من الاغاثة الى التنمية.. الامم المتحدة تبدل دورها في العراق وكوردستان

من الاغاثة الى التنمية.. الامم المتحدة تبدل دورها في العراق وكوردستان
2023-03-22T15:02:30+00:00

شفق نيوز/ اجرت منظمة "الانسان الجديد" (نيو هيومانيتاريان) الدولية، تقييما لدور الامم المتحدة في العراق، متسائلة عما اذا صار بإمكان السلطات العراقية وحكومة اقليم كوردستان، بعد 20 سنة على الغزو الامريكي، ان تتقدم لكي تتولى المزيد من المسؤوليات في تقديم الدعم للشرائح الضعيفة والهشة.

واوضح تقرير المنظمة غير الحكومية، ترجمته وكالة شفق نيوز، انه بعد الغزو الامريكي وبعد اكثر من 5 سنوات على اعلان الانتصار على تنظيم داعش، فإن الامم المتحدة تسير في طريق اجراء تغيير كبير في كيفية تقديم المساعدة في العراق.

الجفاف وارتفاع الأسعار

ونقل الموقع المتخصص بالقضايا الانسانية، عن تقرير للامم المتحدة صدر في شباط/ فبراير الماضي تحت عنوان "نظرة عامة على الانتقال الانساني في العراق" بدء من العام 2023، قوله ان الامم المتحدة "حولت تركيزها من خطة استجابة انسانية فقط، الى نهج تركز من خلاله على التنمية، لان ذلك سيخدم بشكل افضل احتياجات جميع المواطنين في العراق، وليس فقط المتضررين من الازمة التي سببها تنظيم داعش".

واعتبر التقرير ان احتياجات العراقيين ما تزال قائمة بلا شك، في ظل ان هناك نحو 1.2 مليون شخص ما زالوا نازحين داخليا، وان العديد ممن عادوا الى مناطقهم يكافحون من اجل البقاء، بالاضافة الى وجود ظاهرة الجفاف والحرب في اوكرانيا التي ادت الى ارتفاع اسعار المواد الغذائية.

وبرغم ذلك، لفت التقرير الى ان الامم المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية،

طلبت وتلقت تمويلا اقل بكثير للمساعدات التي تنسقها، وهي تقول الان ان الوقت قد حان للحكومة العراقية في بغداد وحكومة اقليم كوردستان، لكي تتحملا مسؤولية اكبر في تأمين الرعاية للمواطنين، مع قيام الامم المتحدة بدور الدعم لهما.

وتابع التقرير انه بعد عام من الجمود السياسي، تشكلت حكومة منذ اواخر تشرين الاول/ أكتوبر العام 2022، الا انه في ظل وجود غالبية مخيمات النازحين في اقليم كوردستان، وفي ظل النقاش الحاصل بين الحكومتين حول الميزانية ومن يجب ان يتحمل مسؤولية المساعدة، تثار مخاوف حول من الذي سيتقدم لتولي مساعد الشرائح الاكثر ضعفا في بلد يصنف بانتظام في اسفل مرتبة الفساد العالمي.

الصورة الانسانية

ذكر التقرير ان الامم المتحدة صنفت الازمة الانسانية في العراق في العام 2017، بانها "احدى اكبر الازمات المتقلبة في العالم".

وبحسب احصاءات الامم المتحدة، فإنه بحلول الوقت الذي اعلن فيه العراق انتصاره على داعش، كان هناك نحو 11 مليون شخص، في بلد يبلغ عدد سكانه 37 مليون نسمة (الان اكثر من 40 مليونا)، بحاجة الى شكل من اشكال المساعدة الانسانية.

وتابع ان ارقام النازحين كانت تتغير بحسب الفرار او العودة بين عامي 2014 و2017، ولكن بالاجمال كان هناك نحو ستة ملايين شخص.

مخيمات النزوح

وتبدلت الصورة، فابتداء من العام 2019، بدأ العراق يغلق مخيماته في محاولة لتشجيع المزيد من الناس على العودة، كما اعيد تصنيف بعضها ايضا على انها "مخيمات غير رسمية"، مع انعدام الخدمات تقريبا، وفي الوقت الحالي، هناك مخيم رسمي واحد فقط للنازحين داخل مناطق العراق الاتحادي، و25 في مناطق حكومة اقليم كوردستان.

وذكر التقرير انه في اطار خطة الاستجابة الانسانية للعام 2022 لتقديم المساعدات في جميع انحاء العراق، قالت الامم المتحدة ان نحو 2.5 مليون شخص، بما في ذلك 1.1 مليون طفل، ما يزالون يعتمدون على شكل من اشكال المساعدة الانسانية، مع وجود 991 الف شخص يعتبرون "عرضة للخطر بشدة".

ويشمل ذلك بحسب التقرير مئات الالاف من النازحين داخليا الذين لم يتمكنوا من العودة الى مناطقهم، وهناك ايضا نحو 258 الف لاجئ سوري، معظمهم في مناطق اقليم كوردستان.

تغيير الامم المتحدة

واوضح التقرير ان الامم المتحدة انتقلت من النهج الذي يركز على المساعدات الطارئة، الى التنمية، وهو ما يعني ان وكالاتها وبعض شركائها، قد توقفت عن ادارة المخيمات او ستلغي تدريجيا ادارتها للمخيمات وتقديم الخدمات لمعظم (وليس جميع) النازحين داخليا، مع تسليم المسؤولية عن ذلك الى السلطات المحلية.

وبالاضافة الى ذلك، لن تكون هناك عملية تخطيط انساني مشتركة بين الوكالات، حيث تنشر الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تعمل معها، تقييما بشكل سنوي يتعلق بالاحتياجات المطلوبة، ثم تناشد المجتمع الدولي لجمع الاموال من اجل القيام بعملها.

ولفت التقرير الى ان المنظمات طلبت في العام الماضي، 400 مليون دولار وتلقت 335 مليون دولار.

ومن اجل المقارنة، تابع التقرير انه خلال ذروة ازمة العراق، ومع تركيز وسائل الاعلام على المعركة من اجل تحرير الموصل في العام 2016، ناشدت الامم المتحدة لجمع 860.5 مليون دولار، بالاضافة الى 284 مليون دولار اخرى لدعم الفارين من هجوم داعش، فتلقت المنظمات 1.9 مليار دولار، وهو رقم يشمل الاموال الممنوحة خارج خطط الامم المتحدة.

ونقل التقرير ممثل مفوضية اللاجئين التابع للامم المتحدة في العراق جان نيكولاس بيز قوله ان السلطات العراقية والكوردية كان لديها ما يكفي من الوقت للاستعداد لعملية الانتقال هذه، وانها تريد من السلطات العراقية وحكومة اقليم كوردستان تحمل المسؤولية المشتركة عن القضايا الانسانية، مضيفا انه اطلع المسؤولين عن عملية الانتقال منذ ما قبل وصوله الى العراق (في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021).

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 قال بيز انه "من خلال الوسائل المالية والقوى العاملة والمعرفة، فإن العراق لديه القدرة على الاستجابة لاحتياجات سكانه".

اقليم كوردستان

لكن المنظمة كانت تحدثت مع منسق المساعدات الدولية لحكومة اقليم كوردستان ديندار زيباري في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي عندما كان الانتقال في بدايته، وقال وقتها ان النقص المعتاد في ميزانية حكومة الاقليم يعني انها لن تكون قادرة على سد فجوة التمويل التي خلفها تحول سياسة الامم المتحدة، موضحا انه "تم تقديم طلب من قبل السلطات الى نظرائنا الدوليين والمنظمات غير الحكومية لمواصلة دعمهم المالي للاجئين والنازحين في المخيمات".

واضاف "تركت حكومة اقليم كوردستان وحيدة في عملية تلبية هذه الاحتياجات ودعم النازحين واللاجئين"، مبينا انه "لكي تنجح عملية الانتقال، فهناك حاجة الى قيادة مشاركة للحكومة".

كما نقل التقرير عن اوات مصطفى، وهو ممثل مؤسسة بارزاني الخيرية (BCF) الممولة بشكل مستقل وتنفذ العمل في مخيمات الاقليم، ان منظمته لا تتوقع سد فجوة التمويل.

اما المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني فقد قال في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ان الحكومة العراقية تعمل على وضع خطة متكاملة لمخيمات النازحين داخليا، الا انها لم تؤكد التمويل المتوقع تقاسمه مع حكومة اقليم كوردستان.

منظمات الإغاثة الدولية

ولفت التقرير الى انه من غير الواضح تماما من الذي سيملأ الفجوة في التنسيق بين المنظمات غير الحكومية ووكالات الامم المتحدة، حيث تتحول عمليات المساعدة بعيدا عن النظام المنسق من قبل الامم المتحدة.

واشار الى ان المنظمات غير الحكومية الدولية الكبرى تقول انه مستمرة بالعمل في العراق من خلال تمويل يأتي مباشرة من المانحين وليس من خلال النداءات السنوية التي تقودها الامم المتحدة.

وتابع ان هذا الوضع قد لا ينطبق على المنظمات غير الحكومية المحلية التي غالبا ما تقوم بالجزء الاكبر من العمل على الارض.

وبشكل عام، فقد اعربت المنظمات غير الحكومية عن مجموعة من المخاوف المتعددة من بينها تتعلق بوتيرة الانتقال، وكيفية اشراك الحكومة العراقية في تغيير القيادة، وما يعنيه هذا الانتقال عند اكتماله، بالنسبة الى الفئات الهشة بشكل خاص.

ونقل التقرير عن سمر عبود، وهي مديرة في لجنة الانقاذ الدولية غير الحكومية العاملة في العراق، اعرابها عن قلقها بشأن "الجدول الزمني السريع للانتقال الانساني في العراق، والطريقة التي ستؤثر بها على العراقيين الاكثر ضعفا في مرحلة ما بعد الصراع".

وختم التقرير بالقول ان الامم المتحدة تعتبر الان ان المساعدة الطارئة ليس هدفها الاستمرار الى الابد، وفي ظل مع استمرار عملية الانتقال، وتحول العراق الى جهة اقل الحاحا بالنسبة لقطاع المساعدات الانسانية المنهك، فإنه تظل هناك العديد من الاسئلة حول ما اذا كانت السلطات الاتحادية وفي الاقليم، سيكون بامكانها دعم المحتاجين، بلا اجوبة.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon