هل الجيش العراقي هش؟.. تقرير أمريكي ينبه من غياب إرادة القتال ووقوع "الكارثة"

هل الجيش العراقي هش؟.. تقرير أمريكي ينبه من غياب إرادة القتال ووقوع "الكارثة"
2022-02-21T18:42:38+00:00

شفق نيوز/ تساءل موقع "لوو فير" (شؤون قانونية) الامريكي المختص بالقضايا القانونية والامنية عما اذا كان الجيش العراقي جاهز بالفعل لمواجهة أي تحديات جديدة، خاصة مع انهاء الولايات المتحدة دورها القتالي بنهاية العام 2021، والمخاوف من تكرار تجربة الانسحاب الأمريكي في عام 2011، عندما انهارت القوات المسلحة العراقية التي كان تعدادها 700 ألف عسكري، بعدها بثلاث سنوات أمام هجوم تنظيم داعش. 

يقترح التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان تبدأ الولايات المتحدة مرحلة جديدة مع الجيش العراقي وتعمل ببطء من خلال التعلم من الإخفاقات السابقة، والمساهمة في بناء ارادة القتال للجيش العراقي وتطوير قدراته الفنية. 

وفي التقرير الذي كتبه الباحث بن كونابل الذي نشر كتابا تحت عنوان "إرادة الجيش العراقي للقتال" الصادر عن "معهد راند" الأمريكي البارز، يستهل بالقول انه "في حين تتراجع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتسعى الى مواجهة روسيا والصين، فإنها ستعتمد بشكل كبير على القوات العسكرية الشريكة". 

الا ان التقرير يحذر من انه في مرات عديدة لم تتمكن الولايات المتحدة من إنجاز سوى القليل من خلال تدريب هذه القوات الشريكة، وأن الأمور كانت في بعض الأحيان نهايتها كارثة، واصفا ما جرى مع العراق منذ العام 2003 بأنه أحد اسوأ الجهود الامريكية فيما يتعلق بالجيش العراقي، محذرا من أن هشاشة الجيش العراقي تجعله عرضة للانهيار عندما يتعرض لضربة شديدة. 

ويقترح التقرير في المقابل، أن تقوم الولايات المتحدة بتخفيف رهان اعتمادها على القوات الخاصة العراقية والوحدات العسكرية المتخصصة الاخرى، والقيام بمراجعة وإعادة تفكير حول كيفية تدريب الولايات المتحدة للجيش العراقي على المستوى الأوسع.

وبرغم اشارة التقرير الى ان الاوضاع في العراق تحسنت لدرجة ان واشنطن انهت في كانون الأول/ديسمبر 2021  مهمات الدعم القتالي، الا انه اعتبر ان العراق "يبدو غير مستقر، لكنه مقارنة بسنوات الفوضى السابقة، كان مستقرا نسبيا". لكنه أضاف محذرا "الا اننا كنا هنا من قبل". 

واوضح التقرير ان العراق ظهر بحالة جيدة جدا مع نهاية العام 2011 عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما ان الحرب الامريكية في العراق قد انتهت، وسحب واشنطن قواتها القتالية في نهاية ذلك العام، تاركة خلفها قوات عسكرية عراقية "مجهزة تجهيزا جيدا يبلغ مجموع افرادها اكثر من 700 الف جندي وشرطي تلقوا تدريباتهم من الغرب". 

وتابع التقرير؛ أنه "كان هناك سبب للاعتقاد بأن العراقيين كانوا على استعداد للدفاع عن أنفسهم، ولكن تبين أن هذا ليس هو الوضع عندما تم تعرض الجيش للتحدي من جانب تنظيم داعش". 

انهيار قوات الشريك 

ذكّر التقرير؛ انه في أوائل العام 2014، أي بعد انسحاب الولايات المتحدة بثلاث سنوات، تخلى عشرات الآلاف من الجنود العراقيين والشرطة شبه العسكرية عن عربات "هامفي"  وقطع المدفعية والعربات المدرعة، فرارا من المواجهة مع عدد صغير من مسلحي داعش، مضيفا أن أكثر من 19 لواءاً من الجنود العراقيين والشرطة الاتحادية، تعرضوا للتفكك، مما أتاح لداعش الاستيلاء على نحو ثلث مساحة العراق، وفرض حكمهم الوحشي على مدن مثل الموصل، والذي لم ينتهِ سوى في العام 2017، وهي اراض كان الأمريكيون حاربوا ومات جنودهم من أجلها. 

وكان وزير الدفاع الأمريكي وقتها أشتون كارتر أعلن وقتها أن "القوات العراقية لم تظهر أي إرادة للقتال". 

ولفت التقرير؛ الى ان العراق كان حصل على العديد من المعدات التي تبلغ تكلفتها مليارات الدولارات وعقود الاستشارات، والتي تبين أنها لم تكن مجدية، حيث اضطرت واشنطن الى العودة عسكريا مما أعاد قواتها الى دائرة الخطر، حيث بلغت تكاليف عملية "العزم الصلب" في العراق وسوريا أكثر من 14 مليار دولار وتسببت في وقوع 270 قتيلا امريكيا بالإضافة الى خسائر غير جانبية من خارج الإطار القتالي. 

واعتبر التقرير؛ أنه إذا كانت الولايات المتحدة ومهمة حلف الناتو الاستشارية، تريد تجنب تكرار انهيار الجيش العراقي، فان ما يحتاجونه هو "اعادة تركيز جهودهم على بناء ارادة العراق للقتال"، وهي ارادة تتضمن التصرف والقرار للقتال والعمل والمثابرة عندما تقتضي الضرورة ذلك. 

وتابع ان الجيش العراقي منذ تشكيله في اوائل القرن العشرين، كافح لبناء الإرادة القتالية والمحافظة عليها، مشيرا الى ان الجيش الذي كان ينظر إليه سابقا على أنه العمود الفقري لبناء الدولة في العراق، لديه سجل هش، مضيفا أنه رغم ذلك أن "الجيش وحده هو الجهة التي تتمتع بالاحترام الوطني والمدى الواسع الضروري للدفاع عن العراق بأسره". 

إرادة الجيش العراقي للقتال (1921-2022)

وبعد اشارة التقرير الى حروب خاضها الجيش العراقي خلال ال 101 عام من تاريخه، تحدث عن أن "العديد من الجنود العراقيين حاربوا بشجاعة، ولكن في كثير من الأحيان انهارت وحدات كاملة وهربت". 

تناول التقرير أحداثا انهارت فيها فرق قتالية بأكملها كما جرى مثلا في العام 1986 خلال هجوم للقوات الايرانية في شبه جزيرة الفاو، ومثلما جرى في حرب الخليج في العام 1991، عندما فر نحو 120 ألف جندي من الجيش العراقي قبل بدء "عاصفة الصحراء"، واستسلام نحو 80 ألفا آخرين أثناء المعارك. 

يستنتج التقرير ان "فشل ارادة العراقيين في القتال، تسبب انتقاص القوة القتالية لصدام حسين الى النصف". 

وبعدما لفت التقرير إلى أن الجيش العراقي شارك فيما اسماه "سلسلة من عمليات مكافحة التمرد ضد كورد العراق"، تابع أنه في الفترة الماضية، خاض معارك ضد مسلحين مرتبطين بالقاعدة (2003-2013) وضد داعش (2014 حتى الآن)، حيث كانت ارادة القتال تتراجع وتتدفق، إلا أن إلحاق الهزيمة بالقاعدة او داعش، لم يكن ممكنا لولا الأداء القوي من قبل العديد من الوحدات العسكرية العراقية. 

ومع ذلك، فإن جنود الجيش رفضوا في العام 2004، المحاربة في الفلوجة، أما في العام 2015 فقد تخلت وحدات الجيش والشرطة عن الرمادي بطريقة جماعية  في مواجهة هجوم داعش. 

واستنتج التقرير؛ أن هذا الأداء المتذبذب للقوات العراقية ساهم في "إحباط الجهود الامريكية المتكررة لتسليم مسؤولية امن البلاد الى العراقيين". 

الجيش العراقي الهش

اوضح التقرير؛ ان "وحدات الجيش العراقي تتمسك عادة بسلاحها عندما تكون جميع العوامل لصالحها، وهم يقاتلون بشكل أفضل من معظم الجيوش في الشرق الأوسط عندما تتوفر لهم قوات إضافية، ومعدات افضل وعنصر المفاجأة ، ويكونوا في مواجهة خصم ضعيف". 

وتابع أنه "عندما تكون الظروف غير مواتية وتتم مفاجأتهم، او عندما يتعثر كبار قادتهم، أو يجدون أنفسهم في حالة دفاع خلال الليل، فإنهم ينكسرون في غالب الأحيان". 

واعتبر التقرير؛ أن هشاشة ارادة الجيش العراقي للقتال مصدرها عدد من التحديات الثقافية المتواصلة، حيث أن السلطة داخل الوحدات العسكرية تتركز في أيدي عدد قليل من القادة الكبار بحيث ان القادة الصغار (الرقيب والملازم) يكونوا عاجزين، موضحا أنه عندما لا تكون هناك سلطة كافية في أيدي القادة العسكريين الصغار، فان اداءَهم يفشل بنفس القدر اذا ارادوا بناء الارادة القتالية.

ولفت ايضا الى ان "النزعة الابوية في المجتمع العراقي تمنع التكيف الفردي"، موضحا ان "القدرات التي يجري اكتسابها والميل نحو التكيف، تعزز النجاح العسكري". 

ولهذا، يعتبر التقرير أن الجوانب الناقصة اجتماعيا وتنظيميا التي يعاني منها الجيش العراقي تتسبب في تقويض جهود تقودها الولايات المتحدة، لبناء القوات العراقية بعد غزو العام 2003. 

وبعدها يشير التقرير إلى قرار مايو/أيار العام 2003 لسلطة التحالف المؤقتة بحل الجيش العراقي مما ادى الى عزل مئات الآلاف من الجنود السابقين والعديد من أفضل القادة العسكريين في العراق، وهو قرار ساهم بشكل ما في ظواهر الفشل اللاحقة. 

وفي حين اشار التقرير؛ الى ان سلطة التحالف المؤقتة أنشئت في أغسطس/ آب العام 2003، الجيش العراقي الجديد الذي كان بمثابة قوة عسكرية وطنية ولدت من دون وجود دولة تخدمها، وان جنود الجيش الجدد لم يكونوا مهتمين بالقتال ضد شعبهم نيابة عن سلطة التحالف المؤقتة، اعتبر التقرير ان "صناع السياسة الأمريكيين كانوا يطبقون نسخة متسرعة من الفتنمة (من فيتنام) على العراق بنتائج لم تكن مفاجئة". 

واوضح ان نتائج عسكية ظهرت لمحاولات واشنطن ممارسة ضغط سياسي مكثف لتدريب وتجهيز مئات الآلاف من الجنود والشرطة العراقيين بسرعة حتى تتمكن من الانسحاب. 

وتابع أن واشنطن استثمرت لاحقا بشكل ضخم في "الوحدات الخاصة"، مشيرا الى ان القادة العراقيين كانوا دوما مستعدين لتجريد الوحدات النظامية من افضل جنودها من أجل تشكيل وحدات كوماندوز مخصصة، مثلما فعل صدام حسين مثلا خلال الحرب العراقية الايرانية عندما شكل الحرس الجمهوري على حساب وحدات الجيش النظامي، ولم يعد هناك ما يكفي من وحدات الحراسة النظامية للدفاع عن العراق من الغزو.

واوضح التقرير انه "في نهاية العقد الأول من القرن ال21، راهنت الولايات المتحدة بقوة على جهاز مكافحة الارهاب العراقي، وما جرى مرة اخرى هو ان الوحدات الخاصة سحبت أفضل القادة والمعدات بينما كان الجيش والشرطة في حالة ركود وفقدا إرادتهما للقتال"، مضيفا انه بعد انهيار القوة النظامية في العام 2014، فإن الولايات المتحدة ضاعفت من رهاناتها هذه، واغدقت المزيد من الأموال والتدريب الافضل، على جهاز مكافحة الارهاب". 

وبرغم إشارة التقرير إلى أن جهاز مكافحة الارهاب ساعد القوات العراقية على وقف تقدم داعش في عامي 2014 و 2015 و استعادة مدينة الموصل في العام 2017، إلا أن جهاز مكافحة الارهاب لم يكن لينجح نهائيا من دون الدعم المباشر من وحدات الجيش العراقي التي جرى اعادة تشكيلها، موضحا ان عقيدة القتال الجماعي لا تزال صالحة، اذ ان جهاز مكافحة الارهاب بإمكانها في احسن الاحوال تعبئة 20 ألف جندي، وهو ما لا يكفي للدفاع عن البلد حتى أمام تهديدات داخلية، ولا أمام عدو منظم او جيش أجنبي. 

ولهذا اعتبر التقرير ان "تأمين حماية بلد يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة على مساحة 434 ألف كيلومتر مربع في واحدة من أكثر المناطق اضطرابا في العالم، يتطلب جيشا وطنيا يمكن الاعتماد عليه". 

المقاربة الصحيحة

دعا التقرير إلى تغيير جوهري في أسلوب تعامل الولايات المتحدة مع خطط دعم قوات الأمن في العراق، والانتقال من تعزيز عدد صغير من الوحدات الخاصة إلى تحسين جودة وقدرات الجيش العراقي الأوسع، اي تطوير اعداد كبيرة من القوات النظامية التي يمكن الاعتماد عليها.

ثانيا، اعتبر التقرير ان بناء الارادة للقتال في الجيش العراقي سيتطلب سنوات عديد، وهو ما لن يقلل الحاجة على المدى القريب للمستشارين والتمويل، موضحا ان هناك حاجة الى تغييرات ضرورية تدريجية ونوعية، وهي مطلوبة لمنع وقوع انتكاسة كارثية مجددا. 

ومن بين الإجراءات التي يقترحها التقرير العمل مع القادة العراقيين لزيادة التدريب على القيادات الأصغر، وتطوير روحية العمل الجماعي من خلال تطوير الروايات التاريخية للجيش العراقي، والبناء على المشاعر القومية المتزايدة لدى الجمهور الأوسع.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon