موقع أمريكي يدعو واشنطن الى اتخاذ ايران كـ"شريك استراتيجي"
شفق نيوز/ دعا موقع "تقرير واشنطن" الاميركي المتخصص بشؤون الشرق الاوسط، الولايات المتحدة الى اتخاذ ايران كـ"شريك استراتيجي" من أجل تحقيق أهدافها في الشرق الاوسط والتمتع بدور ذي رؤية في المنطقة.
وذكر الموقع في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، بأن الرئيس الاميركي جو بايدن اعلن خلال مؤتمر ميونيخ الامني في شباط/فراير 2021 ان "أميركا عادت". لكن السؤال هو "أميركا عادت من أجل ان تفعل ماذا؟".
واشار الموقع الى انه بالنسبة الى ايران فان السؤال يعني انه على واشنطن ان تعود من اجل احترام سيادتها وانهاء الترويج للخوف المتبع في العقود الماضية، مضيفا ان على بايدن الاعتراف بان ايران لم تسعى الى صناعة قنبلة نووية ولا تشكل تهديدا للولايات المتحدة.
وتابع ان سياسات "العصا الغليظة" التي تعتمدها اميركا لم تحقق "تغيير النظام" الذي كانت تسعى اليه، مضيفة ان قلة في واشنطن يتساءلون عن جدوى و"اخلاقية" السياسة الخارجية الاميركية تجاه ايران، متسائلة عن الحق الذي تدعيه واشنطن في الاطاحة بحكومات واملاءاتها وتهديداتها بالاغتيالات والغزوفي المنطقة التي لا تعرفها سوى من مصادر الطاقة التي فيها.
وبرغم ان العقوبات الاميركية المستمرة على ايران كانت لها آثارها، الا انها لم تحقق التغييرات التي كانت ترغب فيها، مضيفة ان احد الاسباب تكمن في ان ايران، بخلاف غيرها من الدول في الشرق الاوسط، ليست نتاج خطط الانتداب البريطاني او الفرنسي او الانقلابات العسكرية، وانها احدى اقدم الحضارات في التاريخ. ولهذا دعا "تقرير واشنطن" أميركا الى معالجة الفشل في السياسة الخارجية مع ايران، وتعيد تقييم تحالفاتها الحالية وشراكاتها الاستراتيجية في الشرق الاوسط.
وتابع ان اعادة التقييم هذه ستكشف ان مصالح الولايات المتحدة لم تتحقق من خلال العداوة الاميركية مع طهران، وان نقاط التلاقي الاميركية مع ايران اكبر من غيرها من غالبية دول جنوب غربي آسيا. واوضح انه بسبب مكانتها الاقليمية، بامكان ايران ان تقدم لواشنطن المساعدة الضرورية التي تحتاجها للتعامل مع العقد الصعبة في العراق وافغانستان وسوريا واليمن والملف الفلسطيني-الاسرائيلي، مثلما فعلت بعد هجمات تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.
والمح التقرير الى "التاريخ الكارثي" للاميركيين مع ايران والمتمثل بدعم الرئيس الاميركي دوايت ايزنهاور، بتحريض من البريطانيين، الانقلاب على حكم محمد مصدق المنتخب ديمقراطيا في العام 1953، وهو ما مهد الطريق ان تصرفات واشنطن لاحقا من خلال الخداع، والى استمرار انعدام الثقة الايرانية بالولايات المتحدة.
واشار الى ان شاه ايران الذي اعيد تنصيبه، تعهد بولاء عرشه للاميركيين منذ ذلك الوقت وظل يخدم المصالح الاميركية حتى العام 1979، عندما اطاح به الايرانيون. كما اشار الى ان الحرب بين ايران والعراق في العام 1980، عززت من انعدام ثقة الايرانيين بالولايات المتحدة، مضيفا ان الرئيس رونالد ريغان قرر ان المصالح الاميركية تقتضي مساعدة صدام حسين على الحاق الهزيمة بايران، وقدمت واشنطن الدعم العسكري للنظام العراقي بما في المساعدات التي اتاحت له تصنيع اسلحة كيميائية.
وبعدما لفت الى ان العراق فقد حظوته لدى واشنطن بحلول العام 1991 مع احتلال صدام حسين للكويت، تابع ان "الاحتواء المزدوج" للعراق وايران اصبح السياسة الرسمية للرئيس الاميركي بيل كلينتون بالتعاون مع اسرائيل والسعودية ودول الخليج الاخرى، لعزل البلدين سياسيا واقتصاديا وعسكريا. ومن اجل حشد دعم دولي لفرض عقوبات أكثر قسوة، اتهمت الولايات المتحدة واسرائيل طهران برعاية الارهاب والسعي لامتلاك سلاح نووي، فيما ادرج اسم ايران في لائحة " الدول المارقة"، في حين استمرت جهود اميركا لزعزعة استقرار ايران من خلال قرارات اصدرها الكونغرس بما في ذلك تمويل بملايين الدولارات للاستخبارات الاميركية للعمليات السرية ضدها.
اما الرئيس جورج بوس ففي خطاب حال الاتحاد في العام 2002 فقد ادرج ايران في لائحة دول "محور الشر" في وقت كان الايرانيون يعملون مع الولايات المتحدة للمساعدة في اقامة حكم انتقالي في افغانستان بعد الغزو الاميركي لهذا البلد في اكتوبر 2001. وفي العام 2003، طرحت ايران مشروعا شاملا للتفاوض مع الاميركيين حول القضايا التي تهم البلدين بما في ذلك الاستعداد لتأكيد الشفافية الكاملة للبرنامج النووي الايراني، لكن الايرانيين "صدموا" برفض بوش الرد على الاقتراح الايراني، وفي المقابل اطلق حربا مالية غير مسبوقة لاخراج ايران من الاقتصاد العالمي.
خطوات تصالحية
وفي العام 2015، بدا ان التقارب صار ممكنا بعدما تمكن الرئيس الاميركي باراك اوباما من التوصل الى اتفاق نووي برغم اعتراضات مؤيدي الحروب داخل الكونغرس وفي اسرائيل والمملكة السعودية. وتم التوصل الى خطة العمل المرتبطة بالاتفاق النووي، والتي تضع قيودا ومراقبة أشد على ايران. وبرغم ذلك، فقد كان هذا الاتفاق الاكثر اهمية بين البلدين منذ العام 1979، لكن في العام 2018، انسحب الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الاتفاق وتلقى تأييدا قويا من القوى الاميركية المعادية لايران لجهوده لتدمير الاقتصاد الايراني.
واشار التقرير الى ان واشنطن ظلت تضغط على ايران بسبب برنامج تسلح نووي ليس موجودا في الاساس. وبرغم قرارات عقوبات ترامب على ايران، الا ان طهران ظلت ملتزمة ببنود الاتفاق النووي، حتى يناير 2020 عندما امر الرئيس الاميركي باغتيال قائد قوة القدس الجنرال قاسم سليماني، ثم بعدما تواطأ مع اسرائيل على اغتيال العالم النووي الايراني محسن فخري زاده في نوفمبر 2020، بعدها قررت ايران زيادة درجة التخصيب لليوارنيوم الى مستوى ال20 %.
وذكر "تقرير واشنطن" ان الايرانيين يعتقدون ان هناك معايير مزدوجة في التعامل، على سبيل المثال، عندما قتلت السعودية الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول باوامر من ولي العهد الامير محمد بن سلمان، ظل العالم غاضبا حتى الان. ولكن عندما قتلت الولايات المتحدة قاسم سليماني وفخري زاده، لم يثر ذلك الغض نفسه على الرغم من ان الجريمتين تشكلان انتهاكا للقانون الدولي.
وتابع ان ايران تتعرض منذ 40 سنة لهجمات متتالية بسبب رفضها القبول باخطط الاميركية-الاسرائيلية حول المنطقة وهذا هو السبب الحقيقي للعدائية الاميركية تجاه ايران، وليس برنامجها النووي. وبعدما اكد عدم امكانية ايران على ضرب اسرائيل بسلاح نووي لانه سيقتل الفلسطينيين ويدمر المسجد الاقصى الاكثر قدسية عند المسلمين في العالم وهي خطة غير منطقية نهائيا، اشار الى ان من حق ايران ان تدافع عن نفسها كغيرها من دول العالم وانها اتبعت سياسة دفاعية حتى الان ضد الاستفزازات الاميركية وقوى اقليمية مجاورة.
واضاف ان ايران لم تسعى الى الحصول على سلاح نووي، لكنها قد تضطر الى ان تقرر بأن الاسلحة النووية قد تكون حامية لها من "محور الشر" الذي تواجهه على عتبة بيتها، والتمثل بالولايات المتحدة واسرائيل وانظمة خليجية. وبالاضافة الى ذلك، فان ايارن تستحق ان تحصل على ضمانات بانها اذا التزمت بخطة العمل المرتبطة بالاتفاق النووي، فان تغيير الحكومة في واشنطن، لن ينقض الاتفاق لاحقا. وخلص التقرير الى القول ان اميركا بذلت جهودا مالية وسياسية وعسكرية طائلة في محاولتها للتخلص من النظام الايراني وانما من دون جدوى.
وتابع انه بما ان ترامب هو الذي انسحب بشكل أحادي من الاتفاق النووي في 2018، فان المسؤولية تقع على عاتق واشنطن للعودة الى الاتفاق من دون شروط مسبقة. ومن خلال العودة الى الاتفاق النووي، فان الرئيس جو بايدن يبدأ بذلك بانهاء الضرر الذي الحقته السياسات العدائية ضد ايران طوال عقود.
وختم بالقول ان على الولايات المتحدة ان تدرك انه اذا كان لها ان تحقق اي من اهدافها في المنطقة، فانه بحاجة الى ايانر كشريك استراتيجي، وليس الى اسرائيل او زعماء عرب اقوياء، وان علاقات شاركة عادلة بين طهران وواشنطن، يمكن ان تحقق التوازن الذي تريده الولايات المتحدة اذا كانت ترغب في ان تقوم بدور ذي رؤية في الشرق الاوسط.