"فخ أخيل".. خفايا مثيرة عن سوء حسابات غزو العراق وأوهام صدام
شفق نيوز/ أجرى موقع "داون" الباكستاني قراءة معمقة في كتاب "فخ أخيل" الذي يتناول غزو العراق، مشيرًا إلى أن هناك 5 دروس تستخلص من تلك الحرب، كاشفًا أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، كانا يعارضان الحرب، وأن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، انتقد الأمريكيين لأنهم لم يبلغوه بموقفهم المعارض للغزو الذي قام به ضد الكويت في العام 1990.
وأشار التقرير، الذي نشر بالإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، إلى مؤلف الكتاب ستيف كول، وهو أستاذ الصحافة في جامعة كولومبيا ومؤلف تسعة كتب، بما في ذلك كتاب "حروب الأشباح" الحائز على جائزة بوليتزر، يطرح نظرة من وراء الكواليس على القرارات التي أدت إلى حرب العام 2003، وذلك بالاستناد إلى أكثر من 100 مقابلة مع العديد من الأشخاص الذين شاركوا بشكل مباشر في غزو العراق، وعلى نصوص التسجيلات التي قام بها نظام صدام حسين.
ورأى التقرير أن ذلك سمح لكول بالتعمق في عقل الرجلين اللذين جعلا الحرب ممكنة، أي الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن والرئيس العراقي صدام حسين، مضيفًا أن الكتاب يمثل إدانة قاسية لكيفية حكم صدام للعراق، وإدانة أكبر لبوش.
ولفت التقرير إلى أن المعارضين للحرب لم يكونوا فقط بين بعض كبار مستشاري بوش، وإنما أيضًا الرئيس الأسبق جورج بوش الأب الذي عبر عن معارضته عبر مستشاره السابق للأمن القومي برنت سكوكروفت من خلال افتتاحية في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية بعنوان "لا تهاجموا صدام".
ويظهر الكتاب أن بوش الابن "توجه نحو حرب غير ضرورية... بناءً على الترويج للخوف بلا خجل"، بالإضافة إلى أن جيران العراق لم يكونوا يرغبون في أن تغزو الولايات المتحدة العراق، خشية أن يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار المنطقة.
ونوه التقرير إلى أن الكتاب يحمل عنوان "فخ أخيل" لأن كل طرف كان يفترض أن الطرف الآخر لديه نقطة ضعف قاتلة، وهي ليست موجودة.
وأوضح التقرير أنه لم يكن لدى الولايات المتحدة أي دليل على أن العراق يمتلك "أسلحة الدمار الشامل"، في حين أن صدام كان يفترض أن وكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه" كانت تدرك ذلك، وبالتالي فإنه لم يكن يرجح أن تهاجم الولايات المتحدة العراق، بينما في المقابل أيضًا افترضت واشنطن أن صدام لم يكن يمتلك شجاعة محاربة الولايات المتحدة، في حين افترض الرئيس العراقي الأسبق أن الولايات المتحدة لن تهاجم العراق أبدًا لأنها لا تتمتع بالشجاعة لكي تتكبد خسائر بشرية واسعة النطاق في ساحة المعركة.
وبحسب الكتاب فإن "صدام كان يعتقد أن وكالة "سي آي إيه" هي التي تعرف كل شيء، وقد ساهم ذلك في سوء فهمه لأمريكا، والذي كان على الأقل بنفس عمق سوء فهم أمريكا له"، مشيرًا إلى أن سجل أداء المخابرات الأمريكية في العراق بعد العام 1991، كان بشكل غالب عبارة عن كوارث تشغيلية وتحليلية، لافتًا أن "سي آي إيه" كانت "مستعدة تمامًا لإحراق منزلك من أجل إشعال سيجارة".
وتابع التقرير أنه بالاستناد إلى أدلة جديدة، فإن الكتاب يظهر أن الوزير رامسفيلد كان يعارض الغزو حتى النهاية، إلا أن بوش كان عازمًا على مهاجمة العراق من أجل تغيير النظام، وتحويل العراق إلى ديمقراطية على النمط الغربي.
ونقل التقرير عن الكتاب قوله إن صدام يظهر كرجل بوجهين منغمس في الغطرسة، فهو من جهة قام بإنشاء نظام رعاية اجتماعي، ومن ناحية أخرى أقام نظامًا مشابهًا من الإرهاب ضد خصومه السياسيين، مضيفًا أن صدام لم يكن لديه أي تأنيب ضمير في قتل ما يقرب من 200 ألف كوردي.
ويشير التقرير إلى أن صدام عجز عن سداد ديونه المستحقة للسعودية والكويت بعد حربه مع إيران، فقام بغزو الكويت في العام 1990، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة فشلت في توقع الغزو العراقي، وأن صدام لم يكن يدرك أن هذا الغزو من شأنه أن يثير العالم ضده، مضيفًا أنه بعد أن اعتقلته الولايات المتحدة، أثار حيرة المحققين الأمريكيين عندما قال لهم "إذا كنتم لا تريدونني أن أدخل، فلماذا لم تخبروني؟".
ويقدم الكتاب أيضًا صورة قاتمة حول اللاعبين الآخرين في تلك المأساة التي وقعت، مشيرًا في هذا السياق إلى الملك الأردني السابق حسين الذي وصفه بأنه كان بمثابة خادم لأميركا في العالم العربي، وكان يعتقد متوهمًا أنه "من خلال المساعدة في هندسة تغيير النظام في بغداد، فإنه قد يستعيد بطريقة أو بأخرى الحكم الملكي لعائلته الممتدة في العراق".
وتابع أنه عندما كان العراق يبحث عن الأسلحة النووية، كان قادته كثيرًا ما يستشهدون بالنموذج الباكستاني، التي تحركت للحصول على قنبلة نووية لردع الهند وتحقيق التوازن بينها، ونقل عن عالم عراقي قوله إن العراق على الأقل متطور مثل باكستان، ويتحتم عليه أن يكون قادرًا على القيام بذلك، مشيرًا إلى أن العالم الباكستاني عبدالقدير خان استشعر وجود فرصة وتواصل مع العراق بعرض المساعدة الذي رفضه العراق، بحسب ما يؤكد المؤلف كول.
وختم التقرير بالقول إن هناك العديد من الدروس التي يمكن تعلمها من التاريخ المأساوي لحرب العراق، والتي يبرزها هذا الكتاب بوضوح، وهي: أولًا، أن الحروب، بدلاً من أن تحل المشاكل، تثير المزيد من المشاكل. ثانيًا، أن الحروب كثيرًا ما تقوم على افتراضات خاطئة. ثالثًا، أن التفوق العسكري لا يضمن تحقيق النصر. رابعًا، أن الولايات المتحدة تفهم الشرق الأوسط بشكل أقل حتى من بريطانيا التي استعمرت المنطقة لعقود من الزمن. وخامسًا، أن الحكام المستبدين، الذين يحكمون من خلال الخوف، يخدعون أنفسهم باعتقادهم أن المواطنين سوف يتحركون لدعمهم عندما تندلع الحرب.
وخلص التقرير إلى القول إن كتاب "فخ أخيل" يترك بعض الأسئلة الكبيرة بلا إجابات، من بينها ما مدى كفاءة الاستخبارات الأمريكية فيما يتعلق بأجزاء أخرى من العالم، بالنظر إلى مدى عدم كفاءتها فيما يتعلق بالعراق؟ وما إذا كانت الولايات المتحدة ستتعلم أي دروس من الحروب التي تشنها في كافة أنحاء العالم؟ وما إذا كان من الضروري أن تنفق ما يقرب من تريليون دولار على الجيش الأمريكي؟ وعما إذا كان من الأفضل إنفاق هذه الأموال على التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية في الولايات المتحدة؟