ماذا لو سقطت قلعة أربيل؟.. تقرير أوروبي يتناول التراث بعد مرحلة داعش
شفق نيوز/ سلط موقع "يورونيوز" الاوروبي في تقرير له الضوء على قلعة اربيل وتاريخها والمخاطر التي تعرض لها التراث العراقي عموما خلال مرحلة احتلال تنظيم داعش، مؤكدا الاهمية على بذل الجهود للحفاظ على الثقافة العراقية في مرحلة ما بعد التنظيم.
وذكر التقرير بداية بان قلعة اربيل، التي هي عاصمة اقليم كوردستان، نالت تصنيف منظمة اليونسكو للتراث العالمي في العام 2014 الذي كان العام نفسه عندما بدأ تنظيم داعش هجومه عبر شمالي العراق مسيطرا على مدينة الموصل التي تقع على بعد 80 كيلومترا من اربيل.
ونقل التقرير الاوروبي عن الرئيسة السابقة لليونسكو في العراق ايرينا بوكوفا قولها ان داعش شن "حملة من التطهير والاستئصال والنهب الثقافي".
وكان تدمير المواقع والاثار الدينية والتاريخية بمثابة جزء من دعاية داعش، وقام التنظيم بنشر مشاهد فيديو على الانترنت لمسلحيه وهم يقومون بتدمير مقتنيات المتاحف بالمطارق ويدمرون بالديناميت ايضا الاضرحة المسيحية والشيعية في العراق وسوريا.
وكانت حركة طالبان نشرت تكتيكات مشابهة في العام 2001 عندما فجرت تمثالين لبوذا في وادي باميان، احد اثنين من مواقع التراث العالمي لليونسكو في افغانستان.
وذكرت "يورونيوز" انه صدرت ادانات للتدمير المتعمد للتراث الثقافي العراقي باعتباره "جريمة حرب" من قبل اليونسكو التي تخاف الان من انها قد تشهد دمارا مشابها في افغانستان حيث بسطت طالبان سيطرتها مجددا.
ونقل التقرير عن مدير المعهد العراقي لحماية الاثار والتراث عبد الله خورشيد قادر، قوله "لا شك ان داعش يمثل احدى احلك اللحظات في تاريخ التراث والحضارة العراقية".
وكان هناك اكثر من 4 الاف موقع اثري وتراثي تحت الاحتلال في محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار وكركوك.
واشارت "يورونيوز" الى انه مع انتشار مشاهد الفيديو على الانترنت لحملة التدمير التي شنها داعش، فان كثيرين في اربيل كانوا يخشون مما يمكن ان يحدث للقلعة في حال سقطت في ايدي داعش.
اهمية القلعة
ونقل التقرير عن عالمة الاثار المتخصصة بالشرق الاوسط اليساندرا بيروزيتو التي تعمل لصالح صندوق الاثار العالمية قولها ان "لقلعة اربيل اهمية اثرية ومعمارية".
ولفت التقرير الى ان القلعة محاطة بسور منذ ايام العصر العثماني وتقع في وسط المدينة، على قمة تل وازدهرت المنطقة خلال مراحل الحضارات التي تعاقبت، وبني على انقاضها.
واشار التقرير الى ان الكورد والعرب والتركمان والمسلمون والمسيحيون واليهود اعتبروا القلعة بمثابة وطن لهم، وهي تعتبر أحد اطول المواقع الماهولة بالناس في العالم، حيث تعود جذورها الى 6 الاف سنة.
وكانت فيما مضى تسمى مدينة اربيلا الاشورية، وكانت ايضا حاضرة في خلفية المعركة بين الاسكندر الاكبر والملك الفارسي داريوس الثالث.
عقود الاهمال ونقص التمويل
وواجه الموقع التاريخي، حتى قبل التهديد الذي شكله داعش، معركة شاقة من اجل المحافظة عليه، حيث ساهمت عقود من الاضطرابات والحرب والعقوبات في الحاق الضرر بالعديد من المباني في القلعة بسبب النقص في الكهرباء وانظمة الصرف الصحي الملائمة.
واشار التقرير الى ان الموقع المركزي الذي تتمتع به القلعة كان يعني ان بامكان المواطنين الاستمتاع بالموقع، لكن في الوقت ذاته، عرضه هذا الوضع الى التلف والتلوث. وكانت السلطات المحلية في المدينة خلا الستينيات، قد ذهبت الى حد هدم المنازل القديمة التقليدية لشق طريق للسيارات للوصول مباشرة الى القلعة.
القلعة حاليا
وذكر التقرير انه "لحسن الحظ ومما يثير ارتياح كثيرين، فان اربيل لم تسقط ابدا في يد داعش، وتجنبت القلعة بذلك مصير مواقع اخرى مثل مسجد النوري في الموصل او الحضر، وهو موقع اخر تابع لليونسكو في العراق".
وتابع ان الدمار الذي خلفه تنظيم داعش في باقي انحاء العراق، أعطى دفعة جديدة من اجل الحفاظ على القلعة وتطويرها، حيث يستخدم الموقع الان لتدريب موظفي الهيئات الثقافية في العراق على تقنيات ادارة الاثار التاريخية والمحافظة عليها.
ونقل التقرير عن البروفيسور قادر قوله "نحن نؤمن ان القلعة هي اساس بناء السياحة في اقليم كوردستان، ويجري تحويل الموقع من مكان اثري شبه مهمل، الى موقع سياحي، على غرار ما فعلته تركيا مع قلعة انقرة".
واوضح التقرير ان بوابة القلعة المواجهة للجنوب جرى ترميمها مؤخرا من قبل مفوضية احياء قلعة اربيل، وهي بواية تم بناؤها في ستينيات القرن التاسع عشر ولكن هدمت واستبدلت في العام 1979 في عهد صدام حسين والتي يقول البروفيسور قادر ان هذه البوابة شوهت تراث القلعة، مشيرا الى انه جرى استخدام اساليب اشورية وبابلية لا تتماشى مع التاريخ الحقيقي للموقع.
وحاليا، تضم القلعة متحفا للمنسوجات الكوردية، ومنزل شهاب الجلبي الذي جرى تجديده ويضم الفرع العراقي للمعهد الفرنسي للشرق الاوسط.
وختم التقرير بالاشارة الى ان المشاهد داخل وحول القلعة كانت ستبدو مختلفة للغاية اليوم لو ان داعش تمكن من الوصول اليها، مضيفا ان البلدة القديمة في الموصل تمثل تذكيرا بما كان يمكن ان يحدث لاربيل، وما يمكن ان يحدث الان في افغانستان.
وذكر التقرير بان البلدة القديمة في الموصل كانت فيما مضى بمثابة بوتقة تنصهر فيها الثقافات والاديان المتنوعة، وكانت كنائس من القرن ال19، منتصبة بالقرب من مسجد من القرن ال12، في حين انه الان بعد مرور اربع سنوات على تحريرها من داعش، لا تزال في حالة خراب بدرجة كبيرة، ولم يعد هناك سوى عدد قليل من ابناء الاقليات الدينية.