من "2 نيسان" إلى "4 نيسان".. ذاكرة الكورد الفيليين على وقع التضحيات والمطالب

شفق نيوز/ أثار قرار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بتحديد الثاني من نيسان/أبريل موعداً سنوياً لـ"يوم الشهيد الفيلي" موجة اعتراض في الأوساط الكوردية الفيلية، حيث يرى كثيرون أن تاريخ الرابع من الشهر نفسه أكثر ارتباطاً بقرار ترحيلهم وإبادتهم إبّان النظام السابق.
ويتزامن هذا الجدل مع مطالبات للكورد الفيليين بضرورة تحقيق المزيد من الإنصاف واسترداد الحقوق، عبر إجراءات قانونية وتنفيذية فعّالة، إضافة إلى دعم تمثيلهم السياسي في مجلس النواب من خلال زيادة مقاعد "الكوتا" المخصصة لهم.
وتعرض الكورد الفيليون لعمليات ترجيل وتهجير وإبادة جماعية في عهد النظام السابق، وبحسب مستشار رئيس الوزراء لشؤون الكورد الفيليين، طارق المندلاوي، فإن أبناء هذه الشريحة يمثلون رقماً كبيراً في مؤسسة الشهداء، حيث تم تسجيل 16350 شهيداً موثقاً لديهم من مجموع 60 ألف شهيد أعدمهم النظام السابق.
ويبرّر المندلاوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز اختيار الثاني من نيسان بالقول إن هذا التاريخ يأتي تقديراً لـ"العمل البطولي" للشهيد سمير غلام في حادثة جامعة المستنصرية (1 نيسان 1980)، التي تبعها إعلان الحرب على الكورد الفيليين في اليوم التالي.
وفي المقابل، يطالب آخرون باعتماد الرابع من نيسان، لأنه ارتبط بإصدار قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 666، الذي مهّد لتهجير الكورد الفيليين وسحب جنسيتهم ومصادرة ممتلكاتهم.
ويؤكد المندلاوي أنّ إعلان الحكومة يوماً خاصاً للشهيد الفيلي يمثل "نقلة نوعية" في تعزيز الثقة بين الكورد الفيليين والدولة العراقية، مشيراً إلى مبادرات ومشاريع ستعلن قريباً في مناطقهم على الشريط الحدودي، فضلاً عن مراكز ثقافية في بغداد وواسط وديالى، وبرامج تعليمية توثّق جرائم النظام السابق بحق هذه الشريحة.
وعلى الرغم من القرارات القضائية التي صنّفت ما تعرّض له الكورد الفيليون كجريمة إبادة جماعية، وآخرها قرار المحكمة الجنائية العليا عام 2010، فإنّ مؤسسات رسمية عدة ما زالت تتلكأ في تنفيذ القوانين وإنصاف الضحايا.
وقد أشار مسؤولون وممثلو الكورد الفيليين إلى وجود خلل في التمثيل السياسي، لا سيما في مجلس النواب، إذ يُخصص لهم مقعد واحد فقط ضمن نظام "الكوتا" رغم امتدادهم السكاني الواسع.
وشرع نظام البعث في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن المنصرم بحملة كبيرة لتهجير الكورد الفيليين، وسحب الجنسية العراقية منهم ومصادرة ممتلكاتهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة.
كما تعرض الكورد الفيليون للترحيل والتهجير والاعتقال والقتل إبان حكم الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر في عامي 1970 و1975، ومن بعده نظام صدام حسين في 1980، ويرى مؤرخون يرون أن التهجير جاء بسبب انتماءاتهم المذهبية والقومية.
وفي هذه المناسبة، أكد الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، في منشور له عبر منصة "إكس - تويتر سابقا"، اليوم الجمعة، أن لقد كان للأخوات والإخوة الفيليين دورٌ مهمٌ في الحركة التحررية الكوردستانية والقضية القومية لشعبنا.
وتابع قائلا: كانت الإبادة الجماعية بحق الكورد الفيليين جزءاً من المخطط الممنهج للنظام العراقي السابق من أجل القضاء على شعب كوردستان.
اعتراضات على تاريخ "يوم الشهيد الفيلي"
ولاقى تحديد "يوم الشهيد الفيلي"، اعتراضاً من الأوساط الفيلية، حيث كان الإعلان مفاجئاً للكثيرين بحسب مستشار شؤون الكورد الفيليين في مجلس النواب العراقي، فؤاد علي أكبر.
وقال أكبر لوكالة شفق نيوز، إن "النائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، أعلن عن التوجه لتقديم طلب لتصحيح هذا التاريخ وجعله يوم 4 نيسان/أبريل".
ويؤكد أن "حملات الاعتقال ضد الكورد الفيليين انطلقت بعد أيام من حادثة جامعة المستنصرية، حيث تم نقل الكورد الفيليين إلى سجن أبو غريب ونقرة سلمان، ومن ثم حصلت التصفيات التي بدأت بإعدام 700 سجين من أبو غريب واستمرت حملات الإعدام بعدها، وتم إعدام آخر وجبة من سجن أبو غريب عام 1991".
وعن الجهود لاسترجاع حقوق الكورد الفيليين، يقول مستشار شؤون الكورد الفيليين في مجلس النواب، إنه "تم إصدار قرارات منصفة، لكن سوء الإدارة والفساد والمشاكل في التمثيل الفيلي، إلى جانب تلكؤ بعض الدوائر في تنفيذ القانون، عرقل حصول الكثيرين على حقوقهم".
وقد عبر الأمين العام للتيار الوطني للكورد الفيلي، القاضي منير حداد، لوكالة شفق نيوز، عن استيائه من "تخصيص مقعد واحد فقط لهم في البرلمان ضمن نظام الكوتا"، فيما بين أن وصف قضية اختيار يوم الثاني من نيسان، يوما للشهيد الفيلي، بـ"المأساة الكبرى"،
وأكد أن تغيير موعد يوم الشهيد الفيلي من 4 نيسان إلى 2 نيسان، يمثل اعتداء على حقوق هذه الشريحة وتزويرا للتاريخ".
فيما أكد رئيس الجبهة الفيلية ماهر رشيد الفيلي، في تصريح لوكالة شفق نيوز،أن المحكمة الجنائية العليا أصدرت قرارات منصفة للكورد الفيليين لكنها لم تُطبق من قبل الوزارات والمؤسسات المعنية.
زيادة التمثيل في مجلس النواب
من جهته، يشير عضو مجلس النواب العراقي السابق، مازن الفيلي، إلى أن "ما تعرض له الكورد الفيليون من ظلم لا يستطيع أحد معالجته وخاصة الحقوق المعنوية من ضياع العمر والسنوات، وما يلاحظ في مجلس النواب هناك ضعف في التمثيل للكورد الفيلي، حيث إن مقعد واحد لـ(كوتا) الكورد الفيليين غير كافية باعتبار أنهم شريحة كبيرة ممتدة على مساحة واسعة من جنوب العراق إلى شماله، لذلك هناك حاجة إلى زيادة التمثيل والاهتمام أكبر في هذه الشريحة".
ويؤكد الفيلي لوكالة شفق نيوز، أن "المجازر التي تعرض لها الكورد الفيليون استمرت منذ سبعينيات القرن المنصرم لحين سقوط النظام، وفي كل فترة هناك حدث معين، لكن الحدث الأكبر والأبرز هو إصدار مجلس قيادة الثورة المنحل قرار 666 يوم 4 نيسان/أبريل بترحيل الكورد الفيليين التي تمثل (المجزرة الكبرى) بحقهم، لذلك هناك إشكالية باعتبار 2 من الشهر (يوم الشهيد الفيلي)".
وفي وقت سابق من الجمعة، دعا رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، الحكومة الاتحادية العراقية إلى تعويض الكورد الفيليين "من جميع الجوانب"، مؤكداً ضرورة إعادة الجنسية العراقية التي سُلبت منهم، وتعويضهم عن أموالهم وممتلكاتهم التي صودرت في عهد النظام البعثي.
وقال بارزاني في بيان ورد لوكالة شفق نيوز: "نستذكر اليوم الذكرى المؤلمة الخامسة والأربعين للإبادة الجماعية التي ارتكبت بحق آلاف الكورد الفيليين، في حملة وحشية شنها النظام العراقي آنذاك، استهدفتهم بالقتل والاعتقالات والترحيل والتغييب والتجريد من الجنسية ومصادرة الأموال والممتلكات، ليس لسبب غير كونهم كورداً ساندوا ثورة كوردستان".
وأضاف: "في هذه الذكرى، نؤكد مطالبة الحكومة الاتحادية العراقية بتعويض الكورد الفيليين من كل الجوانب، بموجب قرار المحكمة العراقية العليا للجرائم التي وصفت تلك الأفعال بالإبادة الجماعية، مع إعادة الجنسية وأموالهم وممتلكاتهم وحل المشاكل التي يعانون منها، ونؤكد لأخواتنا وإخواننا الفيليين أننا سنواصل مساعينا الدائمة لإعادة حقوقهم وتحقيق العدالة لهم، ولن نقصر في اتخاذ كل ما يلزم لتحقيق ذلك".