الاقتصاد التركي.. الأزمة والمعالجة
شوان زنكَنة
يعاني الاقتصاد التركي، في الآونة الأخيرة، من أزمة تدخّلٍ سياسي، وأزمة ثقة، وأزمة تضخم وفائدة وسعر صرف، والتي انتهجت الحكومة معها نهجا خاصًّا بها، عقّدتْ به المشهد، وعمّقتِ الأزمة، فارتفع التضخم وهبط سعر صرف الليرة تجاه العملات الصعبة.
ومعالجة الازمة واضحة، أسباب سياسية وراء عدم اتباعها، وليس جهلا بها، فقادة الاقتصاد في الحكومة من خيرة خبراء الاقتصاد.
ويمكن معالجة الأزمة الاقتصادية من خلال اتخاذ الخطوات التالية:
1- يتفق البنك المركزي مع وزارة المالية على وضع خطة مشتركة يستخدمان فيها أدواتهما في السياسة النقدية والمالية بالتزامن.
2- يقوم البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة على ما عليه الآن.. هذه الخطوة كفيلة بإيقاف زخم الهبوط في سعر الليرة، وقد يضطر البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة إذا تطلّب الأمر.
3- يقوم البنك المركزي بتخفيض سعر الفائدة لقطاعي التصدير والانشاء فقط، لما دون 10%، وهو المستوى المجدي لهذين القطاعين الحيويين.
4- يضخّ البنك المركزي كمية كافية من الليرات التركية إلى البنوك الحكومية لتمويل القطاعين المذكورين، مع وضع آلية مراقبة حقيقية لمنع استغلال هذا التمويل من قبل بعض المستثمرين.
5- إجراءات البنك المركزي اعلاه هي لمعالجة سعر الصرف، وبالتالي التضخم الناتج عنه.
6- تقليل عمليات الاقراض من قبل البنوك للشركات والمواطنين، بهدف تقليل السيولة، وكبح جماح تضخم الطلب.
7- تقوم وزارة المالية، وبالتزامن مع إجراءات البنك المركزي، باستخدام ادواتها المالية لمعالجة تضخم الكلفة، من خلال خفضِ الضرائب على الانتاج، وخفض الجمارك على المواد الخام والمواد الوسيطة المستوردة والداخلة في انتاج المواد المُعدَّة للتصدير، ودعمِ الانتاج، ودعمِ التسويق الخارجي، والغاءِ الضرائب على اجور العمالة، وتنظيمِ ومراقبةِ سلسلة التوريد من الانتاج ولغاية وصول المنتج إلى يد المستهلك.
وبذلك تكون الحكومة قد رفعت الانتاج، وبالتالي نمو الناتج المحلي الاجمالي، وساهمت في زيادة التوظيف، ورفعت احتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية.
8- تقوم وزارة المالية بمراجعة موازنتها العامة، ووضع خطة لترشيد الانفاق، ومعالجة العجز من خلال اصدار سندات الخزانة.
9- ستؤدي الاجراءات الحكومية هذه الى شيء من الركود الاقتصادي في السنة الاولى للمعالجة، يعقبه تحسن تدريجي في السنة الثانية.
10- تسعى الحكومة إلى عقد الاتفاقيات مع بعض الدول الداعمة لتشجيع الاستثمار وضخّ العملات الصعبة إلى عملية التنمية في تركيا، بهدف توفير النقد الاجنبي وحماية الليرة.
11- هذه الخطوات، كفيلة بمعالجة التضخم الثلاثي الهيكلي (تضخم الكلفة وتضخم الطلب وتضخم سعر الصرف) في ظلّ ركود حذر، يستمر لمدة سنة واحدة، يقوم بعدها البنك المركزي مع وزارة المالية بمراقبة نتائج الاجراءات، ومنحنى الانخفاض في معدل التضخم.. الذي سيكون مؤشرا للبنك المركزي للقيام بتخفيض سعر الفائدة تدريجيا وفق انخفاض نسبة التضخم.. وبالتالي تنشيط الاقتصاد ومعالجة الركود.
12- تستغرق هذه العمليات حوالي سنتين على الأقل. وهي فترة طويلة للحكومة التركية بسبب اقتراب موعد الانتخابات. لذلك لم تسلك الحكومة هذا الطريق.
هذه هي، باختصار شديد، خلاصة معالجة الأزمة الحالية للاقتصاد التركي، آمل أن تلتفت إليها حكومة الرئيس أردوغان في نهاية المطاف، وقبل أن تشتدّ الأزمة ويتحول التضخم الهيكلي إلى تضخم ركودي (stagflation) ينحى بالبلاد إلى الكساد. 17/12/2021