بين الأزقة العتيقة.. "سيد الخشب" يُبقي نبض المهنة حياً في أربيل (صور)

شفق نيوز/ وسط
الأزقة القديمة لسوق القيصرية التراثي في مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان، ما
زال "زهير" يواصل شغفه بمهنة النجارة وصناعة الأدوات الخشبية، محافظاً
على إرث حرفي يمتد لأكثر من ثلاثين عاماً، في وقت تزداد فيه تهديدات الاندثار بسبب
التطور الصناعي وتغير أنماط الاستهلاك.
ويقول زهير في
حديث لوكالة شفق نيوز، إنه ما زال يحتفظ بمحله داخل السوق، حيث يعرض ويبيع أدوات
خشبية منزلية تقليدية مثل "الفرشات، التختات، الغربال، المناخل،
والشبك"، بعضها يُصنع محلياً، خصوصاً المناخل والغرابيل، فيما تُستورد البقية
من دول مثل الصين وتركيا وإيران، إضافة إلى مدينة الموصل.
ورغم الانتشار
الواسع للمنتجات العصرية، يتحدث زهير، قائلاً إن "الإقبال على الأدوات
التقليدية لم يتراجع، بل يشهد أحياناً انتعاشاً ملحوظاً".
ويوضح
"العديد من الزبائن ينجذبون للطابع الفلكلوري للأدوات، بعضهم يشتريها لاستخدامها
اليومي، وآخرون يفضلونها للزينة لما تحمله من عبق التراث".
ويشير زهير إلى
أن "أبرز التحديات التي تواجه الحرفة تتعلق بصعوبة النقل نتيجة الزحامات
المرورية، وابتعاد ورش التصنيع إلى خارج المدينة، فضلاً عن قلة توفر المواد
المستوردة في الأسواق، مما يربك وتيرة العمل".
كما يلفت إلى أن
"السياحة تلعب دوراً كبيراً في استمرار المهنة"، موضحاً أن "سياح
من وسط وجنوب العراق، وحتى أجانب، يشترون هذه الأدوات كقطع تراثية مميزة، إذ لا
تتوفر في مناطقهم".
ورغم قلة
العائدات مقارنة بالمهن الحديثة، يتمسك زهير بمهنته، معبّراً عن حبّه العميق لها
"بقيت خمس أو ست محال فقط تمارس هذه الحرفة، بينما تحولت أغلب المحال لبيع
الكماليات. قد لا يستمر أبناؤنا في هذه المهنة، لكنها ستبقى جزءاً من تراثنا وهوية
مدينتنا".
زهير، بحرفيته
وإصراره، يمثل صورة حية للحفاظ على الموروث الشعبي الذي ما يزال ينبض في قلب
أربيل، حيث تلتقي الأصالة مع الحداثة في تناغم فريد يعكس روح المدينة
وتاريخها العريق.