الفوارق الطبقية.. تهدد الأمن
عبدالله جعفر كوفلي
الشعب الذي هو مجموعة من الافراد تربطهم وحدة التاريخ او الدين او الثقافة او المصالح المشتركة من اهم العناصر لأي كيان سياسي فلا يمكن تصور وجوده دون وجود الشعب وان مهمة حماية هذا الكيان على اختلاف تسمياته ودرجة نموه وثقافته من خطر التهديدات والحفاظ على ارواح المواطنين وممتلكاتهم مسؤولية جماعية تضامنية تشترك فيها الجميع كل حسب عمله وقدرته.
من المبادئ المسلّم بها في نظرية الامن هو تماسك افراد المجتمع ومهما كانوا مترابطين وموحدين كلما كانت حياتهم اكثر آمناً واسعد والعكس هو الصحيح , لذا فإن مهمة الحكومات بصورها المختلفة والمتعددة تكمن في تكثيف محاولاتها لسد او على الاقل تقليل الهوة بين افراد المجتمع وتحقيق المساواة بينهم في الحقوق والواجبات مع اليقين بأن تحقيق الهدفين ربما يكونان من المعجزات لأن المصالح الشخصية والنزوات الداخلية كثيراً ما تؤدي الى حدوث الخلاف والاختلاف ومن جانب آخر فإن تحقيق المساواة امر في غاية الصعوبة لأن الطبيعة الانسانية جعلت منه رئيساً ومرؤوس , تابعاً ومتبوع ، قائداً وجنود ، وعلى قدر المسؤولية يتعاظم دور اي انسان في مجتمعه وهذا لا يعني بأن المجتمعات تقف مكتوف الايدي ويستسلم للواقع المرير ..
ان التنوع البشري امر محسوم وجوده في كل المجتمعات وهي ظاهرة عالمية ارتبط بوجود الانسان منذ الوهلة الاولى ويكون هذا الامر مصدر القوة لأي مجتمع اذا استطاع تسخيره لخدمة المصالح العليا للبلد لأنه لا يمكن ان يتصور وجود مجتمع جميع افراده اطباء او محامين اوجنود او عاملين .... الخ لأن صورة الحياة تتكامل بوجود جميع الفئات لتكون لوحة زاهية بألوانها وجميلة بتنسيقها....
ولكن الامر يختلف عندما تتحدث عن الفارق الطبقي بين افراد المجتمع الواحد لان الحديث عنه اقرار بوجوده بالرغم من خطورته ونعني به عدم المساواة فيما بينهم في الحقوق والالتزامات فالفارق معناه زيادة الهوة بين فرد او اسرة وغيرهما في الوضع الاقتصادي حيث يكون الغنى فاحشاً والفقر مدقعاً لا وسط بينهما فالاول يعالج في ارقى المستشفيات في الداخل إن لم يكن في الخارج والثاني يموت على فراشه يحلم بزيارة طبيب او دواء يداوي به ضمأه او يدخل اولاده المدارس الراقية من حيث المناهج وطرق التدريس والأبنية وابن الفقير يدخل في صف مزدحم يتمنى المعلم عدم دخوله لأن الاذان غير صاغية والأجواء كئيبة والكراسي مكسورة والمناهج ناقصة وهكذا فأزدياد الفوارق بين ابناء المجتمع من النواحي الصحية والتعليمة والاقتصادية والسياسية واضمحلال الطبقات الوسطى تؤثر بشكل سلبي على وحدة المجتمع وتماسكه فيكون غير قادر على لعب دوره في بناء الانسانية ويكون مهزوزاً امام التحديات وتنعدم مناعته ضد الاخطار الداخلية والخارجية.
ان الفارق الطبقي يؤثر بشكل كبير على امن الدول لأن الفرد الذي يشعر بانتهاك حقوقه وعدم مساواته مع الاخرين يكون فريسة سهلة بل نقطة انطلاق عدوى الاعداء اليه باستعماله كأداة او يكون نفسه مصدراً لزعزعة الامن لان ولاءه وحبه للوطن الذي حرمه من ابسط حقوقه يكاد ينعدم او يكون ناقصاً وان كان قولنا لا ينطبق على الجميع لذا فان من واجب الحكومات ان تعمل على تقليل الفوارق بين ابناء الشعب وفق الخطط الشاملة لجميع مناحي الحياة لكي لا يشعر الفرد بإهماله وانعدام دوره كما يقول (مارتن لوثر كينغ) : (ليس هناك ما هو اخطر في بناء مجتمع يشعر فيه معظم الناس انه ليس لهم دور فيه) .
ومن هنا نناشد حكومة العراق الاتحادي وحكومة اقليم كوردستان العمل بجدية على الظاهرة المستشرية في المجتمع العراقي والكوردستاني والذي نلمس فيه الخطورة على وحدته وأمنه لأنه بات ظاهراً للعيان يشعر به القاصي والداني والفهيم يكفيه الاشارة.