أين العراق من المعادلة؟.. معهد أمريكي: تفوق إسرائيل عسكرياً على إيران "مضلل"

أين العراق من المعادلة؟.. معهد أمريكي: تفوق إسرائيل عسكرياً على إيران "مضلل"
2024-05-19T17:22:07+00:00

شفق نيوز/ خلّص معهد "هادسون" الأمريكي إلى أنه برغم الصورة التي تُظهر إسرائيل متفوقة عسكرياً في مشهد المواجهة العسكرية في المنطقة، إلا أن هذا الانطباع "مضلل"، حيث تعتمد إيران والقوة الحليفة لها، على "إنهاكها" مع مرور الوقت، مشيراً إلى أنه ليس لدى تل أبيب حل واضح للتهديد الذي تشكله الميليشيات المدعومة من طهران في العراق ولا للحوثيين في اليمن، وليس لديها خطة لمحاربة "محور المقاومة" كوحدة واحدة.

واعتبر المعهد الأمريكي في تقريره الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن مشهد المواجهة الحالية في الشرق الأوسط، يؤكد أن الجيوش المعتمدة على التكنولوجيا الأكثر تطوراً، ليست مهيئة لخوض ساحة المعركة المعاصرة، مختصراً الصورة بأنها بين نظريتين، استوحى اسميهما من فيلم "حرب النجوم" للإشارة إلى التطور التكنولوجي التي تمثلها الولايات المتحدة وإسرائيل مثلاً، وفيلم "ماد ماكس" للإشارة إلى محدودية القدرات العسكرية التي تمثلها إيران والقوى الحليفة لها.

توازن قوى الشرق الأوسط

وأوضح التقرير أنه في حين كان لدى الإسرائيليين تقدير أعمق وأكثر دقة للتهديد الإيراني، إلا أنهم بسبب افتراضاتهم المرتبطة بنظرية "حرب النجوم"، فشلوا على غرار الولايات المتحدة، في تطوير نموذج عسكري قادر على التصدي بنجاح للتهديد الذي يواجههم.

ولفت إلى أن الإسرائيليين شكلوا جيشاً وفقاً لنموذج "حرب النجوم"، والذي يفترض أن القوى التي تتمتع بالمزايا التكنولوجية من شأنها ردع الجهات المحرومة تكنولوجياً، وأن التفوق التكنولوجي وحده قادر على كسب الحروب، مضيفاً أن إسرائيل قامت ببناء جيش صغير وذكي لكنه يعتمد بشكل مفرط على القوة الجوية الدقيقة، والقوات الخاصة، والاستخبارات التي تركز على التكنولوجيا، مشيراً إلى أنها عملت على افتراض أن الحروب الطويلة والكبيرة أصبحت شيئاً من الماضي.

واستدرك التقرير "إلا أننا نعيش في عالم (ماد ماكس). وتكشف حربا أوكرانيا وغزة عن وجه الحرب المعاصرة، حيث أن الحروب سوف تكون طويلة، ومكلفة، وضخمة، وستشمل تشكيلات ميكانيكية ضخمة".

وأضاف أن "صيغة (حرب النجوم) مقابل (ماد ماكس)، لها آثار تتجاوز الصراع الحالي في الشرق الأوسط، حيث أن كل جيوش حلف الناتو تقريباً، باستثناء تركيا، أيدت فكرة (حرب النجوم) بدرجة كبيرة"، مضيفاً أن إيران أظهرت أنها "أكثر استعداداً لعالم (ماد ماكس) من إسرائيل".

وأوضح التقرير أنه برغم أن الجيش التقليدي الإيراني صغير وغير مجهز، إلا أنه استثمر بكثافة في القدرات العسكرية التخريبية مثل الطائرات المسيرة والصواريخ، وهو استثمار أدى إلى خلق نظام مهيمن هجومياً في الشرق الأوسط، وشكل "توازن قوى".

وتابع قائلاً إنه بينما لدى إيران القاعدة الصناعية والتكنولوجية الدفاعية المستقلة تماماً ما يمنحها السيادة التشغيلية، ولا يتيح لخصومها النجاح في اللجوء إلى القوة لكبح جماحها من خلال حجب السلاح عنها، فإن إسرائيل في المقابل تعتمد قاعدتها الصناعية والتكنولوجية الدفاعية بشكل كامل على الولايات المتحدة، حيث بإمكان واشنطن استغلال اعتماد إسرائيل على الأسلحة الأمريكية لكبح جماحها، ليس فقط في غزة وأنما أيضاً ضد إيران.

ولهذا، فأنه "كنتيجة لضبط النفس هذا، فازت إيران، وليس إسرائيل، في تبادل الضربات المباشرة الأخير" في نيسان/ أبريل الماضي، مشيراً إلى أن إسرائيل لم تكن مستعدة للضغوط السياسية من الولايات المتحدة، وأن إعداد جيشها من أجل هذا النوع من الحروب مستقبلاً، سيتطلب منها تشكيل جيش وفق نموذج "ماد ماكس".

صراع المحاور السبعة

واعتبر التقرير الأمريكي أيضاً أن "الإسرائيليين لم يكونوا مستعدين لهذا النوع من الحرب التي يخوضونها من خلال صراع المحاور السبعة مع إيران، والذي يتضمن حرباً برية في غزة والتهديد بحرب برية في لبنان".

وبحسب التقرير فأنه في حين تتنافس إيران حالياً مع إسرائيل بشكل مباشر، فإنها تمتلك مزايا فاجأت مخططي الحرب في إسرائيل، وهي مزايا منفصلة لكن إذا تم دمجها في واحدة، فأنها تشكل تهديداً لإسرائيل بحجم لم تواجهه منذ مرحلة الزعيم المصري جمال عبد الناصر، وهو بمثابة "تهديد وجودي".

وأول هذه المزايا بحسب التقرير، هي الحرب السياسية، موضحاً أن النخب الأمريكية، وخصوصاً النخب الشابة، أصبحت أكثر عداءً للصهيونية، وأصبحت المؤسسات الثقافية والتعليمية تعلم الشباب أن يعتبروا الصهيونية "عنصرية"، مضيفاً أن إيران تدرك أن هذا التطور يمثل فرصة لها، حيث يتم استغلال الثورة الرقمية وانتشار الهواتف الذكية كوسائل جديدة ورخيصة وفعالة لنشر الدعاية.

وأضاف التقرير أنه بالنسبة لشريحة كبيرة من الجمهور على مستوى العالم، فإن الصراع في غزة هو حرب بين قوات الإسرائيلية والأطفال الفلسطينيين، مشيراً إلى أن القوى الغربية وإسرائيل تصرفت ببطء في إدراك هذا التهديد ومواجهته.

أما العنصر الثاني في هذه المزايا الإيرانية، فهو يتمثل في أن "محور المقاومة" الإيراني، يتصرف للمرة الأولى، وكأنه بمثابة تحالف عسكري يعمل من أجل تحقيق الهدف الموحد المتمثل في إنقاذ حماس وإضعاف إسرائيل، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي افترض منذ فترة طويلة أن "محور المقاومة" سيظل كما كان دائماً ليس أكثر من شبكة منفصلة من القوى الفاعلة التي يعمل كل منها وفقاً لقيود تفرضها بيئته المباشرة.

"المقاومة العراقية"

إلا أن التقرير أشار إلى أن فكرة تجزئة الجبهات جعلت الجيش الإسرائيلي يتعامل مع التهديد الإيراني من خلال أربعة تحديات منفصلة:

1- تعطيل القوات الإيرانية والقوات المدعومة منها على الأرض في سوريا.

 2- تأخير برنامج التسلح النووي الإيراني.

 3- ردع حزب الله اللبناني.

 4- إبعاد حماس عن امتلاك القدرة على تجديد هجماتها.

غير أن التقرير أكد أن ما يغيب عن هذه اللائحة بشكل كامل، هي الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، وجماعة الحوثي اليمنية، حيث أنه "ليس لدى إسرائيل حل واضح لردعهم"، مضيفاً أن "الأهم من ذلك كله، هو ما هي خطة إسرائيل لمحاربة محور المقاومة كوحدة واحدة؟"، مؤكداً أنه "ليس لديها أي شيء".

أما ثالث المزايا الإيرانية التي استعرضها التقرير، فهي أن طهران شكلت نظاماً عسكرياً تهيمن عليه الفكرة الهجومية، من خلال أدوات هجومية رخيصة الثمن، كما جرى في الهجوم الإيراني على إسرائيل بمئات الطائرات المسيرة والصواريخ التي تتيح لها ميزة هجومية إذا استخدمت في الوقت نفسه، بإمكانها أن تخترق أفضل الدفاعات الصاروخية في العالم.

وبرغم أن التقرير قال إن العديد من المحللين اعتبروا أن الهجوم الايراني كان "فاشلاً بدرجة كبيرة ونجاحاً هائلاً لإسرائيل وشركائها في التحالف"، حيث جرى إسقاط غالبية المقذوفات الإيرانية، ولم يصل إلى إسرائيل سوى بضعة صواريخ وألحقت تدميراً محدوداً ولم تقتل أحداً، ولهذا فإن هؤلاء المحللين وبعد وقوع الرد الإسرائيلي على نظام صاروخي يحمي منشأة نطنز النووية بالقرب من أصفهان، اعتبروا أن الإسرائيليين أوصلوا رسالة بذلك إلى مرشد الجمهورية علي خامنئي بأن "رصاصاته لا تستطيع اختراق ستراتهم، وأنهم مسلحون ببنادق أفضل"، وهو بالتالي سيكون مرتعباً.

إستراتيجية إنهاك إسرائيل

إلا أن التقرير قال إنه قبل اللجوء إلى المبالغة في أهمية خيبة الأمل التي شعر بها خامنئي، دعا إلى المقارنة ما بين نظريتي "حرب النجوم" العالية التقنية و"ماد ماكس" المنخفضة التقنية، حيث أن عقلية "ماد ماكس" تذكّر بأن القوة الحقيقية للسلاح لا يمكن فهمها سوى في سياق إستراتيجية سياسية عسكرية أكبر.

وأوضح التقرير فكرته قائلاً إن خامنئي يطبق "إستراتيجية إنهاك تسعى إلى توريط إسرائيل في حرب استنزاف طويلة، وفي الوقت نفسه يدق أسفيناً" بين إسرائيل والولايات المتحدة.

وتابع التقرير أنه "في حين أن تحليل (حرب النجوم) يدعونا إلى رؤية المواجهة التي جرت في نيسان/ أبريل الماضي باعتبارها مباراة ملاكمة واحدة لن يكون لها أي استكمال، إلا أنها قد تكون واحدة في سلسلة طويلة من المباريات بلا نهاية واضحة في الأفق".

وفي العديد من المجالات، تعمل خطوط الاتجاه ضد إسرائيل، بدءاً بالقدرات الفتاكة المتزايدة للقدرات الصاروخية والطائرات بدون طيار الإيرانية.

وذكر التقرير أنه قبل عقدين من الزمن، كان مجرد ذكر البرنامج الصاروخي لإيران، يثير ضحكات المحللين الغربيين الساخرة، إلا أن أحداً لا يضحك اليوم حيث شهد العقد الماضي زيادة في أنظمة الأسلحة الإيرانية على قدم وساق، وهو اتجاه تساهم التعاون مع روسيا في تسريعه، حيث يتبادل خامنئي مع الرئيس بوتين التكنولوجيا، بما في ذلك أنظمة مهمة متعلقة بالطائرات المسيرة والصواريخ والتي تعزز التسلح الإيراني إلى مستوى جديد.

وتابع التقرير أنه خلال هجوم 13 نيسان/ أبريل الماضي، فإن خامنئي لم تستخدم سوى نوعين من أسلحته القاتلة، إلا أن هجومه المكثف المحتمل إطلاقه مستقبلاً قد يشمل على سبيل المثال، صاروخين كشف عنهما الحرس الثوري في العام الماضي، وهما "خرمشهر 4" و"فتاح 1"، حيث يتمتع الأول برأس حربي ضخم يزن نحو أربعة آلاف رطل (نحو 1814 كيلوغراماً)، بينما يتمتع الثاني بقدرة تمكنه من المناورة داخل الغلاف الجوي وخارجه، بالإضافة إلى ميزات أخرى من المرجح أن تشكل ضغطاً على نظام الدفاع الجوي والصاروخي لإسرائيل.

وبعدما قال التقرير إن الهدف الرئيسي لإيران هو تحقيق فكرة "إجهاد" إسرائيل، أوضح أن وابل صواريخ 13 نيسان/ أبريل الماضي لم قتل أحداً، لكنه عزز الضغوط على خصومه بما في ذلك اقتصادياً حيث يقدر مراقبون أن إسرائيل وحدها أنفقت في تلك الليلة أكثر من مليار دولار، وهي فاتورة باهظة مقابل بضع ساعات فقط من النشاط العسكري.

وتابع قائلاً إنه لا تتوفر معلومات حول التكلفة التي يتحملها التحالف بأكمله في مواجهة الهجوم الإيراني، إلا أن مسؤولي إدارة بايدن أدلوا بشهادات أمام الكونغرس بأن البحرية الأمريكية أنفقت نحو مليار دولار على مدى الشهور الستة الماضية للتصدي للصواريخ والمسيرات التي أطلقها الحرس الثوري "ووكلائه الإرهابيين".

ولفت التقرير إلى أنه من أجل تجنب الخسارة، فإنه يتحتم على الإسرائيليين أن يتمكنوا من صد كل شيء يتم إطلاقه عليهم، وإيران لا تحتاج سوى إلى ضربة حظ واحدة كأن تستهدف "هاكيريا"، وهو بمثابة البنتاغون الإسرائيلي في وسط تل أبيب، أو مفاعل ديمونة النووي في النقب، لكي تلحق بذلك كارثة بإسرائيل.

النجاح المضلل

وتابع قائلاً إن "نجاح إسرائيل في 13 نيسان/ أبريل الماضي كان مضللاً"، مشيراً إلى أن إيران أعلنت مسبقاً عن نوايها بشن الهجوم ما سمح لإسرائيل والولايات المتحدة بالاستعداد مسبقاً، إلا أن إيران قد تلجأ مستقبلاً إلى عنصر المفاجأة.

وخلص معهد "هادسون" إلى القول إن مصر خاضت أكثر من أربع حروب مع إسرائيل بما في ذلك ما يسمى "حرب الغفران" (حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973) وهو صراع بدأ بشكل مباغت ومدمر، ووقتها فشلت إسرائيل، مثلما جرى معها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، في توقع قدوم المصريين، لأنها كانت تظن أن المزايا العسكرية التي تتمتع بها تجعلها حصينة ضد أي هجوم من قِبَل عدو أقل منها من الناحية التكنولوجية.

وأضاف أن الحرب الجارية حالياً هي بمثابة "الحرب الكبرى الثانية بين إسرائيل وإيران، حيث كانت حرب لبنان العام 2006 هي الأولى"، مبيناً أن الحرب الحالية أيضاً هي بمثابة "حرب استقلال ثانية" لإسرائيل بعد حرب العام 1948، إلا أنه قال إن "حروب إسرائيل مع إيران، مثل حروبها مع مصر، ستكون عديدة"، وأن الإسرائيليين عليهم الاستعداد للتنافس الطويل مع إيران.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon