موقع "محافظ" ينتقد سياسة الغارات الأمريكية في تسوية الأزمات ببلدان بينها العراق
شفق نيوز/ انتقد موقع "أمريكان كونسيرفاتيف" (الأمريكي المحافظ)، سياسة الغارات والقصف التي تعتمدها الولايات المتحدة لتسوية الأزمات في العراق وايران واليمن وغيرها، والتي لا تقود سوى الى فترات جديدة من الصراعات والتوتر مع واشنطن، مؤكدا ان الادارات الامريكية ترتكب "الأخطاء ذاتها بشكل مكرر".
وتوجه الموقع الى الأمريكيين قائلا انه سواء كنت جمهوريا أو ديمقراطيا، فان على الجميع ان يعلم ان احد اكثر الاشياء المدهشة في واشنطن هو قدرتها، واستعدادها ايضا، على "ارتكاب نفس اخطاء السياسة الخارجية مرارا وتكرارا".
وشبّه التقرير الأمريكي، الذي نشر باللغة الإنجليزية وترجمته وكالة شفق نيوز، مواصلة الولايات المتحدة عداوتها مع إيران بشكل متكرر خلال العقود الثلاثة الماضية على أمل الحصول على نتائج مختلفة، بانها تعكس حالة مرضية عقلية.
ولفت التقرير قائلا الى ان واشنطن، كرد على الميليشيات المدعومة من إيران خلال العام 2024، تلجأ الى سياسة القصف مجددا في العراق واليمن وسوريا وغيرها.
واضاف انه كنتيجة لهذه السياسة، فإنه في مقابل كل مشكلة يتم حلها تظهر مشكلة جديدة. وكمثال على ذلك، قال التقرير إن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، تحول الى الهدف الرئيسي الأول خلال العصر الحديث، بعدما لم يعد مشمولا بالنعمة الأمريكية في أعقاب الحرب العراقية الايرانية التي وقفت فيها الولايات المتحدة في الاساس الى جانب العراق.
وتابع قائلا ان القصف الامريكي الذي استهدف العراق، ادى لاحقا الى ظهور تنظيم القاعدة، ثم تلاه تنظيم داعش، ثم الميليشيات الإيرانية التي تحارب تنظيم داعش إلى جانب الولايات المتحدة في العراق، ثم ظهور الهيمنة الايرانية في العراق مع انسحاب الولايات المتحدة من "الغزو الفاشل" في العام 2003.
وفي حين اشار التقرير الى تعقيدات تتبع مشهد كافة اللاعبين، ذكر بالايزيديين الذين كانوا السبب وراء عودة الولايات المتحدة الى العراق بعد انسحابها في العام 2010؟. كما لفت إلى أن الولايات المتحدة لاتزال في حالة حرب في العراق كوسيلة للتصدي للنفوذ الإيراني، الذي كانت تمت تقويته من خلال الاجراءات الامريكية.
واعتبر التقرير الامريكي انه "ما لم تكن الولايات المتحدة على استعداد للتفاوض مباشرة مع الايرانيين، والإقرار بدورهم كقوة اقليمية، فان مشكلات الصعود الإيراني لن تتوقف".
واوضح التقرير انه كلما مر يوم والولايات المتحدة تعتقد فيه أن بمقدورها السيطرة على ايران من خلال الغارات، فإنه يمنح طهران يوما اضافيا لتعزيز برنامجها النووي والصعود كتهديد لاسرائيل".
وتساءل التقرير قائلا إنه في ظل كل هذه الأحداث العسكرية الطابع من خلال القصف الذي فشل بشكل واضح، "لماذا لم تترسخ الدبلوماسية على الاطلاق؟".
وفي حين اعتبر التقرير أن هناك "تاريخا طويلا وسيئا" بين البلدين، رأى أن العائق الأكبر امام المفاوضات الكاملة مع ايران هو ان كلا البلدين يحكمهما قادة ايديولوجيون، وعندما يتم فتح باب الدبلوماسية، مع مجيء قادة جدد ان خصمهم محاصر بايديولوجيته الخاصة، فيعاد إغلاق الباب مجددا.
وكمثال على ذلك، ذكر التقرير بانتخاب الرئيس محمد خاتمي في العام 1997، والذي ادى الى فترة قصيرة من الاعتدال النسبي في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، حيث دعا خاتمي الى حوار وانفتاح مع الغرب، حتى أن سفير ايران لدى الامم المتحدة آنذاك جواد ظريف اقترح في ربيع العام 2003، إجراء محادثات حول المشكلة النووية والعلاقات الايرانية الاسرائيلية.
لكن التقرير دعا الى مراقبة الموضوع من منظور إيراني، مذكّرا بأنه في العام 2001، اجتاحت الولايات المتحدة أفغانستان لضرب حركة طالبان، حيث تمركز جيشها القوي والمنتصر على الحدود الشرقية لإيران.
وتابع التقرير أنه في العام 2003، مع النجاح الأولى للغزو الأمريكي للعراق، جرى الحديث لاحقا عن اعادة توجيه قوة الغزو الامريكية نحو سوريا ولبنان، وهو ما كان يعني أن الولايات المتحدة تمركزت على الحدود الغربية لإيران أيضا، وكان الموقف في واشنطن عدوانيا في ظل الحديث عن خطر "محور الشر" وغير ذلك من الأمور.
ورأى التقرير أن المبادرة الايرانية المتمثلة بدعوة ظريف، ربما كانت مدفوعة بالخوف من أن إيران قد تواجه مصير العراق، الا ان ذلك ليس مهما، حيث أن باب المفاوضات الجادة كان مفتوحا على مصراعيه.
إلا أن التقرير قال انه "بسبب الغطرسة، وربما الحماقة الدبلوماسية الواضحة" جرت ازاحة دور وزارة الخارجية الامريكية في العام 2003 باعتبارها غير ضرورية، حتى أن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد أطلق عليها بشكل ساخر اسم "وزارة اللطافة"، وبذلك، أغلق منظرو ادارة جورج بوش الباب في وجه ايران.
ورأى التقرير ان منظِّري إدارة بوش كانوا يتوقعون بشكل خاطئ ومأساوي حدوث نهاية سريعة للحرب في العراق، وان هناك فرصة لضرب إيران.
واضاف التقرير انه في العام 2005، اطيح بخاتمي من منصبه على يد محمود احمدي نجاد "المتشدد"، مما بدد الامال بحدوث تقارب أوسع بين واشنطن وطهران.
وكمثال آخر، قال التقرير انه في انتخابات العام 2013، جرى انتخاب رئيس معتدل آخر، هو حسن روحاني، وعاد جواد ظريف الى موقع وزير الخارجية، وكانت واشنطن هذه المرة متنبهة لما يجري، وكان باراك اوباما في الحكم، وجرت مفاوضات في العام 2015 على خطة العمل الشاملة المشتركة حول البرنامج النووي الايراني، وذلك بحضور الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وذلك في مقابل تخفيف العقوبات عن إيران.
ووقتها، قال التقرير ان ظريف توقع ان يقود الاتفاق النووي الى اتفاقات اخرى بين طهران وواشنطن، بينما فشل أوباما في الحصول على تأييد واسع النطاق من جانب الحكومة الاميركية، لكنه عمل على الحفاظ على تماسك الاتفاق الى حين نهاية فترة ادارته، الى ان جاء دونالد ترامب الذي كان على استعداد لتفكيك اتفاق اوباما مع ايران، مستجيبا بذلك لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، فانسحب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات قاسية تمثلت فيما يسمى حملة الضغط الأقصى على إيران.
وتابع التقرير ان طهران اعلنت بعدها انها لن تلتزم بعد الان بالقيود المفروضة على انتاج وتخزين البلوتونيوم او اليورانيوم عالي التخصيب في مسيرتها نحو أن تصبح دولة على عتبة السلاح النووي.
واشار التقرير الى ان جو بايدن ترشح للرئاسة في العام 2020 متعهدا بالانضمام مجددا إلى الاتفاق النووي، وواصفا استراتيجية ترامب تجاه ايران بانها "كارثة"، ومتهما ترامب بتعزيز احتمالات المواجهة العسكرية مع إيران من خلال "الابتعاد عن الدبلوماسية" معها.
واضاف ان ظريف تحدث وقتها بعد انتخاب باين، انه اذا عادت واشنطن مجددا الى اتفاق اوباما النووي، فإن إيران ستعود الى الالتزام به من جهتها، وهو تعهد كرره روحاني لاحقا.
ووفقا التقرير فإنه، كان قد أصبح من الواضح ان بايدن لم يكن مستعدا للانضمام مجددا إلى الصفقة مع إيران، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية انطوني بلنكي خلال جلسات الكونغرس لتأكيد تعيينه في منصبه حيث قال إن: الولايات المتحدة لا تزال "بعيدة" عن إحياء الاتفاقية، وسيتحتم عليها أن ترى أولا ما الذي ستوافق إيران على القيام به في المقابل، ثم أعلن بايدن بنفسه خلال العام 2022، ان الاتفاق النووي "مات".
وختم التقرير الأمريكي منتقدا التفكير الأمريكي الذي مفاده أن "هناك الكثير من الحوثيين الذين يجب قتلهم، ومواقع لا تحصى من منصات إطلاق الطائرات المسيرة الرخيصة نسبيا التي يمكن تدميرها"، مضيفا أن السلوك الأمريكي يرقى الى مستوى وصفها بأنها "بلطجة".
وتابع قائلا انه "من المؤكد ان إيران على استعداد لكي تقاتل حتى آخر رجل ميليشيا غير إيراني، الا ان مرور عقود من الغارات، فشلت في تعديل سلوك إيران".
وبعدما لفت التقرير الى التاريخ الحافل بين الطرفين حول قيام الايديولوجيين من كلا الجانبين بإغلاق الباب أمام المفاوضات، إلا أنه قال إن "لا يزال يتحتم علينا ان ندرك ان المفاوضات تمثل الطريق الوحيد لحل المشكلات الحالية في البحر الأحمر"، مضيفا أن السؤال الأساسي يتعلق بما سيتغير في الغارات هذه المرة.
ترجمة: شفق نيوز