الكورد الفيليون والحاجة لمكتبة الكترونية خاصة

ياسر عماد/ الكورد الفيليون شريحة من شرائح المجتمع العراقي عامة، والكوردستاني خاصة، فهم جزء لا يتجزأ من المجتمعين اضافة الى القومية، فهناك المذهب فهم مسلمون شيعة وهذا ما يميزهم عن غيرهم، وهو ما جلب لهم المعاناة والمآسي على امتداد السلطات المتعاقبة على حكم العراق في العقود الغابرة من مصادرة المستمسكات الثبوتية والأموال المنقولة وغير المنقولة والترحيل والتهجير والقتل والتغييب في قائمة طويلة من الظلم والجور الذي لحق بهم، والتي عدتها المحكمة الجنائية العراقية العليا جريمة ابادة جماعية.
في هذا المقال لست بصدد تكرار ما جرى على هذه الشريحة رغم أنه ليس بالقليل، فالمصاب جلل والخطبُ كبير، والأمر ليس بالسهل اليسير، بل إنما تبادر الى ذهني شيء يبدو أنه ملفت للنظر، ألا وهو حظ الكورد الفيليين من الكتب الخاصة والبحوث والدراسات والاصدارات المقروءة من جرائد ومجلات التي تُعنى بموروثهم الثقافي والاجتماعي وعاداتهم وتقاليدهم، وحياتهم السياسية والاجتماعية، فإن ما تعرضوا له من إهمال طيلة العقود المنصرمة أدى إلى اغفال، وعدم وجود عناوين خاصة بهم داخل رفوف المكتبات العامة والخاصة داخل العراق سوى ذكرهم في فصول أبواب من كتب تهتم بالعشائر والقوميات والأديان والمذاهب.
وبعد العام 2003 وسقوط النظام السابق بدأ الكُتّاب والمهتمون بهذا الشأن يدلون بدلوهم في تأليف الكتب أو نشر اخرى جرى تأليفها في المهجر بمحاولة فتية بالعراق، وهي جهود سواء كانت كبيرة ام صغيرة فهي جبارة بحد ذاتها غير أنه منذ ذلك الوقت والى الان على حد علمي لم يتم تنظيم مكتبة خاصة - وهنا أعني مكتبة الكترونية خاصة - لا تقتصر على الكتب والبحوث والدراسات بل تشمل صور شخصياتهم المعروفة بمختلف المجالات ومدنهم ومناطقهم تكون عبر مساهمات فردية أو من قبل ومؤسسات حكومية وغير حكومية وحزبية.
الحاجة والفائدة من تحقيق هذا المقترح على أرض الواقع هو إغناء الطلبة الجامعيين والدراسات العليا من الأكاديميين الذين يقدمون على كتابة البحوث عن الكورد الفيليين، فقد ورد على مسامعي أنهم يواجهون بعض الصعوبات في الحصول على المصادر ، وكذلك تكون هذه المكتبة الرقمية أرشيفا كبيرا يحفظ للشريحة الإصدارات والكتب القديمة والحديثة في المستقبل، وايضا تحفظ للأجيال القادمة من الفيليين جزءا من هويتهم في ظل هذا التطور التكنولوجي الهائل والسريع، واختلاط الثقافات، وانفتاح المجتمعات على بعضها.
وقد يقول قائل: لماذا هذا المقترح وأن تكون المكتبة الكترونية، هنا ترد عدة أسباب من بينها أن تكون بمتناول اليد سواء داخل أو خارج البلاد، وترك الناس اقتناء الكتب والإصدارات الورقية لصعوبة ذلك في الوقت الحالي مع انحسار مساحات البيوت وضيق الوقت لتخصيص ساعات من اليوم عبر الجلوس على طاولات من أجل القراءة كما في السابق، فالأجهزة الحديثة تسمح بالقراءة والتصفح أثناء التوجه للعمل أو بالمقاهي والأماكن العامة فهي تتيح مجالا أكثر وغير مكلفة ماليا على العكس من الطباعة الورقية.
وهنا لا يفوتني أيضا ذكر ما قدمته مؤسسة شفق للثقافة والاعلام للكورد الفيليين، فقد كان لها قصب السبق بإصدار مجلة "فيلي"، وجريدة "آفاق الكورد"، وجريدة "البيت الكوردي"، و"الفيلي الصغير" باللغة العربية، و"كول سوو" باللغة الكوردية/ اللهجة الفيلية، فمنذ أكثر من عقدين من الزمن قامت المؤسسة بطباعة تلك الإصدارات ورقيا، ومع حدوث التغيرات والتطور الحاصل واصلت المؤسسة نشر مجلة "فيلي" ولكن هذه المرة الكترونياً، و التي ضمت في طياتها وصفحاتها منذ تأسيسها والى الآن آلاف المقالات والتقارير والتحقيقات والأبحاث الخاصة بالفيليين، ويمكن أن نتخذ من هذا الصرح الشامخ نموذجا لإنضاج مقترح المكتبة الالكترونية وأن ترى النور فعلا، ويقوم من يجد نفسه أهلاً بإنجاز هذه المهمة.