عمر (60 سنة) الذي اعاد ترميم ورشته المدمرة بامواله: "ان مركز البلدة القديمة كان افضل جزء في الموصل قبل الفوضى، وجرى اعادة افتتاحه في اواخر العام 2018، لكن العمل يجري ببطء لان المنازل كلها دمرت والشوارع ليست بحالة جيدة، ولهذا يتردد الناس في العودة. نحن بحاجة الى استثمارات حكومية جادة والكثير من الدعم لاعادة الاعمار لجعل الناس يعودون".

عودة السياح

وذكر التقرير ان شمال العراق في ظل تمتعه بدرجات حرارة منخفضة وتضاريس متنوعة، يستقطب السياح بشكل دائم من مناطق وسط وجنوب العراق، خصوصا خلال شهور الصيف الحارة.

واضاف ان اقليم كوردستان هو المستفيد منذ العام 2014 من معظم السياحة المحلية، وان الاستثمار الكبير في منطقة الغابات في الموصل يهدف الى اعادة المدينة بقوة الى الخريطة السياحية.

ونقل التقرير عن موظف استقبال في القرية السياحية هاشم الجيلاني قوله "ان الموصل اصبحت الان امنة للغاية والسياح بدأوا في العودة، وهم يأتون من البصرة الى بغداد، ومن الرمادي الى تكريت، وحتى من اربيل والسليمانية".

والى جانب الطقس الجيد الذي يستقطب السياح، اشار الموقع الى كرم الضيافة عند الموصليين وشهرة مطبخهم واطعمتهم كالكبة والباجة والدولمة حيث لا يجد العراقيون الجنوبيون هذه الاطباق في منازلهم فيأتون الى الموصل "لتدليل بطونهم" كما يقول الجيلاني.

ولفت التقرير الى ان في حين انه من غير المرجح ان تجتذب الموصل اعدادا كبيرة من السياح الدوليين قريبا، الا ان امكاناتها تعززت بعد قرار العراق الغاء اجراءات تأشيرة ما قبل الوصول للمقيمين في 36 دولة، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا.

ونقل التقرير عن علي المخزومي وهو شريك مؤسس ومدير لشركة رحلات سياحية تتخذ من بغداد مقرا لها، قوله "بدأت في اصطحاب الزوار الى الموصل، بما في ذلك عدد محدود من ايطاليا وروسيا لمشاهدة روح الموصل، وهي المدينة القديمة"، بما في ذلك المباني المهمة المدمرة ومئذنة الحدباء لمشاهدة ما تقوم به اليونسكو.

واشار التقرير الى انه طالما ظلت البنية التحتية والمرافق الاساسية للسكان المحليين، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والفنادق غير كافية ، فان الوقت قد يكون غير ملائم لتطوير السياحة في الموصل.

وختم بالقول ان السكان المحليين يسعون الى تحسين صورة الموصل المشوهة وسمعتها، وان الامر الوحيد الذي يمتلكه العديد من سكان الموصل هو حبهم العميق والتزامهم بهذه المدينة التي كانت يوما ما جميلة ولكنها الان مجروحة.